كشف مسؤولون ومتخصصون في محافظة ديالى، عمّا وصفوه بـ"حملات سياسية واسعة لشراء واستغلال البطاقات الانتخابية"، فيما أشاروا إلى أن الأمر يأتي عبر "إغراءات"، و"وعود وهمية"، مؤكدين تجاوز سعر بطاقة الناخب الواحدة 100 دينار عراقي.
وفي تموز الماضي، حذّرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية من القيام ببيع وشراء البطاقات البايومترية للانتخابات البرلمانية المقبلة، مهددة باتخاذ "عقوبات رادعة ضد المخالفين"، منها استبعاد المرشحين وكذلك التحالفات والأحزاب التي يثبت عليها الفعل.
وفي هذا الإطار، اتهم عضو مجلس النواب عن محافظة ديالى صلاح مهدي زيني "جهات سياسية"، بـ"استثمار أموال كانت قد سرقتها على مرّ السنوات الطويلة الماضية لشراء البطاقات الانتخابية في ديالى، واستغلال المواطنين والفقراء بمغريات التعيينات وامتيازات وهمية"، مؤكداً "تجاوز أسعارها 100 ألف دينار للبطاقة الواحدة".
وأشار زيني إلى "بلاغات ومعلومات موثّقة من المواطنين وجهات مختصة، تؤكد شراء البطاقات الانتخابية بخطط ممنهجة، وإغراءات تجذب المساكين والفقراء ممن يعانون العوز المعيشي"، داعياً، مفوضية الانتخابات والقضاء والجهات الرقابية، إلى "التدخل وإنهاء هذه الممارسات غير المشروعة، التي تسيء للعملية الانتخابية واهدافها، وتنتهك الدستور العراقي، وتصادر أصوات الناخبين دون أي جدوى".
وتساءل زيني، قائلاً: "هل يمكن لأموال السرقات التي نهبت مقدرات الدولة، أن تبني وطناً، وماذا ستقدم للمواطن، وكيف يمكن بناء سلطة تشريعية تلبي طموح الشعب؟".
ولفت زيني إلى أن "الجهات التي تسرق أصوات المواطنين تعوّل على عمليات سرقة كبيرة تتجاوز أضعاف ما انفقته لشراء الذمم والبطاقات الانتخابية"، مشدّداً على "ضرورة إطلاق حملات حكومية ومدنية ودينية لإجهاض الممارسات الانتخابية غير المشروعة في ديالى وجميع المحافظات".
في المقابل، أكد مدير مؤسسة "الميزان" للإعلام، ومنسّق منظمات المجتمع المدني في ديالى ناظم السيد، "وجود ظاهرة شراء البطاقات الانتخابية".
السيد، تحدث عن "القبض على عدد من الأشخاص حاولوا المساومة للحصول على بطاقاتهم الانتخابية بطريقة غير مشروعة".
واعتبر السيد في حديثه لمنصّة "الجبال"، أن "شراء البطاقات الانتخابية يشكّل تهديداً مباشراً لنزاهة العملية الانتخابية، ويؤثر على شفافية المنافسة بين المرشحين"، مبيناً "في الوقت نفسه، يظهر على الساحة السياسيّة مرشحون حديثو العهد بالمجال السياسي، ما يزيد من أهمية التزام الجميع بالقوانين والإجراءات الرسمية لضمان انتخابات عادلة وشفافة".
ودعا السيد، الجهات الرقابية والمجتمع المدني، إلى "مراقبة العملية الانتخابية والتصدي لأي ممارسات قد تضرّ بمصداقية الانتخابات، وتضعف الثقة العامة بالنظام الانتخابي".
وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني هوشيار زيباري، قد تحدّث في نهايات آب الماضي، عمّا وصفه بـ"استخدام موارد الدولة في الانتخابات"، وشراء بطاقات الناخبين، فيما دعا القضاء وبعثة الأمم المتحدة والمفوضية العليا للانتخابات، إلى اتخاذ إجراءات "صارمة" بحق المخالفين، محذراً في ذات الوقت من أن "تكون الانتخابات المقبلة مغشوشة".
وقال زيباري في تدوينة تابعتها "الجبال"، إن "استخدام موارد الدولة في الانتخابات من خلال تقديم مشاريع وعقود لبعض رجال الأعمال واستثنائها من تعليمات العقود الحكومية، وتعيين قوائم الرعاية الاجتماعية لإنهاك اقتصاد البلد، وتوزيع الأموال على المرشحين بالمليارات، وشراء الكارتات من الناخبين، تؤكد بأن الانتخابات القادمة ستكون مغشوشة".
وأضاف: "وعليه نطالب القضاء العراقي، وبعثة الأمم المتحدة (يونامي)، والمفوضية العليا للانتخابات، لاتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين، وتسميتهم؛ لضمان نزاهة الانتخابات القادمة".
وفي أواسط تموز الماضي، اتهمت النائبة السابقة عن محافظة نينوى، نورة البجاري، أحزاباً سياسية، بـ"التنافس على شراء البطاقات الانتخابية"، وخصوصاً في محافظة نينوى، فيما أشارت إلى أن سعر بطاقة الناخب وصل إلى 250 ألف دينار.
البجاري قالت في تصريح متلفز تابعته "الجبال"، إن "المال السياسي طغى، وخاصة في محافظة نينوى، والأحزاب السياسية بدأت تتنافس فيما بينها على موضوع شراء البطاقات الانتخابية، وبدأوا يستغلّون ظروف الناس، حيث بلغ سعر البطاقة الواحدة 250 ألف دينار".
وأضافت البجاري، أن "المسؤولية تقع على عاتق المواطن، حيث عليه الابتعاد عن هذه الأمور. وحتى أن بعض خطباء المنابر وعلماء الدين حرّموا شراء الذمم"، مشيرة إلى أنه "يجب انتخاب الشخص النزيه والكفوء الذي يستطيع تقديم الخدمة للناس".
وتابعت النائبة السابقة، أن "بعض الأحزاب فقدت مصداقيتها مع الجمهور ولم تقدّم شيئاً، وبدأت تلجأ إلى شراء البطاقات الانتخابية لإثبات وجودها"، مبينة أن "هذه الأحزاب لديها مكاتب اقتصادية ونفوذ سياسي ومال، وللأسف كسبوا هذه الأموال بطرق غير مشروعة وأخذوا يضخّون تلك الأموال من أجل الحفاظ على مقاعدهم".
ذات صلة: طموح الفصائل يمتد بـ"قوة" نحو "مناطق سنية".. هل تؤثر تغييرات المنطقة على مقاعد "المدن المحررة"؟
وكانت مفوضية الانتخابات،، أكدت لجوء بعض المرشحين والتحالفات إلى شراء البطاقات الانتخابية وحددت أسبابه، فيما أشارت إلى أن البطاقة البايومترية محصنة إلكترونياً ولا يمكن استخدامها إلا من قبل صاحبها الأصلي، مذكرّة بالعقوبات القانونية التي تنتظر المرشحين المتورطين بـ"التلاعب" أو استخدام بطاقة انتخابية لشخص آخر.
وقال المتحدث باسم مفوضية الانتخابات، عماد جميل في تصريح صحفي تابعته "الجبال"، إن "بعض المرشحين من الأحزاب والتحالفات يسعون لجمع أرقام البطاقات الانتخابية لغرض معرفة أعداد الناخبين المؤيدين لهم، وفي حال عدم امتلاكهم قاعدة، يلجؤون إلى شراء البطاقات"، لافتاً إلى أن "تلك البطاقات لا تنفع في عملية الاقتراع".
وبيّن جميل، أن "البطاقة البايومترية لا يمكن استخدامها من شخص آخر كونها تتضمن بصمة وصورة الناخب"، مشيراً إلى أن "التحصين الإلكتروني الذي تتضمنه البطاقة يشمل كافة معلومات الناخب".
وأضاف، أن "هذه البطاقة تتوقف عن العمل لمدة 72 ساعة بعد استخدامها، ولا يمكن استخدامها في محطة أخرى، حيث سيظهر في الشاشة بأن الناخب غير مسجل في سجل المحطة الحالية".
وأشار إلى أن "القانون ينص على إحالة المتورطين بالتلاعب أو استخدام بطاقة شخص آخر إلى القضاء، كما يتم استبعاده من الترشح سواء كان مرشحاً فردياً أو ينتمي إلى حزب أو تحالف"، مؤكداً أن "عملية التلاعب بالوثائق الرسمية يترتب عليها مساءلة قانونية سواء إذا كان مواطناً أو مرشحاً".
في السياق: ائتلاف العبادي يحذر من "انهيارات" تواجه الدولة ويتحدث عن "المتلاعبين" بالانتخابات
ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق بتاريخ 11 تشرين الثاني 2025.