"العفو العام": البرلمان يشتكي غموض النصوص.. تعديل على النسخة القديمة أم قانون جديد؟

6 قراءة دقيقة
"العفو العام": البرلمان يشتكي غموض النصوص.. تعديل على النسخة القديمة أم قانون جديد؟

تخفيض أسعار شراء المحكومية من 50 ألف إلى 10 آلاف مقابل يوم سجن واحد

 

كما كان متوقعاً، فقد أثارت القراءة الأولى لقانون العفو العام في البرلمان مطلع الأسبوع، بعد تأجيله أكثر من مرة، المخاوف من شمول "فاسدين" و"متهمين بالإرهاب"، على الرغم أن مشروع القانون يتضمن مادة واحدة لتعريف "الإرهابي".

وبحسب الدائرة الإعلامية بمجلس النواب، فإنّ مشروع القانون المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، تم قراءته للمرة الأولى بجلسة الأحد، وبحضور 177 نائباً، ويهدف لتحديد المقصود بجريمة "الانتماء للتنظيمات الإرهابية" بناء على ما جاء في المنهاج الوزاري الذي أقره مجلس النواب.

ويعتبر قانون العفو العام أبرز مطالب القوى السُنية التي اشترطت إقراره خلال مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، والذي بدوره أدرجه ضمن البرنامج الوزاري، بحسب "نواب سُنة".

 

قانون غير واضح

 

يقول محمد جاسم عضو اللجنة القانونية النيابية، إنّ "مجلس النواب ليس بصدد تشريع قانون جديد للعفو العام، وإنما يعمل البرلمان على إجراء تعديلات للقانون النافذ حالياً بناءً على طلب خاص من الحكومة الحالية". 

وصوّت مجلس النواب العراقي، (25 آب 2016)، على مشروع  قانون العفو الذي أثار أيضاً الجدل في ذاك الوقت، بعد أن فشل في تمريره لعدة سنوات.

وفي حديث لـ "الجبال"، يضيف جاسم، أنّ "أعضاء مجلس النواب ورغم قراءة القانون إلا أنهم لم يفهموا بنوده وتفاصيله، حيث أنّ جميع تفاصيل القانون مبهمة وغير واضحة وغامضة"، مبيناً أن "أغلب أعضاء مجلس النواب لم يكونوا مع عرض القانون للقراءة، إلا أن رئاسة البرلمان أصرت على تمريره". 

ويشير جاسم، إلى أن "اللجنة القانونية النيابية ستعمل الآن على إجراء مباحثات ودراسات واسعة لتوضيح كافة بنود القانون، فضلاً عن استضافة المسؤولين في الحكومة العراقية لمعرفة توجهاتهم وأسباب ومبررات سعيهم لتمرير القانون". 

ووفقاً لجاسم، فإن القانون النافذ يمنع شمول المتهمين بقضايا الإرهاب وقضايا الاتجار بالبشر وتهريب الآثار وغيرها من الجرائم بالعفو، لكن التعديل الجديد ينص على إجراء بعض التغييرات بفقرة (الفئات غير المشمولة)، وبالتالي هنا يمكن شمول الإرهابيين وغيرهم بالعفو.

الاتفاقات والتوافقات السياسية، والكلام لجاسم، لا تعني للبرلمان واللجنة القانونية شيئاً، مؤكداً أن لجنته ستعمل على "إعادة صياغة التعديل الجديد بما يضمن عدم شمول الإرهابيين وغيرهم بالعفو العام المقبل".

ويعرف القانون جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بأنه "كل من عمل في التنظيمات الإرهابية، أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي، أو وجد في سجلات التنظيمات الإرهابية". 

 

المال مقابل الإفراج

 

وعن المادة القانونية المثيرة والمتعلقة بإمكانية شراء المحكوم فترة العقوبة مقابل مبلغ مالي عن كل يوم حبس، يقول عضو اللجنة القانونية إنّ "القانون العفو العام النافذ (الحالي) يتضمن مادة تمنح فرصة للمحكومين لتقليل مدة عقوبتهم أو إنهائها بدفع 50 ألف دينار مقابل كل يوم".

ويوضح جاسم أنّ هذه المادة "لا تشمل جميع الجرائم (لا تشمل المتهمين بالإرهاب وغيرها من الجرائم الكبيرة التي تمس الأمن الوطني)، وإنما للجرائم البسيطة فقط".

وحكم على آلاف العراقيين خلال السنوات السابقة، بحسب نواب ومسؤولين، وفقاً لبلاغات "المخبر السري"، أو عن طريق انتزاع الاعترافات بالتعذيب، الأمر الذي دفع بعض القوى السياسية إلى السعي لتضمين القانون الجديد فقرات تمنح السجناء حق التظلم وتقديم أدلة تثبت براءتهم، وطلب إعادة محاكمتهم من جديد.

 

مقترحات جديدة

 

الخبير القانوني، أحمد العبادي، يرى خلال حديثه لـ "الجبال"، أن تمرير قانون العفو العام من قبل مجلس النواب، "لا يتعارض أبداً مع فقرات الدستور العراقي".

ويضيف العبادي، أن "القانون يمكن أن يسمح لجميع من في السجون بالخروج بالعفو العام، لكن وفقاً للتقديرات فإن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية لن تسمح بخروج الإرهابيين من السجون العراقية". 

وحول دفع أموال مقابل شراء سنوات المحكومية، فيقول العبادي، إن "هناك مقترحاً في القانون الجديد من أجل تخفيض المبلغ الذي كان يقدر بـ 50 ألف دينار لـ 10 آلاف دينار عراقي"، معبراً عن رأيه بهذه المادة بالقول إن "هذه المادة مخالفة كبيرة للدستور العراقي كونها ستعمل على إجراء تمييز بين المحكومين".

ويوضح الخبير القانوني، أن "هذه المادة تسمح لسراق المال العام بدفع الأموال مهما كانت قيمتها من أجل الخروج من السجن وبالتالي فإن نفس هؤلاء الأشخاص سيعودون للمجتمع للقيام بنفس الأمور".

وتشهد السجون العراقية اكتظاظا بالنزلاء، بحسب ماكدته وزارة العدل العراقية (14 نيسان 2023)، أنّ نسبة الاكتظاظ في السجون وصلت إلى 300%، فيما أشارت إلى أهمية بناء مدن إصلاحية جديدة لمعالجة قضية الاكتظاظ.

وتشير التقديرات غير الرسمية، إلى أن عدد السجون في العراق تبلغ 30 سجناً، وتضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا الإرهاب بينهم أكثر من 1500 امرأة.

 

اختبار لـ"القوى السُنية"

 

في غضون ذلك يقول الباحث في الشأن السياسي ياسين عزيز لـ "الجبال"، إن "قانون العفو العام تعتبره الكتل السياسية من المكون السني تحدي كبير من أجل إثبات جديتها وقوتها أمام الشارع السني".

ويتوقع عزيز، أن "تمرير القانون الجديد سيشكل منعطفاً مهماً في علاقات الأحزاب السنية بقوى الإطار التنسيقي، لذا فإن أي عرقلة أو إعاقة لتمرير القانون في مجلس النواب سيؤثر بلا شك في مستقبل علاقات هذه الأطراف". 

وبحسب الباحث، فإن مستقبل أي مفاوضات حول تشكيل ملامح العملية السياسية خلال المرحلة المقبلة لا سيما حسم منصب رئاسة البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة، مرهون بتمرير هذا القانون.

وفي بيان صدر الشهر الماضي عن المفوض السامي لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عبر الأخير فيه عن قلقه من تنفيذ أحكام الاعدام، مؤكداً أن "عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات مشوبة بالتعذيب، بموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية". 

ووفقاً لنفس البيان، فإن المفوض السامي عد عقوبة الإعدام التي تنفذها السلطات بمثابة "استخدام سياسي لملف الإعدام، ضد مكون معين، وهم السُنة".

 

 

 

رامي الصالحي صحفي

نُشرت في الاثنين 5 أغسطس 2024 08:28 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.