طوابير السيارات أمام محطات الوقود للحصول على "الكاز" في بغداد.. ما أسباب الأزمة؟

7 قراءة دقيقة
 طوابير السيارات أمام محطات الوقود للحصول على "الكاز" في بغداد.. ما أسباب الأزمة؟

العاصمة تستهلك يومياً 30 مليون لتر "كاز"

يقضي أصحاب عجلات "الحمل" و"النقل" في بغداد عدة ساعات في طابور طويل أمام محطات الوقود، دون ضمان الحصول على "الكاز"، حيث شهدت العاصمة أزمة حادة في توفير مادة "الكاز" خلال الأيام القليلة الماضية، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الوقود بالسوق السوداء، وإثارة غضب الشارع.

 

ووفقاً لمختصين، فإن هذه الأزمة تعكس فشلاً في إدارة الموارد وتلبية احتياجات المواطنين الأساسية، وتأثر العراق مع حصول أي أزمة بالنفط إقليمية أو محلية، ما يكشف سوء الخطط الإستراتيجة لدى المؤسسات الحكومية.

 

 

أمام محطات الوقود  

 

واشتكى مواطنون من أزمة حادة في توفير مادة "الكاز" في محطات الوقود، حيث تتكرر مشاهد الطوابير الطويلة أمام المحطات لعدة أيام بسبب قلة الكميات المتوفرة الأمر الذي تسبب في حالة من الاستياء والغضب الشعبي.

 

ويقول "أبو علي"، وهو أحد سائقي سيارة "الكيا"، التي تعمل على مادة الكاز، لمنصة "الجبال"، "شهدت أغلب محطات الوقود في بغداد تكدس المئات من السيارات ولساعات طويلة أمام للحصول على كمية قليلة من الكاز". 

 

وأضاف أن "أسعار الكاز ارتفعت بشكل كبير في السوق السوداء، وهو ذو جودة سيئة"، مبيناً أنّ "هذا الارتفاع مع الشحة في المحطات ستؤثر سلباً على جميع الأسعار في بغداد، لأن المشتقات النفطية بتماس مباشر مع قوت المواطنين". 

 

بالمقابل يقول "محمد الحسن"، وهو أيضاً كان قد انتظر ساعات طويلة أمام محطة وقود في بغداد للحصول على "الكاز"، إن "أسباب هذه الأزمة متعددة، منها سوء التوزيع، والفساد، والتلاعب بالأسعار، بالإضافة إلى زيادة الطلب على الكاز".

وطالب الحسن، الحكومة والجهات المعنية، بـ"اتخاذ إجراءات عاجلة لحل هذه الأزمة، من خلال زيادة الكميات المتوفرة من الكاز، وتفعيل الرقابة على محطات الوقود، ومكافحة التلاعب بالأسعار، وتوفير بدائل للكاز بأسعار معقولة".

 

وعلى إثر هذه الأزمة، قررت لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في مجلس النواب العراقي، يوم الجمعة الماضية، استضافة عدد من المسؤولين في وزارة النفط في خطوة عاجلة لمناقشة أزمة مادة الكاز التي تضرب البلاد.

واطلعت منصة "الجبال"، على وثيقة رسمية من اللجنة تتضمن استضافة وكيل وزارة النفط لشؤون التصفية ومدير شركة مصافي الوسط ومدير مصفى كربلاء، لمناقشة الأمور الحيوية المتعلقة بقطاع التصفية.

 

المشتقات النفطية: سيطرنا على الأزمة 

 

في الاثناء يقول محمد شبر، مدير توزيع المنتجات النفطية في العراق، إن "أزمة (الكاز)، التي انتشرت في بغداد خلال اليوميين الماضيين انتهت بشكل كامل"، مبيناً أن "الأزمة سببها زيادة تجهيز المولدات الأهلية والحكومية والبالغ عددها أكثر من 5500 مولدة تقريباً".

 

وفي حديث لمنصة "الجبال"، يوضح شبر، أن "محطات التعبئة الآن أصبحت تستقبل السيارات لغاية الساعة الـ 12 ليلاً من أجل تخفيف الأزمة"، مشيراً إلى أن "الحركة الآن في المحطات طبيعية والأزمة قد اختفت بشكل كامل".

 

ووفقاً لشبر، فإن إنتاج العراق من مادة الكاز كافي جداً لسد الحاجة، لكن الأيام القليلة الماضية شهد انخفاض بسيط في التجهيز، لسبب دخول مصفى كربلاء في مرحلة الصيانة الدورية التي تستغرق 15 يوماً.

 

وعن نسبة استهلاك بغداد من (الكاز)، أشار شبر إلى أن "بغداد تستهلك مابين الـ 28 إلى 30 مليون لتر يومياً"، مستطرداً بالقول إن "العراق لا يستورد الكاز، وإنما فقط البنزين المحسن وسيقطع الاستيراد العام المقبل". 

 

وكان وزير النفط الأسبق جبار اللعيبي، أعلن في العام 2018، في بيان رسمي وقف استيراد مادة زيت الغاز "الكاز" ولأول مرة بعد عام 2003، بسبب ارتفاع معدلات إنتاجه من المصافي العراقية.

 

إلا أن وزارة النفط العراقية قالت (في ايلول 20204) خلاف ذلك، حيث أكدت أنها أغلقت ملف استيراد زيت الغاز "الكاز" والنفط الأبيض خلال العام الجاري.

وصوّت المجلس الوزاري للاقتصاد، العام الماضي، وفق بيان صدر عن وزارة النقل على "خفض سعر زيت الغاز (الكاز) من 750 ديناراً للتر الواحد إلى 400 دينار، بما ينعكس إيجاباً على إيرادات النقل البري ونقل المسافرين والوفود". 

 

لكن في المقابل، رفعت الحكومة العراقية خلال العام الجاري، سعر اللتر الواحد من البنزين المحسن (عالي الأوكتان) من 650 ديناراً إلى 850 ديناراً، والبنزين الممتاز من 1000 دينار إلى 1250 ديناراً للتر الواحد، اعتباراً من 1 (أيار) الماضي.

 

زيادة الطلب

 

بدوره يقول كريم عقراوي، وهو باحث متخصص في مجال النفط، إن "هناك العديد من الأسباب تقف وراء الأزمة أبرزها تخفيض إنتاج المصافي، حيث خفض العراق لإنتاجه بنحو 90 ألف برميل يومياً في سياق التزامه بحصص الإنتاج الجديدة منذ سبتمبر الماضي". 

 

الأسباب الأخرى تكمن بتوقف مصفى كربلاء، والكلام لعقراوي، حيث توقف المصفى عن إنتاج حوالي 4 ملايين لتر من الكاز يومياً بسبب أعمال الصيانة، مشيراً إلى "نقص المستودعات الكافية لتخزين الكاز لمواجهة التوقفات المفاجئة في المصافي". 

 

وفي حديث لمنصة "الجبال"، يوضح عقراوي، أن "هناك زيادة في الطلب المحلي نتيجة النمو السكاني والاقتصادي، وعدم استعداد وزارة النفط لمواجهة هذا التزايد". 

 

وبحسب الإحصائيات الرسمية التي صدرت من وزارة النفط، خلال شهر تموز الماضي، فإن العراقيين استهلكوا خلال شهر حزيران الماضي أكثر من 33 مليون لتر من البنزين يومياً، فضلاً عن أكثر من 31 مليون لتر من الكاز يومياً.

 

وكان الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، تحدث في وقت سابق عبر صفحته في "فيسبوك"، عن أسباب شح مادة "الكاز في العراق"، معتبراً أن "العرض الحالي من المصافي العراقية لمادة "الكاز" غير كافي لتغطية الطلب المحلي المتزايد".

وبحسب المرسومي، فإن هناك 6 أسباب وراء شح مادة الكاز في البلاد وهي:

أولاً: تخفيض العراق لإنتاج المصافي في سياق التزام العراق بتخفيض إضافي في حصته الإنتاجية في أوبك بلس مقدارها 90 الف برميل يوميا في شهر أيلول الماضي.

ثانياً: توقف مصفى كربلاء عن العمل منذ 25 أيلول الماضي ولمدة شهر لأغراض الصيانة، علماً أن المصفى كان ينتج 4 ملايين لتر يوميا من مادة الكاز.

ثالثاً: عدم وجود مستودعات خزن كافية لمواجهة الصيانة الدورية للمصافي والتوقفات المفاجئة في المصافي.

رابعاً: ارتفاع معدلات تهريب الكاز الى دول الجوار.

خامساً: اتساع السوق السوداء داخل العراق واستخدام أساليب متنوعة في شراء وخزن الكاز ثم بيعه بأسعار مرتفعة وصلت إلى أكثر من ضعف سعره الرسمي.

سادساً: عدم تحسب وزارة النفط للتغيرات المتصاعدة في الطلب على الكاز الناجمة عن نمو السكان والنمو الاقتصادي. 

 

 ماهي الحلول؟

 

يقول عقراوي، الخبير النفطي، إن "إعادة تشغيل جميع المصافي بكامل طاقتها وزيادة الإنتاج لتلبية الطلب المحلي، فضلاً عن بناء مستودعات جديدة لتخزين الكاز لمواجهة التوقفات المفاجئة".

وأضاف: "يجب كذلك مكافحة الفساد المستشري وتعزيز الرقابة على الحدود للحد من تهريب الكاز، بالإضافة إلى تنظيم السوق المحلية للحد من توسع السوق السوداء وضمان توفر الكاز بأسعار معقولة، جميعها ستعمل على الحد من أي أزمة مستقبلية". 

وتابع قائلاً إن "العراق ينتج الكاز من خلال مصافيه المحلية مثل مصفى كربلاء ومصفى الدورة، بينما يستورده من دول مجاورة مثل إيران والكويت لتلبية الطلب المحلي المتزايد". 

 

ووفقاً لعقراوي، فإن هناك علاقة بين نقص "الكاز" في العراق والتوترات النفطية في منطقة الخليج، إذ أن التوترات السياسية في منطقة الخليج الأوسط تؤثر بشكل مباشر على إنتاج وتوزيع النفط، مما يؤدي إلى تقلبات في الأسعار ونقص في الإمدادات.

رامي الصالحي صحفي

نُشرت في الأحد 13 أكتوبر 2024 05:43 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.