تدفع فكرة، قد لا تتحقق، أحزاب وشخصيات سياسية إلى إجراء زيارات ميدانية لمناطق زراعية في بغداد، وفي الأطراف، والإعلان من هناك عن إطلاق مشاريع خدمية استعداداً لانتخابات 2025، والتي لم يحدد الموعد النهائي لها، ومن غير المعلوم حتى الآن إن أجريت أو لا، كما أن بعضهم يتحدثون عن "انتخابات مبكرة"، أشار لها بعض القيادات السياسية خلال الأشهر الأخيرة.
هذه الجولات، تصب أحياناً في صالح بعض المواطنين في المناطق المحرومة من الخدمات، على الرغم من أن غالبية سكان تلك الأحياء غير متأكدين فيما لو أنهم فهموا جيداً ماذا يعني هؤلاء السياسيين بـ"الانتخابات المبكرة".
وشهدت التجارب الانتخابية العامة في العراق، تراجعاً تدريجياً في عدد المشاركين، بنسب تزيد قليلاً عن الـ40%.
وشهدت منطقة المكاسب جنوب غرب بغداد، وهي إحدى المناطق الزراعية المحرومة من الخدمات العامة، زيارات سابقة لـ عدد من الزعامات السياسية والمرشحين الذين أطلقوا وعوداً لأهالي المنطقة، تضمنت إيصال الكهرباء الوطنية وتعبيد شوارع المنطقة.
والتقى هؤلاء خلال الزيارات عدداً من وجهاء المنطقة والقبائل، وطرحوا عليهم ترشحهم للانتخابات القادمة، التي يفترض أن تجري في 2025، فيما تنوعت الوعود بين الكهرباء والتبليط، لكنها خلت من "التعيينات".
مساعدات مالية
يقول الحاج مزهر العاني أحد وجهاء منطقة المكاسب في حديث لمنصة "الجبال": "زارنا مؤخراً أكثر من مرشح وطالب بضرورة دعمه في الانتخابات".
ويضيف: "وزع بعض المرشحين مبالغ نقدية على المواطنين المتعففين في المنطقة، ووعدوا بتحسين الأحوال المعاشية للمعوزين عبر شمولهم براتب شبكة الحماية الاجتماعية".
ويؤكد العاني أن "هؤلاء المرشحين غالباً ما يأتون بصحبة مختار المنطقة أو أحد الوجهاء والشخصيات المعروفة في المنطقة".
وشهد حي السلام الواقع في منطقة حي الجهاد ببغداد، زيارة أكثر من مرشح ومسؤول أيضاً، للاطلاع على حال المنطقة، وأطلقت مع هذه الزيارات وعود شتى بتحسين الواقع الخدمي.
يقول الحاج جبار رسن (66 عاماً) أحد سكنة الحي في حديث لمنصة "الجبال"، إن "حي السلام يعاني من سوء الخدمات والإهمال"، منوهاً إلى أن "أهالي الحي ومع عدم علمهم بالانتخابات، لكنهم فرحوا بزيارة المرشحين، لأن فترة الانتخابات تكون فترة خصبة من ناحية تفعيل الخدمات".
وتأتي هذه الحملات في أعقاب دعوات أطلقتها كيانات سياسية لإجراء انتخابات تشريعية من غير المعلوم حتى الآن إن أجريت أو لا.
صورة مع "حفرة"
التدريسية في كلية العلوم السياسية ياسمين المالكي قالت لـمنصة "الجبال"، إن "موضوع الجهد الخدمي والهندسي هو واجب الحكومة ومن المعيب أن يظهر قبل الانتخابات المرشحين وهم يصورون إنجازاتهم بحفرة في الطريق الرئيسي أو مد عمود كهرباء أو إدخال السبيس".
وتضيف: "المرشح يستغل ظروف مواطني المناطق الجديدة والزراعية والنائية".
وكان زعيم دولة القانون نوري المالكي، دعا في أكثر من مناسبة إلى إقامة انتخابات مبكرة مطلع العام المقبل، بينما أشار رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بلقاء متلفز في 20 أيلول الماضي، إلى أن "الانتخابات المبكرة ستجرى في نيسان أو أيار 2025".
واعتبر الحلبوسي أن "هذه الانتخابات أصبحت ملزمة وفقاً للمنهاج الوزاري الذي صوّت عليه البرلمان".
وتصطدم هذه الدعوات مع آراء القوى السياسية الأخرى، التي ترى أن الوقت غير ملائم للدخول في مناقشة هذا الموضوع، وتفضل استمرار الحكومة الحالية.
مزاج سياسي
في هذا الشأن، يقول المحلل السياسي علي البيدر، لمنصة "الجبال": "لا أعتقد بوجود ضرورة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، لأن ذلك من شأنه أن يفرز مفهوماً جديداً يفرض نفسه على المشهد السياسي".
وأضاف أن "الانتخابات المبكرة تربك المشهد وتقود إلى خيارات غير منطقية ، وأن الدعوات لإجرائها تأتي وفق مزاج سياسي وليس وفق رؤية ناضجة أو وفق طروحات ذات أبعاد عميقة، وخاصة مع توتر الأحداث التي تشهدها المنطقة"، مبيناً أن "حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد في ظل الحكومة الراهنة لا تحتم إجراء انتخابات مبكرة".
ويرى البيدر أن "المشهد الافتراضي بعد الانتخابات لا يتيح للقوى التي تشكل منها ائتلاف الحكومة الاستمرار بنفس الإمكانية، إذ ستكون هناك إزاحة تفرض نفسها، وسيحصل تدافع سياسي بعد مشاركة جديدة من المكونات، وقد يطرأ واقع جديد، إلا أن نسبة التغيير فيه لن تكون كبيرة".
حملات انتخابية
وعلى الرغم من عدم طرح موضوعة الانتخابات المبكرة بشكل رسمي، إلا أن عدداً من الذين ينوون الترشيح أطلقوا حملات عبر مواقع التواصل لاجتماعي، وبدأ بعضهم ترويج برنامجه الانتخابي في هذه المواقع وسط صمت مطبق من قبل المفوضية العليا للانتخابات.
ونشر بعض المرشحين في منصات التواصل الاجتماعي اهدافهم وبرامجهم الانتخابية، فيما لم تعلق مفوضية الانتخابات على الدعايات الانتخابية الحالية، واكتفت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي بالرد على ذلك بعبارة "لا تعليق"، فيما يقول خبراء القانون إنه لا يجب إطلاق كلمة "مرشحين" على هؤلاء لعدم وجود انتخابات.
ويؤكد الخبير القانوني الدكتور قتادة صالح فنجان في تصريح لمنصة "الجبال"، أن "قانون الانتخابات يحدد فترة معينة للدعايات الانتخابية، تسبق الانتخابات بثلاثين يوماً أو ما يقارب، ومن حق المرشح أن يروج لنفسه خلال هذه الفترة".
ويقول إن "الترويج الانتخابي خارج هذه الفترة غير جائز، ويعد مخالفة قانونية واضحة"، مشيراً إلى أن "ما يجري الآن من زيارات للتعريف بالأشخاص والبرامج الانتخابية، هي مخالفات قانونية، نحذر المواطنين من التعاطي معها".