مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل، يتوقع متخصصون صرف ملايين الدولارات على الدعاية الانتخابية من قبل الأحزاب السياسية، بينما يحذّر آخرون من استغلال المال السياسي في الدعاية الانتخابية والمنافع الشخصية، في وقت يرجّح فيه باحثون أن تكون نتائج الانتخابات "مخيبة" لبعض الكتل الكبيرة.
وفي هذا السياق، قال المتخصص في الشؤون الاقتصادية حيدر الشيخ، في حديث لـ"الجبال"، إنه "حسب قانون الموازنة العامة للدولة الاتحادية صوّت مجلس الوزراء في شهر كانون الثاني للعام 2025 على تخصيص 394 مليار دينار لغرض دعم و تغطية تكاليف إجراء الانتخابات التشريعية".
وبيّن الشيخ، أن "الأحزاب السياسية والقوائم الانتخابية لم تقف عند رقم محدد في تحضير وتمويل الحملات الانتخابية، حيث هناك ملايين الدولارات تصرف على الحملة الانتخابية من قبل رؤساء الأحزاب السياسية البارزة وخصوصاً أصحاب التسلسلات الأولى في القوائم الانتخابية".
صرف أكثر من المخصّص والنتائج قد تكون مخيّبة
وأضاف، أنه "لا يوجد رقم محدد من قبل المفوضية الأحزاب والقوائم الانتخابية على تمويل وترويج للحملات الانتخابية، ونحن نتوقع أن الأحزاب السياسية صرفت في حملاتها الانتخابية أكثر من المبلغ المخصص للمفوضية من قبل الحكومة".
وتابع: "الأحزاب تقول إن الأموال التي تصرف على الحملات الانتخابية بدعم وتمويل من رجال الأعمال والتجّار، وهذا غير صحيح، إنما هناك طرق أخرى لا نريد الإشارة إليها، وأن الأموال التي صرفت على الحملات الانتخابية تأثر على الاقتصاد بشكل مباشر خصوصا نرى أن الحملات الإعلانية والترويجية للأحزاب ومرشحيها لحين انتهاء يوم الاقتراع، سيتجاوز 500 مليون دولار".
من جهته قال الباحث في الشؤون الاستراتيجية علي ناصر، في حديث لـ"الجبال"، إن "المال السياسي يلعب الدور الكبير في التأثير من حيث إنشاء ونشر الدعاية الانتخابية واللوحات الدعائية في الشارع، حيث تفوق بعض الحملات الدعائية النسبة المحددة من قبل المفوضية العليا للانتخابات بمبلغ 250 ألف دينار لكل فرد كسقف للدعاية الانتخابية، فإن البعض يعزو هذا الارتفاع إلى العدد الكبير لجمهور هذه الكتل، إلا أن ذلك لا يعفي من أن الدعاية الانتخابية تكلّف الكمّ الهائل من المال الذي يتم إنفاقه على هذه الحملات".
وبيّن ناصر، أن "التحضيرات كانت كبيرة لعدد من الكتل التي لها قوة في العملية السياسية بداية من المهرجانات والدعم الانتخابي للمرشحين إلى وضع صورهم في شاشات إلكترونية تسير في الشوارع العراقية بعجلات تحمل هذه الشاشات الكبيرة، وهذه الأموال التي يتم بذخها قد تؤثر بشكل كبير على الجانب الاقتصادي للعراق، الأنفاق غير المسبوق أيضاً أثّر على سعر صرف العملة الذي يتراوح بين 141 إلى 142 ألف دينار عراقي ويؤثر على استقرار السوق المحلي".
وأضاف، أن "نتائج الانتخابات قد تكون مخيبة لبعض هذه الكتل الكبيرة وبالتأكيد ستكون هناك اعتراضات على نتائج الانتخابات نسبة إلى حجم المال الذي تم إنفاقه لهذه الحملات الدعائية، إضافة إلى أن بعض الأحزاب الناشئة تتضرر بسبب هذا المال لعدم إمكانيتها من مجاراة بعض الأحزاب الكبيرة التي تستخدم المال السياسي بسبب الفساد والاقتصاديات التابعة لهذه الأحزاب والكتل السياسية".
"ترليونات لشراء الذمم وتغطية ا لحملة الانتخابية"
في المقابل، رجّح الباحث في الشأن السياسي ياسين عزيز، في حديث لـ"الجبال"، أن "تصل تكلفة العملية الانتخابية بكافة مراحلها إلى ما يقارب 500 مليار دينار عراقي، وذلك لتغطية المراحل الانتخابية في جميع المراحل سواء من استعدادات مختلفة التخصصات إلى يومي الاقتراع بشقيه الخاص والعام ومن ثم الوصول إلى إعلان النتائج والمصادقة عليها"، متوقعاً أن "تصل هذه المبالغ إلى أكثر من ذلك، لتتحملها الميزانية العامة للدولة".
وبيّن عزاز، أن "هذه المبالغ تثقل كاهل ميزانية الدولة؛ لكن المشكلة في الكلفة العالية والمُبالغ فيها في الحملات الانتخابية خاصة للأحزاب والكتل والتحالفات التي تمتلك إمبراطوريات اقتصادية خصصت جزءاً منها لتغطية الحملات الانتخابية، وهناك معلومات صادمة بتخصيص تريليونات الدنانير من أجل تلك الحملات التي من ضمنها شراء الذمم بشراء البطاقات الانتخابية، وممارسة الضغوط على الناخب من أجل التصويت لكتلة معينة أو مرشح معين لاسيّما في الدوائر أو المؤسسات التي تسيطر عليها جهة سياسية معينة لديها مرشحين في حدود الدائرة الانتخابية".
وتابع، "لذا، فقد أصبحت العملية الانتخابية وهي التي المفروض أن تكون ممارسة لحرية الرأي والتصويت والاختيار، إلى تجارة رابحة لبعض الأطراف والشخصيات التي تستغل المال العام لخدمتها دون تخصيصها أو صرفها للمصلحة العامة، فلو تم صرف كل هذه المبالغ الضخمة على مشاريع خدمية و بنى تحتية لكان الناخب العراقي يشعر بتحفيز وتشجيع أكثر بكثير للمشاركة بعيداً عن التهريج الذي نراه باسم الحملات الانتخابية".