صرح إيفان دوفهانيتش، سفير أوكرانيا فوق العادة والمفوّض لدى جمهورية العراق، بأنه لا يمكن للعالم أن يسمح بعودة الأسلحة الكيميائية.
وحذر السفير الأوكراني من أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية الموقعة من قبل 193 دولة، تواجه "أخطر تهديد" منذ تأسيسها، مشيراً إلى أن روسيا "تنتهك الاتفاقية بشكل ممنهج" وتحاول الحصول للمرة الثالثة على مقعد في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) في لاهاي خلال الانتخابات المقررة بالمجلس الشهر المقبل.
أشار دوفهانيتش في مقال أرسله لـ"الجبال"، بالأرقام إلى اتساع استخدام الأسلحة الكيميائية خلال الثلاث سنوات الأخيرة، لا سيما من قبل روسيا، وانتهاك الاتفاقية الدولية بشكل صريح، داعياً إلى اتخاذ العبرة والدروس من تجارب العراق والأضرار التي سببها هذا النوع من الأسلحة للبلد وشعبه خلال الحرب مع إيران والهجوم الكيمياوي على حلبجة في ثمانينيات القرن المنصرم.
ودعا السفير حكومة العراق إلى دعم ترشيح أوكرانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا في انتخابات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. "فذلك دعمٌ لجوهر الاتفاقية، ولمبدأ (العالم بلا أسلحة كيميائية)".
فيما يلي نص المقال:
"قبل اثنين وثلاثين عاماً، تعهّد العالم لنفسه بعبارة “لن يتكرر ذلك أبداً”. فبعد المآسي التي شهدها القرن العشرون، وُقّعت اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من قبل 193 دولة، بينها العراق وأوكرانيا، لتصبح أحد أهم إنجازات القانون الإنساني الدولي. لكن اليوم، هذه الاتفاقية تواجه أخطر تهديد منذ تأسيسها.
من 24 إلى 28 تشرين الثاني 2025 ستجري انتخابات المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) في لاهاي. وها هي روسيا، التي تنتهك الاتفاقية بشكلٍ ممنهج، تحاول للمرة الثالثة الحصول على مقعد في المجلس. وكأننا نعيّن “مُشعل الحرائق رئيساً للإطفاء”.
أرقام لا يمكن تجاهلها
منذ شباط 2023 وحتى آب 2025، وثّقت أوكرانيا أكثر من 10,600 حالة استخدام للأسلحة الكيميائية من قبل روسيا ضد قواتها. هذه ليست أرقاماً في تقارير، بل جنود suffocated بالغاز السام في الخنادق، ودُفعت بهم الطائرات المسيّرة من المخابئ بغازات خانقة قبل أن تُلقى القنابل المتفجرة عليهم.
تقارير دولية تؤكد الانتهاك
ثلاثة تقارير مستقلة صادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (في نوفمبر 2024، فبراير 2025، ويونيو 2025) أثبتت استخدام روسيا لعوامل غازية محظورة، في انتهاك صريح للمادة الأولى من الاتفاقية. ومع ذلك، لم تقدم موسكو أي تفسير، بل لجأت إلى حملات تضليل إعلامي.
دروس العراق يجب ألا تُنسى
يعرف العراقيون أكثر من أي شعب آخر ما تعنيه الأسلحة الكيميائية. فخلال الحرب العراقية-الإيرانية (1980–1988) أصيب أكثر من 100 ألف شخص بهذه الأسلحة، وتوفي نحو 20 ألفاً منهم. ولا يزال ما بين 70 و100 ألف جندي عراقي يتلقون العلاج من آثارها حتى اليوم.
ويظل هجوم حلبجة في مارس 1988 رمزاً مأساوياً لذلك الرعب، حين قُتل نحو 5,000 مدني خلال ساعات قليلة. لقد كانت تلك الفاجعة أحد الأسباب التي دفعت العالم إلى إنشاء اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 1993.
عندما يغضّ العالم الطرف
في حلب 2016–2017، استُخدم الكلور ضد المدنيين بدعم روسي مباشر، ولم يتجاوز ردّ المجتمع الدولي الإدانة اللفظية. واليوم، يتكرر السيناريو ذاته في أوكرانيا على نطاق أوسع. إنّ التغاضي مجدداً سيعني شرعنة الإفلات من العقاب.
ثلاث دول تستحق الثقة
تتقدم أوكرانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا كمرشحين للمجلس التنفيذي للمنظمة. دولٌ تحترم القانون الدولي وتعمل على تعزيز النظام المتعدد الأطراف، وتلتزم التزاماً كاملاً باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. دعم هذا الثلاثي يعني دعم العدالة والإنسانية.
الخيار أمامنا جميعاً
إن انتخابات لاهاي ليست إجراءً إدارياً، بل اختيار بين النظام والفوضى، بين المحاسبة والإفلات من العقاب.
تدعو أوكرانيا حكومة العراق إلى دعم ترشيح أوكرانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا في هذه الانتخابات. فذلك دعمٌ لجوهر الاتفاقية، ولمبدأ “العالم بلا أسلحة كيميائية”.
لقد دفع الشعب العراقي ثمناً باهظاً ليفهم العالم خطورة هذه الأسلحة. ولا يجوز أن تُهدر تلك التضحيات أو تُنسى دروس التاريخ".