انتهت الفترة التجريبية لرفع أسعار البنزين المحسن والحكومة لم تكشف حجم الإيرادات.. ما السر؟

6 قراءة دقيقة
انتهت الفترة التجريبية لرفع أسعار البنزين المحسن والحكومة لم تكشف حجم الإيرادات.. ما السر؟

الخطة تفرض تطبيق القرار لمدة 3 أشهر

يبدو أن الحكومة العراقية مترددة من سخط الشارع في حال إزاحة الستار عن نتائج رفع أسعار "البنزين المحسن"، خصوصاً وأن الخطة التجريبية انتهت منذ أكثر من شهر من الآن، ما يدل على وجود "موانع خفية" وراء الموضوع، بحسب عديدين. 

 

في (26 آذار 2024)، صوت مجلس الوزراء في جلسة عقدت برئاسة محمد شياع السوداني، على زيادة سعر البنزين المحسن من 650 ديناراً للتر الواحد إلى 850 ديناراً للتر، والبنزين الممتاز من 1000 دينار إلى 1250 ديناراً للتر الواحد، اعتباراً من 1 أيار الماضي ولمدة 3 أشهر  على أن يعاد تقييم الأوضاع عقب ذلك.

 

ووفقاً لتقديرات الخبراء، فإن العراق خسر خلال العام 2023 ما يقارب 3 تريليون دينار عراقي على استيراد البنزين المحسن (وهي قيمة الدعم الحكومي للبنزين المحسن)، مؤكدين أنّ هذه الأرقام هي نفسها منذ سنوات.

 

الحكومة لم تتسلم البينات حتى الآن 

 

انتقد عراقيون بشدة قرار زيادة أسعار الوقود، معتبرين أنّ هذه الخطوة "كفيلة برفع أسعار جميع المواد في الأسواق". 

 

ويقول مصدر في مكتب رئيس الوزراء، لـ"الجبال"، إن "الحكومة لا تريد الحديث عن فوائد وسلبيات قضية رفع أسعار البنزين المحسن رغم انتهاء الموعد المحدد للخطة التجريبية التي استمرت لـ 3 أشهر والتي بدأت (1 آيار 2024)، وانتهت (1) آب 2024"

ويضيف المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، أن "الحديث عن الخطة قد يفتح الباب أمام عودة الغضب في الشارع العراقي وبالتالي الحكومة لا تريد إثارة الموضوع مرة أخرى، خصوصاً وأن الشارع الآن ملتهب بقضية تعديل قانون الأحوال الشخصية". 

 

ووفقاً للمصدر، فإن الحكومة إلى الآن لم تتسلم أي بيانات تخص خطة رفع الأسعار ولا تعرف مقدار الفروقات المالية التي تحقق جراء القرار، وحتى التأثيرات على واقع اقتصاد المواطن والسوق عموماً.

 

مجلس محافظة بغداد بدوره أثار أزمة مطلع الشهر الجاري، اذ قام بإدراج فقرة على جدول أعماله تتعلق بتخفيض سعر البنزين المحسن من 850 ديناراً إلى 600 دينار، إلا أن القرارات في نهاية الجلسة خرجت مخيبة للآمال ولم تتطرق إلى هذا الملف، ولم يصدر أي توضيح عن أسباب عدم مناقشته.

 

 

3 مليار دولار سنوياً كفيلة باستيراد الوقود

 

وبالحديث عن الأرقام، قالت شركة توزيع المنتجات النفطية، (16 تموز 2024)، إنها باعت نحو 977 مليون لتر من البنزين (المحسن والعادي والسوبر)، خلال شهر حزيران من العام الجاري، دون الكشف عن العائدات المالية من هذه الأرقام.

 

وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، أن "استيراد العراق للمشتقات النفطية ازدادت خلال السنوات الأربع الأخيرة، نتيجة الزيادة في الاستهلاك والطلب المتزايد على استهلاك الوقود (المحسن عالي الاوكتاين) الذي لا توفره المصافي المحلية". 

 

وفي حديث لـ "الجبال"، يقول التميمي، إن "الاستيرادات السنوية للوقود وصلت إلى نحو 3 مليارات دولار، وهو رقم كبير ومن غير المعقول لبلد يعتبر من كبار منتجي النفط يستورد بنزين بهذه الأرقام". 

 

جاءت الخطوة الحكومية الأخيرة منذ أشهر، والكلام للتميمي، كخطوة جريئة لرفع أسعار بعض المشتقات النفطية بنسبة بين 20 - 30٪، مؤكداً أن "هذه الخطوة رافقتها افتتاح الحكومة لمصفى كربلاء، وأيضاً عودة خطوط إنتاجية في مصفى بيجي".

 

وأعادت الحكومة العراقية خلال العام الجاري، فتح مصفاة الشمال في بيجي بمحافظة صلاح الدين بعد تأهيلها، وذلك عقب إغلاقها لأكثر من 10 سنوات، كما أعلنت نهاية العام الماضي عن افتتاح مصفاة كربلاء النفطية بطاقة إنتاجية تصل إلى 140 ألف برميل يومياً بينها "البنزين المحسن". 

 

ويضيف التميمي، أن "هذه المصافي تمكنت من تغطية نسبة كبيرة من الاستيرادات التي بلغت 15 مليون لتر يومياً"، مستطرداً بالقول: "مثل هذه الخطوة قد تساهم في نهاية العام بتوفير مبالغ كبيرة من الأموال التي تذهب للاستيراد، شرط أن تقوم الحكومة بإجراء إصلاحات في قوانين الشركات العامة ومنها شركات التصفية والتوزيع النفطي لزيادة حصة الخزينة من هذه الإيرادات التي جاءت نتيجة الخطوات الحكومية في إنشاء المصافي الجديدة وافتتاح خطوط الانتاج، فضلاً عن تحديد سعر جديد للمشتقات النفطية". 

 

وقبل أيام قليلة، خرجت وزارة النفط بتصريح جديد عن "البنزين المحسن"، حيث أكدت أن العراق سيحقق الاكتفاء الذاتي من البنزين المحسن العام المقبل، فيما أكدت أنه حقق الاكتفاء من منتجات زيت الغاز والنفط الأبيض.

 

قرار رفع أسعار البنزين سيستمر لفترة طويلة 

 

ووفقاً لأستاذ الاقتصاد في البصرة نبيل المرسومي، فإن تكلفة استيراد البنزين المحسَّن عام 2022 تساوي 1700 دينار لكل لتر، وتعادل تكلفة استيراد البنزين العادي 900 دينار لكل لتر، في إشارة إلى أن الدولة تخسر الأموال عن جميع أنواع البنزين.

بالمقابل يقول مصطفى حنتوش وهو باحث في مجال الاقتصاد، إن "الحكومة الآن غير قادرة على إعادة سعر البنزين المحسن كما كان سابقاً إلا بعد استقرار التصدير في مصفى بيجي وكربلاء الجديد". 

 

وبحسب حديث حنتوش، لـ "الجبال"، فإن العراق إلى الآن يعتمد بشكل كبير على استيراد البنزين المحسن، كون الناتج المحلي لا يستطيع سد الحاجة الكبيرة والمتزايدة في السوق العراقي.

 

ويتابع حنتوش، قائلاً إن "المواطن العراقي هو المتضرر الأكبر من القرار على اعتبار أن رفع سعر الوقود دائماً ما يؤدي إلى رفع كافة المواد الغذائية وغير الغذائية في الأسواق عموماً". 

 

وعن امكانية رفع الأسعار مرة أخرى، يتوقع حنتوش، أن "الحكومة لا تفكر حالياً بهكذا خطوة"، مؤكداً أن "الأسعار الحالية سواءً للبنزين المحسن أو العادي ستبقى طويلاً على هكذا حال". 

 

وبحسب قراءات الخبراء الاقتصاديين، فإن الحكومة كانت تقدم دعماً يصل إلى 20% من قيمة البنزين المحسن والسوبر على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي شكل عبئا على الموازنة المالية.

 

ويستهلك العراق ما بين 27 مليوناً إلى 31 مليون لتر من البنزين في اليوم الواحد، فيما يبلغ الإنتاج بنحو 50% من حاجة السوق، والحديث للخبراء أيضاً.

كما استورد العراق بنزين وغاز منذ العام 2003 إلى غاية الآن بكلفة بلغت نحو 70 مليار دولار أميركي، كما استورد 26 مليون لتر من زيت الغاز شهرياً.

رامي الصالحي صحفي

نُشرت في الخميس 29 أغسطس 2024 01:33 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.