سحب المياه الجوفية في ذي قار والمثنى: تهديد للمستقبل.. وبحيرة "ساوة" أبرز الضحايا

5 قراءة دقيقة
سحب المياه الجوفية في ذي قار والمثنى: تهديد للمستقبل.. وبحيرة "ساوة" أبرز الضحايا حفر آبار جنوبي العراق (الجبال)

تواجه محافظات جنوب العراق، وخاصة ذي قار والمثنى، أزمة مائية حادة نتيجة الشحّ الحاصل في نهري دجلة والفرات فضلاً عن زيادة عدد آبار المياه الجوفية في تلك المناطق، والذي عدّه المختصون عملية استنزاف للمياه، أدت إلى انخفاض ملحوظ في منسوب مياه الآبار التي تم حفرها على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، في محاولة لتلبية احتياجات السكّان المتزايدة ودعم الزراعة والمشاريع الاستثمارية.

 

الأزمة المائية التي تشهدها المنطقة، دفعت الحكومات نحو حفر قرابة 4500 بئر مائي في ذي قار والمثنى، لاسيما في بادية السماوة ومناطق شرقي وشمالي الناصرية، إلا أن هذه الخطوة رغم أنها كانت ضرورية في البداية قد تسفر عن نتائج كارثية على البيئة بحسب مختصين، حيث نضبت العديد من الواحات والبحيرات الطبيعية وأبرزها بحيرة "ساوة" التاريخية التي شهدت جفافاً تاماً.

 

وبحسب مختصين وخبراء، فإن الوضع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل ويجب على الجهات الحكومية اتخاذ خطوات عاجلة لحماية المياه الجوفية، التي تُعد المصدر الحيوي في جنوب العراق، لتوفير الحاجة اليومية من المياه، فمن دون خطة استراتيجية لوقف الاستنزاف، ستواجه المنطقة خطراً بيئياً واقتصادياً هائلاً.

 

مدير فرع الهيئة العامة للمياه الجوفية في ذي قار علي الصافي، قال في حديث لـ"الجبال"، إن "المحافظة شهدت بداية حفر الآبار المائية في عام 2007، مع بداية عملية الجفاف، واستمرت حتى الآن، وكانت أوج عمليات الحفر التي سجلتها المحافظة في عام 2017، إذ بلغت في حينها 455 بئراً مائياً نتيجة الجفاف وغياب الأمطار ولكن واقع مياه الآبار في ذي قار مختلف عن بقية المحافظات، إذ أن المياه الجوفية تُعد مياه سطحية حيث لا يتجاوز عمق البئر 15 متراً، وتُعد مياه سطحية رسوبية وتستخدم لأغراض استخدامات المنازل والتوطين لحين معالجة واقع المياه".

 

وأشار الصافي إلى، أن "هذه الآبار تمركزت في أقضية شرقي الناصرية وشمالها وبلغت حتى الآن ألف بئر محفورة، وحالياً يتم استخدام قرابة 70% من إجمالي عددها".

 

الأمر قد يكون مختلفاً في محافظة المثنى، حيث يقول مدير فرع الهيئة العامة للمياه الجوفية في المحافظة محمد عبد علي لـ"الجبال"، إن "عدد الآبار في المحافظة بلغت حتى الآن 3500 بئر، وهو ما تم تسجيله بالإضافة إلى آبار متجاوزة وهي قليلة".

 

ولفت إلى، أن "هذه الآبار تتمركز في مناطق البادية وتتراوح أعماقها ما بين 80 متراً إلى 350 متراً، وتستخدم لأغراض مختلفة منها زراعية وفي أنشطة صناعية، وأن زيادة استخدام المياه الجوفية تسبب بانخفاض مناسيبه مما يتطلب زيادة في عمق عملية الحفر وزيادة عدد الآبار"، مبيناً أن "الآبار المتجاوزة كانت سبباً في جفاف بحيرة ساوة".

 

مدير الهيئة العامة للمياه الجوفية في وزارة الموارد المائية، ميثم علي خضير، كشف عبر تصريحات صحفية، نهاية العام الماضي، عن أن "العراق يمتلك خزيناً استراتيجياً جوفياً جاهزاً عند حدوث الأزمات لغرض سدِّ النقص الحاصل في المياه السطحية، وأن الوزارة أعدت خطة مستقبلية تعنى بالإدارة المستدامة للمياه الجوفية، ولا سيما في المناطق الصحراوية التي يصعب تعويضها إلا من خلال الأمطار".

 

أستاذ علم الجغرافيا رحيم عدنان، أوضح في حديث لـ"الجبال"، "أهمية المياه الجوفية ومكامنها في الهضبة الغربية والهضبة الجنوبية التي تشمل محافظات ذي قار والمثنى والبصرة" وقال إن "هذه المياه تعد من المصادر الحيوية التي يسعى العديد لاستثمارها، والمياه الجوفية في هذه المناطق هي مياه ناضبة وغير دائمة، ما يجعل استخدامها بشكل غير منظم يشكل خطراً على استدامتها".

 

وأشار إلى، أن "الاستخدام المفرط للمياه الجوفية يؤدي إلى استنزاف هذا المورد الحيوي، وهو ما يحتم علينا اتباع طرق علمية دقيقة لتنظيم استهلاك هذه المياه من قبيل تحديد مسافات معينة بين الآبار وتنظيم عملية استثمارها بحيث تكون المساحات الكبيرة هي الأحق باستخدام الآبار، مع تجنب الأساليب التقليدية مثل الري السيحي، التي تستهلك المياه بشكل غير فعال وتؤدي إلى تملح التربة، مما ينعكس سلباً على قدرة الأرض على إنتاج المحاصيل الزراعية".

 

كما لفت إلى، أن "العراق يمتلك خزانات مائية جوفية هامة مثل خزان الدمام والهارثة والطيارات، لكن عدم تنظيم استخدام الآبار بالشكل الصحيح يؤدي إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية في الآبار بمقدار يصل إلى 5-6 أمتار، وهذه المشكلة تتسبب في جفاف العديد من العيون الطبيعية، بما في ذلك بحيرة ساوه التي تتغذى على هذه المياه".

 

ووفقا لتوقعات موشر الإجهاد المائي العالمي لعام 2019، فإن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن تصل مياه النهرين إلى المصب النهائي في الخليج العربي.

 

ومؤشر الإجهاد المائي Water Stress Index هو مقياس لندرة كمية المياه العذبة المتجددة المتوفرة لكل شخص في كل عام من إجمالي الموارد المائية المتاحة لسكان المنطقة.

 

 

مرتضى الحدود صحفي عراقي

نُشرت في الأحد 23 فبراير 2025 11:28 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.