تستمر الاجتماعات التحضيرية لـ "مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات" التي انطلقت أمس في العاصمة العراقية بغداد، حتى الاثنين 22 تموز 2024، موعد انعقاد المؤتمر الدولي الذي سيجمع عدداً كبيراً من السياسيين والشخصيات الأمنية الرفيعة بالعراق والمنطقة، وبحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية فإن المؤتمر هذا العام هو الأكبر.
وتستضيف بغداد، غداً الاثنين، قمة رفيعة المستوى لوزراء داخلية جوار العراق ودول أخرى بالمنطقة، لتوقيع مذكرات تفاهم والتعاون لـ"الحد من آفة المخدرات وانتشارها بالمنطقة"، لاسيما وأن العراق قد "تعرض لهجمة شرسة منظمة من عصابات دولية تنشط خارج حدوده، وتستهدفه في ضرب أبنائه".
ويهدف المؤتمر إلى إقامة منظومة تعاون دولي وإقليمي لمواجهة خطر المخدرات، كجريمة عابرة للحدود، والتعاون الاستخباراتي للحد من تهريبها.
وعقدت الدورة الأولى من المؤتمر، بالعاصمة بغداد، العام الماضي، على مستوى رؤساء الأجهزة الأمنية الخاصة بالمخدرات، بمشاركة دول جوار العراق بالإضافة إلى مصر ولبنان.
الداخلية العراقية: المؤتمر الأول أثمر نتائج كبيرة والثاني هو الأكبر
وقال العميد مقداد ميري، المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، لـ"الجبال"، إن المؤتمر الأول الذي احتضنته بغداد لمكافحة المخدرات، "كانت له ثمار جيدة، ونتائج ناجحة، تمخض عنها تعاون دولي كبير، وإلقاء قبض على شبكات وعصابات دولية"، مضيفاً أن "مؤتمر هذا العام سيكون الأوسع والأشمل والأكبر، بحكم مشاركة تسع دول على صعيد عال في الحدث".
ولأول مرة، سيشهد المؤتمر حضور وزراء داخلية الدول المشاركة إلى بغداد، لمحاربة آفة المخدرات. "وهذا نتيجة جهود وعمل وزارة الداخلية العراقية التي عملت بشكل كبير على هذا الأمر"، بحسب تعبير ميري.
"تفكيك أغلب شبكات المتاجرة"
يرى مسؤولون عراقيون أن خطر الإرهاب تراجع في البلد، وحلّ محله خطر المخدرات. وذكر المتحدث باسم المديرية العامّة لشؤون المخدرات حسين يوسف التميمي، في نيسان الماضي، أن ملف المخدرات هو من أخطر الملفات في العراق وفي الدول العربية والإقليمية، والعالم. والحكومة العراقية الحالية تولي اهتماماً خاصاً بمكافحة المخدرات، ووزارة الداخلية رسمت إستراتيجية خاصة لهذا الملف لثلاثة أعوام من 2023 حتى 2025، بإشراف مباشر من وزير الداخلية عبد الامير الشمري الذي يتابع الملف والعمليات الأمنية في هذا الإطار بشكل يومي.
وأضاف أن ملف المخدرات وفقاً للاستراتيجية الموضوعة، يتّجه باتجاهين، "الأول اتجاه مكافحة عرض المواد المخدرة من خلال وضع خطة أمنية استخبارية استباقية، أسفرت عن تفكيك أغلب الشبكات المتاجرة بالمواد المخدرة. والاتجاه الثاني يعمل على مكافحة الطلب، طلب المواد المخدرة من قبل مدمني ومتعاطي المخدرات. وشروع الوزارة لأول مرة بافتتاح مراكز خاصة لمعالجة المدمنين والمتعاطين، يصل عددها إلى 16".
"العراق محاصر من جانبين"
حسب التميمي، فإن أكثر المواد المخدرة انتشاراً في العراق، هي مادة الـ "كريستال" يتم إدخالها من شرق العراق (إيران)، ومادة (حبوب الكبتاغون) التي تدخل من الحدود الغربية للبلاد (سورية)، لكن "هذا لا يعني أن الدولة الواقعة في شرق العراق أو الدولة الواقعة غربه، هي المتورطة بتهريب المخدرات إلى العراق"، وفق قول التميمي الذي أشار إلى أن "المافيات" منتشرة في كل الدول، وهناك تنسيقاً أمنياً بين المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية بالعراق وكافة الأجهزة المختصة بمكافحة المخدرات في الدول العربية والإقليمية".
"التسليم المراقب"
ولفت التميمي إلى أنه، منذ عقد مؤتمر بغداد الأول لمكافحة المخدرات، "هناك تنسيق يومي بين مديرية مكافحة المخدرات بالعراق والضباط المسؤولين عن الملف بالدول العربية والإقليمية، أسفر عن الإطاحة بشبكات رئيسية ودولية في هذا المجال. ولأول مرّة بتاريخ العراق، نفذت المديرية ثلاث عمليات أمنية تسمّى بـ"عملية التسليم المراقب"، وهي مرور شحنة مخدرات من دولة إلى أخرى، بعلم السلطات وبموافقات قضائية. واستحداث أقسام وشعب مختصة بمكافحة المخدرات ونشرها في كافة المنافذ الحدودية العراقية لمنع عمليات التهريب".
"20 شبكة دولية و204 محلية"
وفي إطار حملتها لاعتقال المتورطين بتجارة المخدرات والممنوعات، والقضاء على عصابات الجريمة المنظمة، أعلنت وزارة الداخلية العراقية في 11 تموز الجاري، عن تفكيك 224 شبكة دولية ومحلية مختصة بتجارة المخدرات. وأوضح المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري، في تصريح لصحفيين، أن الوزارة تمكنت من تفكيك 20 شبكة دولية و204 شبكات أخرى محلية لتجارة المخدرات خلال عامي 2023 -2024، واشتباك الفرق الأمنية، مرات كثيرة، مع تجار المخدرات، أسفر عن مقتل 21 مداناً (13 مداناً عام 2023) و(4 مدانين خلال عام 2024).
في 16 شباط 2024، أعلنت السلطات العراقية عن تفكيك شبكة دولية لتجارة المخدرات، وضبط أكثر من مليوني حبة مخدرة، كان من المخطط توزيعها في عدة محافظات عراقية. وفي 2 نيسان الماضي، أعلنت خلية الإعلام الأمني عن "اعتقال مجموعة إجرامية مكونة من ثلاثة أشخاص يحملون الجنسيات الأجنبية ويرتبطون بشبكة دولية لتهريب المخدرات، ويستخدمون الأراضي العراقية كممر لإيصال المواد المخدرة إلى دول الجوار"، وفي 8 أيار الماضي، أعلن جهاز أمن السليمانية "الأسايش"،تفكيك شبكة دولية لتجارة المخدرات ومصادرة 30 كيلوغرام من مادة الكريستال المخدرة، بالتعاون والتنسيق مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية الاتحادية.
"أرقام مهولة"
وتمكنت القوات الامنية، بحسب إحصائيات الداخلية العراقية، من إلقاء القبض على أكثر من 17 ألف متهم بتجارة وتعاطي المخدرات، وضبط أكثر من 18 طن مخدرات ومؤثرات عقلية خلال عام 2023، وتوقيف 19 ألف شخص على ذمة المديرية العامة لمكافحة المخدرات. فيما سجلت إحصائيات النصف الأول من العام الحالي 2024، القبض على 6 آلاف متورط بالمتاجرة وتعاطي المخدرات، فضلاً عن ضبط 10 أطنان من المؤثرات العقلية.
ويخوض العراق "معركة شرسة مع مشكلة المخدرات، بعد انتشار الظاهرة بشكل واسع بين شرائح مجتمعه، نتيجة الأوضاع المأساوية التي تعاني منها البلاد، المتمثلة بالفقر والبطالة. وإن انخفاض أسعار المخدرات ووفرتها، يعد أحد الاسباب الرئيسة في ازدياد عدد المتعاطين والمدمنين خصوصاً بين الشباب"، بحسب مختصين.