تصاعد جرائم القتل بالعراق وعودة "المجازر": الصيف بريء.. لكن ما علاقة التوترات السياسية؟

5 قراءة دقيقة
تصاعد جرائم القتل بالعراق وعودة "المجازر": الصيف بريء.. لكن ما علاقة التوترات السياسية؟

آب وتموز يسجلان أعلى إحصائية خلال آخر 18 شهراً

مع إعلان وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وبيانات أخرى صادرة عن الوزارة، في الفترة بين أواخر العام الماضي (2023)، وحتى الربع الأول من العام الحالي (2024)، وفي مناسبات عدة، انخفاض نسبة الجريمة في العراق، كما كانت مشاهد اعتقال أي متهم بجريمة جنائية بعد أقل من 24 ساعة من الحدث، ملفتة للانتباه وأعطت شعوراً عاماً بتحسن الإجراءات الأمنية وانعكاسها على الأمن المجتمعي.

 

لكن خلال الشهرين الأخيرين تموز وآب، بدأت تتصاعد الجرائم ، وحتى "المجازر" عادت للظهور، حيث تم تسجيل مجزرتين في محافظة صلاح الدين خلال أسبوع واحد، أدت لمقتل وحرق عائلتين في سامراء وبيجي، بالإضافة إلى الحادثة الشهيرة لمقتل الفنان العراقي براق المهنا على يد اقرباءه أيضاً في شهر آب الماضي.

 

خلال 24 ساعة

 

وخلال الأيام الأخيرة، تكررت جرائم الاغتيال والقتل أثناء المشاجرات التي فاقت حتى النزاعات العشائرية، وخلال 24 ساعة (من صباح يوم الخميس 5 أيلول وحتى صباح الجمعة 6 أيلول) وقعت ما لا يقل عن 10 حوادث مشاجرة في فترة زمنية أحصت "الجبال" خلالها مقتل 3 أشخاص وإصابة 10 آخرين على الأقل.

 

وفي الـ24 ساعة اللاحقة (بين الجمعة والسبت)، تم تسجيل حالة قتل في منطقة الاستكشافات شرقي بغداد، لشخص أقدم على قتل ابنه برصاصة في الرأس، فيما تم العثور على شخص آخر مقتول برصاصتين في الرأس داخل منزله بقرية الدوانم في منطقة الرضوانية، غربي العاصمة.

 

أيضاً في نفس تلك الفترة، تم تسجيل حالة ملاحقة شخصين اثنين لموظف في وزارة الكهرباء في منطقة النهروان، جنوبي شرق بغداد، وعلى الرغم من أن الموظف احتمى لدى أحد المنازل (دخيل لدى العائلة)، اقتحم المهاجمون المنزل وأصابوا صاحب الدار بسكين، وتبين فيما بعد أن السبب كان مشاجرة بفعل مضايقة بين العجلات.

 

كما تم تسجيل مشاجرة بين عدد من الأشخاص في منطقة الشعب في بغداد بالسكاكين، ما أسفر عن مقتل أحد أطراف المشاجرة، كما أصيب 3 آخرين نتيجة نزاع عشائري في شارع الزاملي شرقي العاصمة.

 

أيضاً، أقدم 3 اشخاص على الاعتداء على شرطي مرور (بصفة عقد)، وطعنوه بسكين في قطاع 78 بمدينة الصدر في بغداد، ليصيبوه بجروح خطيرة، كما تم تسجيل مشاجرة بين عدد من الأشخاص في منطقة الغزالية، غربي العاصمة، أدى لإصابة 3 اشقاء بجروح خطيرة أحدهم موظف بوزارة الداخلية صباح يوم الجمعة.

ووقعت مشاجرة وإطلاق نار في المدن الترفيهية بمحافظة الديوانية، أدت لإصابة محامي بسكين برأسه وفقدانه الوعي، فيما أصيب شخص اخر من الطرف الثاني برصاصة في قدمه.

جميع هذه الحوادث العنيفة، والتي أدت لمقتل 3 أشخاص وإصابة 10، حصلت خلال 24 ساعة فقط، منذ صباح الخميس وحتى صباح الجمعة، كنموذج على تعدد الحوادث الأمنية واختلاف نوعياتها، واشاراتها الى مدى التراجع الأمني المسجل.

 

 

أعلى معدلات جريمة

 

وتكشف الأرقام ما يمكن وصفه بـ"التدهور الأمني" الذي يعيشه العراق منذ شهرين، حيث سجل شهر آب الماضي، أعلى حصيلة قتلى منذ نحو عام ونصف العام، حيث بلغ عدد القتلى 52 شخصاً بجرائم متنوعة، فيما كان آخر شهر سجل فيه حصيلة قتلى مرتفعة في نيسان 2023 بـ86 قتيلاً. 

 

بالمقابل سجل شهر تموز الماضي  40 قتيلاً، وهو أيضاً أعلى حصيلة قتل مسجلة منذ بداية العام الحالي، حيث كانت الإحصائيات في أشهر (نيسان، أيار، حزيران) الماضية، لا تتجاوز الـ25 حالة قتل شهرياً.

 

 

عدد ضحايا الجرائم خلال شهر تموز واب 2024

 

 

هل التوتر السياسي يزيد معدلات العنف؟

 

واللافت أن تزايد جرائم القتل والمشاجرات في العراق تزامن مع صعود الخلافات السياسية، فيما لا يوجد دليل واضح على ارتباط تلك الأحداث ببعضها.

 

ويرى مراقبون أن التوتر السياسي ربما يعطي تصوراً أكبر للمجتمعات والقواعد الشعبية بوجود "انفلات من نوع ما"، الأمر الذي يقلل الرادع الأمني في نفوسهم.

 

ويرجح أن التوتر السياسي خلال الأسابيع القليلة الماضية وانشغال الحكومة بأزماتها السياسية ربما بث الإحباط في الحكومة عموماً وأجهزتها الأمنية، فضلاً عن غياب شعور الردع في نفوس القواعد المجتمعية، حسبما يقول المراقبون.

 

"الصيف بريء"

 

يربط الكثيرون تصاعد نسبة الجريمة بارتفاع درجات الحرارة في الصيف، كما ظهر في شهري تموز وآب الأخيرين، لكن الإحصاءات تقول عكس ذلك.

عند مراجعة أرقام الجرائم وفقاً لموقع إحصاء الجثث العراقية (موقع على الإنترنت)، سنجد أنه تم تسجيل الجرائم في الأعوام الثلاثة الماضية على الأقل (2021، 2022، 2023) في الأشهر الباردة. وعلى سبيل المثال كانت أعلى حصيلة قتلى بأحداث جنائية في 2021 جرى تسجيلها في شهري كانون الثاني وتشرين الأول من ذلك العام، وبلغت 64 و65 ضحية على التوالي.

 

أما في عام 2022، فكانت أعلى حصيلة قتلى تم تسجيلها في شهري أيار وكانون الأول، وبلغت 82 حالة في أيار، و90 في كانون الأول وهو شهر بارد.

أما في عام 2023، كانت أعلى حصيلة قتلى قد تم تسجيلها في شهر آذار ونيسان، وهي أشهر ربيعية، حيث بلغ عدد القتلى في آذار  من ذلك العام 76 قتيلا، وفي نيسان 86 قتيلا. والمفارقة  أن أقل عدد قتلى تم تسجيله في عام 2023 كان في شهر حزيران وبلغ 28 قتيلاً، وفي آب، وبلغ 29 قتيلا، وهما من أكثر الأشهر الحارة بالعراق.

 

 

علي الأعرجي صحفي عراقي

نُشرت في الأحد 8 سبتمبر 2024 08:32 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.