خاص| الإعلام و"المال السياسي" في الانتخابات.. كيف تجري عمليات التضليل و"شيطنة الخصوم"؟

خاص| الإعلام و"المال السياسي" في الانتخابات.. كيف تجري عمليات التضليل و"شيطنة الخصوم"؟ دعايات انتخابية في العراق (اندبندنت عربية)

مع اقتراب الموسم الانتخابي في العراق، يطفو على السطح جدل وحديث عن "المال السياسي" و"دوره" في توجيه مسار الانتخابات، إلى جانب "الإعلام الانتخابي" الذي تحوّل من مساحة للتنافس على الأفكار والبرامج إلى ساحة مدفوعة الثمن تُدار فيها الصورة والخطاب والمعلومة، بحسب مراقبين وباحثين.

 

يبدأ الحديث عن "المال السياسي"، بالتصاعد قبل أشهر من موعد الاقتراع، حيث تبدأ أصابع الاتهام تتوجه صوب بعض الكتل الكبيرة بـ"ضخ الأموال لتأمين مواقعها في الإعلام أو عبر الحملات الميدانية"، وذلك في ظل دعوات لإصلاح شامل يشمل الجانب المالي والإعلامي للعملية الانتخابية.

 

شراء إعلانات تلفزيونية وتغطيات إخبارية

 

ويقول أحد العاملين السابقين في مجال إدارة الحملات الانتخابية، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "بعض المرشحين لا يكتفون بشراء الإعلانات التلفزيونية، بل يشترون التغطية الإخبارية ذاتها".

 

متحدثاً عن "مكاتب متخصصة"، قال إنها "تعرض خدمات تغطية إيجابية في نشرات الأخبار أو تقارير ميدانية تُقدَّم على أنها محايدة، لكنها في الحقيقة ممولة بالكامل من المرشح".

 

وبحسب مراقبين، "لا توجد شفافية في إعلان مصادر التمويل الإعلامي، كما أن مفوضية الانتخابات وهيئة الإعلام والاتصالات لا تملكان آليات دقيقة لرصد الإنفاق الفعلي على الحملات".

 

بيئة لشيطنة الخصوم

 

في المقابل، تقول الأكاديمية والباحثة في الشأن الإعلامي العراقي زينب السعدي، إن "المال السياسي أصبح هو من يحدّد من يُرى ومن يُسمع في الفضاء الإعلامي".

 

وتابعت: "عندما يمتلك المرشح أو الحزب قناة فضائية أو يمول صفحات واسعة على فيسبوك وتيك توك، فهو لا يقدّم برنامجه الانتخابي، بل يصنع بيئة كاملة تروّج لصورة مثالية عنه وتشيطن خصومه".

 

من جانبه، يرى خبير التسويق الإلكتروني محمد العكيلي، أن "الحملات الرقمية الانتخابية أصبحت أكثر تأثيراً من الحملات التلفزيونية، لأنها موجهة بدقة نحو الفئات المستهدفة، وتستخدم عواطف الناس ومشاعرهم الدينية أو القومية أو حتى إحباطهم السياسي للتأثير في قراراتهم".

 

إذن، من يراقب كل ذلك؟ الجواب كما يقول مراقبون: "يكاد يكون لا أحد. فالقوانين العراقية تنص على تحديد سقف مالي للحملات الانتخابية، لكنها لا تحدد بدقة كيفية مراقبة الإنفاق الإعلامي، ولا تملك المفوضية أدوات مالية أو مصرفية لرصد التدفقات النقدية التي تُستخدم في الدعاية. كما أن معظم العقود الإعلانية تُبرم خارج الأطر الرسمية، وغالباً بأسماء وهمية أو عن طريق وسطاء".

 

ثغرات قانونية

 

ويشير الخبير القانوني أحمد الربيعي في هذا الإطار، إلى أن "القوانين الانتخابية الحالية لا تواكب الواقع الإعلامي الجديد، لأن جزءاً كبيراً من الحملة يُدار عبر الإنترنت، وهو فضاء يصعب تتبعه مالياً وقانونياً. حتى القنوات الفضائية تستغل ثغرات قانونية لتقديم خدمات ترويجية تحت مسميات البرامج الحوارية أو التغطية الخاصة".

 

وأضاف: "المال السياسي لا يظهر فقط في الإعلام، بل يمتد إلى القاعدة الشعبية مباشرة. فقبل أسابيع من الانتخابات، تبدأ أنشطة خيرية ومبادرات خدمية مفاجئة في الأحياء الفقيرة، تُوزع فيها بطانيات أو سلال غذائية، أو تُرمم شوارع بإشراف جمعيات مدعومة من مرشحين. وفي كل هذه المشاهد، يكون الإعلام جزءاً من العرض".

 

ضغوط ومخاطر

 

ويقول أحد المراسلين المحليين في بغداد، رفض الكشف عن اسمه، إن "هناك ضغطاً كبيراً من إدارات القنوات لتغطية نشاطات مرشحين محددين فقط؛ لأنهم ممولون رئيسيون للمؤسسة"، مبيناً أن "الصحفي الذي يرفض ذلك يجد نفسه خارج التغطية أو يُنقل إلى قسم آخر".

 

ويُقرّ بعض العاملين في مجال الإعلام بأن "الصراع المالي ينعكس أيضاً على المضمون الصحفي. فكلما زاد المال، زادت جودة الصورة والإخراج والتقنيات، لكن تقلّ المسافة عن الدعاية. وبينما تعتمد بعض الوسائل على بيع الوقت الانتخابي بأسعار محددة، فإن أخرى تكتفي بصفقات سياسية تضمن لها الدعم أو الحماية في المستقبل".


الجبال

نُشرت في الجمعة 7 نوفمبر 2025 04:48 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.