أجواء الدعاية الانتخابية.. الشهر العصيب في العراق

أجواء الدعاية الانتخابية.. الشهر العصيب في العراق (تعبيرية)

دخلنا عملياً في أجواء الدعاية الانتخابية البرلمانية، وغيّر كثيرون أغلفة صفحاتهم على فيسبوك ليضعوا بوسترات دعائية تضم أسماءهم مع رقم قوائمهم الانتخابية.

 

ستجري هذه الانتخابات، على الأغلب، في أجواء مشابهة لانتخابات 2021، مع متغيّر أساسي؛ أن المحيط الإقليمي ملتهب، الى درجة يمكن أن تؤثر التطورات الإقليمية على الداخل العراقي، ولربما، كما يخمّن البعض، تعرقل اقامة الانتخابات، أو تؤخّرها، إن دخل العراق مكرهاً ومضطراً في أجواء الاضرابات، خصوصاً مع التحشيد الاعلامي والنفسي لصفحة جديدة من المواجهة بين إسرائيل وإيران، يراها البعض حاسمة وفاصلة.

 

وجه التشابه؛ أن الجو العام ما زال يميل إلى المقاطعة، وعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بل ربما يكون الجو اليوم أثقل بسبب مقاطعة الصدر وتياره، الذي كان قد شارك قبلها في انتخابات 2021 وحصل على المركز الأول فيها.

 

أما وجه الاختلاف، حتى وان تأخرت الحرب الحاسمة الفاصلة حسب الشائعات، فهو يتعلق بضعف التيار الموالي لإيران داخل العراق، وهذا قد يؤثر على شعبيته أو على إقبال مؤيديه على التصويت له، مع الاقرار بأن أياً من الإمكانات اللوجستية والتنظيمية لهذه التيارات لم تتضرّر، وما زال بالإمكان استثمار مواردها في تحشيد الأنصار.

 

أيضاً سيكون التيار المدني والعلماني، والقريب من أجواء انتفاضة تشرين 2019، في موقف مشابه للانتخابات السابقة؛ حيث الانقسام في القواعد الشعبية ما بين مؤيدين ومعارضين للمشاركة في الانتخابات، وهذا الانقسام سيضعف من حظوظ هذا التيار.

 

كلّ التيارات السياسية المشاركة ستعتمد على القواعد الانتخابية التي صنعتها خلال الفترة الماضية، من خلال العلاقات الحزبية أو الزبائنية؛ تقديم الوظائف والامتيازات لقطاعات معيّنة من الجمهور العام، ولن تكون واثقة أنها ستسحب إليها جزءاً من الجمهور الصامت أو الضبابي والمترّدد.

 

ضعفت كثيراً الدعاية الطائفية، وتحشيد الناخب لأن الطائفة في خطر وما إلى ذلك، وعلى الرغم من الإثارات الكثيرة التي حصلت خلال الأشهر الماضية عن ضياع حقّ الشيعة، والتخويف من عودة البعث، أو حصول الرشّحين السنّة على مقاعد أكثر من الشيعة، وما الى ذلك، إلا أن الناخب العام لا يبدو متأثراً، ولن يتخذ قرار المشاركة أو المقاطعة بناءً على مخاوف طائفية.

 

سيغير الكثير من الناخبين الصامتين رأيهم، وتحديداً من أولئك الذين جدّدوا بطاقاتهم الانتخابية، إن قرّرت مرجعية النجف، لأي سببٍ كان، أن تدعوا بصراحة الى المشاركة في الانتخابات. وقد صادف في انتخابات 2021 أن كانت آخر جمعة يخطب فيها ممثل المرجعية، هي في اليوم السابق على الصمت الانتخابي، ولكن الخطبة في وقتها لم تدع بصراحة الى المشاركة في الانتخابات، وتركت الأمر الى تقدير ورأي الناخب، لأن المرجعية ربما في تلك الأوقات استشعرت أن الكثير من جمهورها من التيار الاجتماعي الشيعي المحافظ غاضب من العملية السياسية كلّها.

 

ولكن، ما زال هذا الجمهور المحافظ غاضباً ومحبطاً، فهل تقرّر المرجعية في اللحظات الأخيرة أن تخالف مزاج جمهورها، أم تلتزم الصمت، وتترك أمر تحديد المشاركة من عدمها للناخب نفسه؟!

 

الأمر نفسه ينطبق على موقف الصدر، فعلى الرغم من مقاطعة التيار الصدري المشاركة في الانتخابات، ولكنه ما زال يملك ورقة أخيرة؛ أن يوجّه الكتلة الانتخابية لتياره ليصوّتوا الى قائمة محدّدة، ما يضمن لها على الإقل إضافة أكثر من خمسين مقعداً، ويجعلها متصدرة للمشهد الانتخابي.

 

ولكن، هل سيستخدم الصدر هذه الورقة، أم يحرقها في يوم الاقتراع؟ ما زالت الصورة ضبابية، ولكن، في حال امتنع الصدر عن استخدام هذه الورقة، فهو سيترك التنافس داخل الساحة الشيعية بين طرفين أساسيّين؛ قوى الاطار التنسيقي، وقائمة الاعمار والبناء لرئيس الوزراء الحالي السوداني.

 

إن التصويت المنخفض سيترك جمهور القوى الحالية هو من يحدّد شكل البرلمان القادم والحكومة المنبثقة عنه. وعلى الأغلب سيكون السوداني في موقف مشابه للمالكي في انتخابات 2010 و 2014، ما يجعله لاعباً أساسياً في الساحة السياسية العراقية، وستكون محاولة حرمان السوداني من ولاية ثانية أمراً صعباً.

 

 

 

 

أحمد سعداوي كاتب وروائي

نُشرت في الأحد 5 أكتوبر 2025 11:45 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.