أكد سياسي كوردي في تركيا، إن عملية السلام في تركيا وإعلان حلّ حزب العمال الكوردستاني يضمن إطلاق سراح زعيم الحزب عبدالله أوجلان من السجن، فيما أوضح محللون متخصصون انعكاسات الخطوة السياسية على مستقبل قادة الحزب والكورد بشكل عام في المنطقة، فيما تشير توقعات إلى "إمكانية عودة أعضاء الحزب تحت اسم جديد".
وفي وقت سابق من اليوم الاثنين 12 أيار 2025، أعلن حزب العمال الكوردستاني حلّ نفسه وإلقاء السلاح، وإنهاء جميع نشاطاته ضد الدولة التركية.
وأكد النائب في البرلمان التركي عن حزب الخضر اليساري في آمد، محمد كاماج، لمنصة "الجبال"، أن "حزب العمال الكوردستاني يهدف من ذلك إلى البدء بتنفيذ عملية السلام"، مشدداً على "وجوب إطلاق سراح الزعيم عبدالله أوجلان بعد هذه الخطوة".
لفت كامانج إلى، أن "الاتفاق على حلّ حزب العمال الكوردستاني ضمن الإفراج عن أوجلان"، دون أن يحدّد موعداً لذلك.
وقال: "ربما يحدث ذلك بعد شهر أو بعد ثلاثة أشهر، ذلك غير معروف"، مشيراً إلى "ضرورة التزام الجانب التركي بوقف الحرب من أجل استمرار عملية السلام".
وفيما يتعلق بالزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، والمعتقلين الكورد في السجون التركية، رأى النائب عن حزب المساواة والديمقراطية، أن "حلّ حزب العمال الكوردستاني لا يضمن الإفراج عنهم"، مشيراً إلى أن "هناك مئات آلاف المعتقلين الكورد في سجون تركيا"، وأن "إطلاق سراحهم يتطلب من التنظيمات الكوردية تسوية أوضاعها في إطار القانون التركي وإبداء حسن النية لحل جميع الخلافات والتفاوض بشكل مماثل لما حدث مع حزب العمال".
ومن المنتظر أن يعقد حزب المساواة والديمقراطية الشعبية اجتماعاً اليوم، عقب إعلان حزب العمال الكوردستاني حلّ نفسه وإلقاء السلاح، وفي هذا الخصوص أكد كاماج أن "الحزب سيعقد اجتماعه بهدف اتخاذ موقف وتحديد آلية سياسية يتعامل بها داخل البرلمان وخارجه مع المستجدات في تركيا والمنطقة والعالم".
انعكاسات في شمال سوريا
من جانبه، ذكر نواف خليل، الباحث بمركز الأبحاث الكوردية في ألمانيا، أن "كفاح الكورد في تركيا بدأ بعد توقيع اتفاقية لوزان، ومع تشكيل الدولة التركية الحديثة، بسبب تهميش الدولة التركية لوجود الكورد وحرمانهم من حقوقهم السياسية"، لافتاً إلى أن "ملف العمال الكوردستاني أثّر بشكل مباشر على الأوضاع في شمال سوريا وممارسات تركيا في شمال سوريا على مدى السنوات الماضية".
وقال خليل، إن "هناك بعض الأطراف في تركيا لا ترغب في نجاح عملية السلام، وأن المستجدّ بخصوص حزب العمال الكوردستاني ينعكس على المشهد في شمال سوريا".
بحسب قول الباحث، فإن "عملية السلام ألقت بظلالها على شمال سوريا قبل أن تظهر ملامحها في جنوب تركيا"، والذي أشار في ذات الوقت إلى أن "واحدة من نتائجها كانت إعلان قائد قوات قسد مظلوم عبدي الانتصار في المواجهات المسلحة في جبهة (سد تشرين) عقب 100 يوم من وقوعها مع الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، وهذه كانت إشارة من تركيا عن إمكانية بدء مفاوضات".
وأردف بالقول: "كانت هناك مباحثات قائمة بين قسد والجانب التركي، غير مباشرة وبعضها كان مباشراً"، مبيناً أن "على تركيا تقديم ضمانات للكورد وإيقاف عملياتها العسكرية في شمال سوريا وإقليم كوردستان العراق، كذلك إطلاق سراح عبدالله أوجلان والإفراج عن 1500 معتقل كوردي من أجل استمرار عملية السلام"، مؤكداً: "سيكون للكورد دوراً فاعلاً ومهمّاً في الشرق الأوسط الجديد".
مكاسب سياسية
ورأى المحلل السياسي حسن أحمد، أن استمرار عملية سلام دائم تحتاج إلى رغبة متبادلة والتزام من جانبي الاتفاق. وأن تركيا أقدمت على خطوة "عقلانية" بالاتفاق مع حزب العمال الكوردستاني، استجابة منها للتطورات السياسية الواقعة في الشرق الأوسط، وإدراك الدور المتنامي للكورد في الوقت الراهن.
وعن مستقبل أعضاء العمال الكوردستاني المتواجدين خارج الأراضي التركية، وتشكيلاته وتنظيماته، وإمكانية عودة الحزب باسم جديد، أوضح أحمد، أن "قرار حلّ الحزب غير مرتبط بنشاط الكورد، بل بحزب العمال الكوردستاني كحزب بذاته، ويمكن لأعضاء الحزب العودة تحت اسم جديد، لكن المهم هنا نقطتان: الأولى أن الحكومة التركية حدّدت فترة ثلاثة أشهر لتنفيذ العملية، وأن أعضاء العمال الكوردستاني وقادته لن يتمكنوا من القيام بهذه الخطوة خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة، بل هم بحاجة إلى سنة أو سنة ونصف على الأقل لتنظيم صفوفهم والعودة بحزب جديد. والثانية هي أن من المهم أن يعلم قادة حزب العمال المنحل ما يجري داخل البرلمان التركي، وماذا تتضمن قائمة الإصلاحات المرفوعة إلى البرلمان، القائمة تتألف من 40 نقطة لم يتم الكشف عن مضامينها وعن المواد المتعلقة بالكورد ضمنها، غالبية النقاط فيها تتحدّث عن قضايا داخلية أخرى منها الضرائب والماء والكهرباء".
ولفت في ذات الإطار، إلى أن "الأمر اللافت هو أن قادة العمال الكوردستاني يظهرون حماسة واضحة للخطوة لا توحي بحلّ حزب وإيقاف نشاط سياسي، بل توحي أكثر ببدء نشاط جديد، وهم ينتظرون ويراقبون خطوات الحكومة والبرلمان التركيين في التعامل مع هذا الخصوص".
وبحسب المحلل السياسي، فإن "تركيا تسعى لمكسبين من هذه العملية، الأول: إجبار الكورد على الالتزام بهذا الاتفاق وإلقاء السلاح. والثاني: هو ضمان الأصوات لتعديل المادة 101 من الدستور المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية وكسب صوت الكورد لفوز أردوغان بولاية ثالثة في رئاسة تركيا، فضلاً عن الاستجابة للتغيرات والتبدلات الجارية في المعادلات السياسية في المنطقة".