يشهد الواقع المائي في البصرة تدهوراً غير مسبوق بعد الانخفاض المفاجئ في منسوب قناة البدعة، التي تُعدّ الشريان الرئيس لتغذية مشاريع الماء في المحافظة.
هذا التراجع الحاد أدخل البصرة في واحدة من أسوأ مراحلها المائية، إذ لم تعد كميات المياه الواصلة إلى المشاريع تتجاوز ربع ما كانت تصل إليه في الأشهر السابقة وهي الأشهر التي كانت تُوصَف أصلًا بالأزمة.
وأكّد أمين حسين الغزي، مدير ماء غرب البصرة، لمنصّة "الجبال" أن "مستوى الماء الخام انخفض إلى حدّ بات يُهدد بتوقف بعض خطوط الضخ"، مشيراً إلى أن "الكميات التي تصل اليوم لا تكفي لتشغيل وحدات الإنتاج بكامل طاقتها".
وأوضح الغزي أن "ضعف الإطلاقات المائية من قناة البدعة انعكس بشكل مباشر على مناطق واسعة من مركز المدينة وأقضية أبي الخصيب والزبير وشط العرب وخور الزبير ما تسبب بتراجع ضغط الشبكات وازدياد ملوحة المياه في بعض الأحياء"، مبيناً أن "استمرار الوضع الحالي من دون زيادة الإطلاقات قد يدفع دوائر الماء إلى اتخاذ إجراءات طارئة من بينها حفر آبار ارتوازية مؤقتة لتأمين الحد الأدنى من التجهيز للسكان، وهو خيار لطالما اعتُبر آخر الحلول في ظل محدودية المياه الجوفية وملوحتها العالية".
وفي زاوية أخرى، ذكر الناشط البيئي جاسم الأسدي في حديث لمنصّة "الجبال" أن "ما يجري اليوم في البصرة هو نتيجة مباشرة لسياسات مائية غير متوازنة تعتمد على حلول إسعافية لا تعالج أصل المشكلة"، موضحاً أن "انخفاض منسوب قناة البدعة ليس حادثاً عابراً بل هو مؤشر على خللٍ مستمر في إدارة الموارد المائية وتوزيعها بين المحافظات".
وأشار الناشط البيئي أن "الاعتماد المفرط على قناة واحدة لتغذية أكثر من ثلاثة ملايين نسمة جعل البصرة هشّة أمام أي انخفاض أو قطع في الإطلاقات، وهو ما نشهده الآن".
وأضاف الأسدي أن "الحل لا يكمن في حفر الآبار فقط، لأن المياه الجوفية في البصرة عالية الملوحة وغير مستدامة للاستخدام البشري، بل في إعادة هيكلة النظام المائي وتعزيز مشاريع التحلية وربطها بمصادر طاقة مستقرة لضمان الاستمرارية".