رغم الأمراض والجفاف: نحل العراق ينتج سنوياً 850 ألف طن من العسل.. لكن هناك حاجة لدعم حكومي

8 قراءة دقيقة
رغم الأمراض والجفاف: نحل العراق ينتج سنوياً 850 ألف طن من العسل.. لكن هناك حاجة لدعم حكومي

190 ألف خلية و6 آلاف نحال بمواجهة المستورد

يشتهر العراق منذ زمن طويل بإنتاج العسل عبر المناحل المنتشرة في مختلف المحافظات، ويشهد المنتج إقبالاً واسعاً في الأسواق المحلية وسط منافسة شديدة مع المستورد، فيما تتميز محافظة الديوانية بكونها أبرز المحافظات في صناعة العسل من حيث الجودة وكثرة الإنتاج.

 

بالمقابل، فإن مناحل العسل بالعراق تعاني من أوضاع صعبة نتيجة جفاف منابع وروافد المياه، فضلاً عن الأجواء الحارة في الصيف، حيث تؤدي تلك الظروف إلى تفاوت الإنتاج بين عام وآخر.

 

تزايد أعداد خلايا النحل 

 

يقول مدير قسم النحل في وزارة الزراعة، هاشم الزهيري، لـ"الجبال"، إنّ "القسم يعمل على مدار السنوات الماضية للتنسيق المستمر مع المديريات في جميع المحافظات لحصر كميات العسل، وأعداد العاملين في هذا المجال والأوضاع التي يمرون بها من أجل توفير السبل اللازمة لإدامة الإنتاج"، مشيراً إلى أن "الخطط موضوعة بشكل دائم لتطوير هذا القطاع الحيوي في العراق والذي يتميز بجودته المشهودة".

 

وأضاف أن "مناحل العسل تقسم من حيث النحالين القائمين عليها؛ بين المجاز بشكل رسمي وغير المجاز، حيث تشير آخر إحصائية للعام الماضي 2023، إلى بلوغ المجموع الكلي قرابة 6 آلاف نحال في العراق"، مبيناً أن "خلايا النحل قد وصلت إلى 190 ألفاً وهو ارتفاع كبير لها عن 60 ألف خلية كانت مسجلة في العام 2017".

 

أما عن كميات العسل المنتجة في البلاد، كشف الزهيري، عن "تسجيل كميات فائضة في الأسواق المحلية، إذ بلغ الإنتاج نحو 850 ألف طن في العام الماضي، وهو ما يعني تسجيل الخلية الواحدة لمعدل إنتاج وصل 5 كيلوغرامات"، مؤكداً أن "الدعم مستمر لمشاريع المناحل عبر تجهيزها بالمبيدات الخاصة بمكافحة الأمراض التي تصيبها وكل ما يطور عمل النحالين".

 

وأشار إلى أن "أسعار العسل قد انخفضت إلى نحو 25 ألف دينار للكيلوغرام بعدما كانت تصل إلى قرابة 100 دولار وهذا بفعل وجود المستورد في الأسواق المحلية الذي ينافس المنتج الوطني"، داعياً إلى وقف الاستيراد خارج الحاجة خاصة مع وجود "اكتفاء ذاتي في البلاد".

 

وأكد أن "المحافظات الابرز بإنتاج العسل؛ تتصدرها الديوانية وكربلاء ونينوى وواسط والنجف والأنبار وكركوك، لكن ميسان وذي قار وبغداد تعتبر الأضعف، فيما تعتبر مناطق إقليم كوردستان هي الأفضل على الإطلاق بالنظر للمناخ والبرية الموجودة هناك".

 

غياب النباتات الزهرية

 

الجدير بالذكر أن مهنة النحالين تعد وسيلة لكسب الرزق للآلاف من العراقيين في مختلف المحافظات عبر سنوات طويلة، حيث يتوارثها أغلبهم، لكنها باتت اليوم مهددة بخطر كبير يتمثل بالعسل المستورد المكتسح للأسواق، إضافة لخطر أزمة المياه وشح الموارد الذي يؤثر على تربية النحل في الاماكن المخصصة لها ويتسبب بعدم توفر الغذاءعبر الطبيعة.

 

ويشكو النحال مصطفى كريم من محافظة كربلاء عبر حديثه لـ "الجبال"، من "اتساع رقعة التصحر في محافظته وغياب النباتات الزهرية التي تمثل الوجبة الاساسية للنحل في الخلية التي يرعاها"، معتبرا أن "اوضاع تربية النحل باتت غير مطمئنة في السنوات الاخيرة ولغاية الان مع غياب للدعم الحكومي في ظل تفاقم الاوضاع المناخية والطبيعية في العراق".

وتابع كريم، أن "النحل الان بات يعاني من انخفاض مناعته وتزايد الامراض بشكل واسع وهو ما تسبب بتسجيل هلاكات كبيرة جدا وخسائر للنحالين تجاوزت 40 في المئة وهي من الصعوبة تعويضها بموسم واحد"، فيما تحدث عن "توقعات مؤسفة بامكانية ارتفاع نسبة الخسائر لان الاوضاع العامة للبلاد تسير نحو الاسوأ من حيث الاجواء الملائمة".

 

الهجرة إلى كوردستان

ويضيف، أن "هناك مجاميع من النحالين قاموا باللجوء الى نقل الخلايا الخاصة بهم الى مناطق اقليم كوردستان او المحافظات القريبة من الشمال لاختلاف الاجواء والطبيعة هناك وايضا للحفاظ على مصالحهم والعمل على انتاج افضل وباجواء مستقرة"، معتبرا أن "فكرة تحمل عناء الطريق لمتابعة الخلايا بوضعها في محافظات الاقليم لا يستطيع اي نحال القيام بها لوجود تكلفة بالامر اولها التنقل والامر الاخر المكان الخاص بالتربية هناك، ولذلك من يعمل بالمحافظات الجنوبية مستمر بتكبد الخسارة".

 

المستورد والمغشوش

 

ويؤكد كريم، أن "الامر الاخر الذي يحبط العاملين بهذه المهنة هو عدم وجود اجراءات رادعة للمستوردين للعسل من الخارج او القيام بزج كميات صناعية لا تحمل اي جودة حيث يتم استقطاب الناس لها لرخص اثمانها"، لافتا الى أن "العسل العراقي جودته لا يمكن منافسته لان النحل هنا يتغذى على الازهار الرحيقية التي تعتبر من ابرز واجود انواع العسل ولكنه بات يباع بمبالغ تصل نحو 30 الف دينار للكيلو الواحد، مع وجود المستورد الذي يتوفر حتى بمبلغ 3 و 5 الاف دينار للكيلو".

وعن الكميات المنتجة الان مقارنة بالاعوام السابقة، يقول النحال الكربلائي، إنها "انخفضت الى النصف مع ارتفاع او هبوط غير مستقر بالنظر للظروف التي ذكرت"، فيما اشار الى "حاجة النحالين لشمولهم بالسلف المالية ودعمهم بالمبيدات من مناشئ جيدة توازي خطر الامراض الموجودة".

وبالحديث عن سطوة العسل المستورد، فلذلك واقعية بالاسواق على اعتبار العراق من الدول مفتوحة الحدود التجارية مع محيطها وسط تقارير تتحدث عدم وجود رقابة صارمة على سلع بكميات كبيرة من دول إيران وتركيا والصين بضمنها انواع من العسل باسعار بسيطة تغزو الاسواق وتحبط آمال المنتج الوطني في خلايا النحالين، على حد تعبيرهم.

 

انواع العسل العراقي

 

ويمتاز العراق من خلال خلايا النحل التي فيه بانتاج اكثر من 10 انواع من العسل تتقسم حسب  اصناف الزهور والاشجار الموجودة  مثل الكاليبتوس والسدر والرمان بالإضافة الى الورود وبعض النباتات الموسمية.

ووفقا لتقارير رصدت اوضاع النحل في البلاد، فإن وجود الأزهار الرحيقية بكثرة خلال فصل الربيع يعني ضمانا لجودة إنتاج عالية وبكميات تصل الى 40 كغم للخلية الواحدة عكس مواسم الجفاف حيث يتراجع الانتاج بحدود 80% وهو ما وصلته الخلايا في ظل التغيرات المحيطة بالمناحل في وسط وجنوب العراق.

على ذات الصعيد، يرى عضو جمعية النحالين في محافظة الديوانية، جواد الحسناوي، أن "المحافظة تراجعت بمعدل انتاجها على مستوى العراق مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت تحتل فيها المرتبة الرابعة"، فيما عزا سبب ذلك الى "ضعف الدعم اللازم من الحكومة وتفاقم مساوئ المناخ وتغيراته".

 

الحاجة لدعم الحكومة

 

وبين الحسناوي، لـ "الجبال"، أن "النحالين يواجهون صعوبات كبيرة بينها استخدام المزارعين لمبيدات شديدة السمية تؤدي الى قتل الغذاء الذي يعتاش عليه النحل، فضلا عن وجود العسل المستورد في الاسواق باسعار باهظة جدا يقابله غياب لتوفير منافذ التصدير للمنتج المحلي الذي يمتاز بجودته"، فيما اكد أن "الامراض الفتاكة ايضا تمثل صعوبة كبيرة امام الانتاج وتأمين الخلايا من الخسائر التي ارتفعت كثيرا".

ويؤكد أن "الديوانية لديها قرابة 11 الف خلية نحل يعمل عليها اكثر من 500 نحال مختص في تربية النحل منذ سنوات وبينهم من توارثها في عائلته وغيرهم من المستجدين وذوي الخبرة"، مبينا أن "الكميات المنتجة في المحافظة في عام 2023 وصلت الى اكثر من 64 الف طن وهو كميات مرتفعة مقارنة بالانخفاض الحاصل الان نتيجة كل الظروف الحاصلة والتي ادت لتراجع الانتاج الى 30 الف طن اي خسارة بنسبة 50 % عن السابق".

 

ودعا عضو الجمعية، الى "الالتفات للنحالين ودعمهم حكوميا عبر اطلاق التمويل اللازم لاسناد مشاريعهم لما تمثله من ثروة وطنية تعزز صناعة العراق ورفد اسواقه بأجود انواع العسل المحلي"، كما شدد على "ضرورة تطبيق الاجراءات الصارمة بحق المستوردين للعسل الصناعي الذي يباع بمبالغ رخيصة جدا لا تقارن بجودة المحلي واسعاره التي انخفضت اساسا وهي بكميات يمكنها سد حاجة السوق لو توفر لها الدعم اللازم".

 

الجبال

نُشرت في الخميس 19 سبتمبر 2024 08:32 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.