مقدّمة من شركة أميركية.. خبير: أطراف قوية تضغط على البنك المركزي لإفشال خطة الإصلاح

مقدّمة من شركة أميركية.. خبير: أطراف قوية تضغط على البنك المركزي لإفشال خطة الإصلاح البنك المركزي العراقي (AFP)

تحدّث الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، السبت 13 أيلول 2025، عن "ضغط تمارسه أطراف قوية" على البنك المركزي العراقي، لـ"إفشال خطة الإصلاح المصرفي" المقدّمة من شركة استشارية أميركية، فيما أشار إلى أن تطبيق الخطة سيخلص النظام المصرفي العراقي من معظم مشاكله و"تنظيف سمعته"، مبيناً أن الخطة ستفرض على أصحاب المصارف "الدكاكينية" دفع ثمن تأسيسهم لمصارف دون معايير وضوابط مصرفية، والاعتياش على حوالات الدولار.

 

وقال الهاشمي في تدوينة تابعتها "الجبال"، إن "البنك المركزي العراقي (تحت الضغط) من قبل بعض الاطراف القوية لإفشال خطة الاصلاح المصرفي، وإفراغها من محتواها وإبقاء الوضع المصرفي البائس وتعريض المزيد من المصارف لمخاطر العقوبات".

 

وأضاف: "علينا أن نعرف أولاً أن خطة المركزي العراقي للإصلاح والمقدمة من الشركة الاستشارية الأمريكية، لا تعتمد على معايير خاصة فرضها الفيدرالي بل تستند على معايير دولية أهمها (معايير بازل) للرقابة المصرفية، والتي تركز على كفاية وجودة رأس المال والحوكمة وتوزيع الملكية وفصلها عن الإدارة، وإدارة المخاطر ومستوى الإفصاح".

 

وأوضح، أن "خطة الإصلاح هذه ستفرض على أصحاب المصارف الدكاكينية أن يدفعوا ثمن تأسيسهم لمصارف دون المعايير والضوابط المصرفية، والاعتياش على حوالات الدولار، لذلك ليس لديهم من خيار الان الا الالتزام بشروط الخطة او الاندماج او التصفية. لحد الآن يُصر الكثير من أصحاب تلك المصارف على بقائهم مسيطرين على ملكية تلك المصارف، وهذه نقطة خلاف مع متطلبات الإصلاح قد تتسبب بإفشال تلك الخطة".

 

وتابع، "لقد أثبتت التجربة أن تركيز ملكية المصارف بيد قلة قليلة من العائلات والأفراد غير المتخصصين، كانت أحد الأسباب الرئيسية لتردي وضع المصارف وضعف الحوكمة وارتفاع المخاطر المالية وزيادة حالات الاحتيال، كما أن هناك ضغوطات أخرى بعدم زيادة رؤوس الأموال للمصارف أو عرقلة مستوى الحوكمة، خصوصاً بما يتعلق بمعيار (صالح ولائق) لتقييم نزاهة وحسن سمعة وتخصص الإدارات العليا للمصارف".

 

وبيّن الهاشمي، أن "خطة الإصلاح المصرفي، إن تم تطبيقها بكفاءة من قبل المركزي العراقي، فإنها ستساهم قطعاً في تخليص النظام المصرفي العراقي من معظم مشاكله وتنظيف سمعته ورفع جودة خدماته، لذلك فإن نجاح المركزي في تطبيق خطة الاصلاح، تعتبر مسألة تستحق الثناء ورفع القبعة للمركزي، فتطبيق خطة الإصلاح، صعبة، لكنها ممكنة، والنجاح في ذلك يعتمد أولاً وأخيراً على صرامة البنك المركزي وحزمه وقدرته على فرض إرادته الإصلاحية على الجميع".

 

وتساءل الهاشمي قائلاً: "هل سنرفع القبعة أخيراً للمركزي، أم سنتابع حالة إخفاق جديدة في الإصلاح ورضوخ للأقوياء من أصحاب ورعاة المصارف؟".

 

وفي 16 آب الماضي، تحدّث الهاشمي، عن موقف البنك المركزي العراقي، من تنفيذ "الإصلاحات"، التي يرغب البنك الفيدرالي الأميركي ووزارة الخزانة الأميركية تطبيقها في النظام المصرفي العراقي، فيما تطرق لجهات وصفها بـ"القوية" في العراق، تمتلك وتدير العشرات من المصارف وتعتاش على حركة الدولار وعوائد تلك المصارف، مشيراً إلى خطة عمل "إصلاحية" للنظام المصرفي العراقي، تقدّمت بها شركة أميركية، تواجه "معارضة خلف الكواليس" من أطراف مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه دون إصلاح، على حدّ تعبيره.

 

وقال الهاشمي إن "البنك المركزي العراقي أمام (فرصة أخيرة) لإصلاح نظامه المصرفي عبر تنفيذ خطة الاصلاح وفرض إرادته على المعرقلين، وإلا فالخزانة والفيدرالي سيكونان بالمرصاد"، مبيناً أنه "طوال سنوات سابقة، انتهج الفيدرالي والخزانة الأميركية سياسة مباشرة مشددة مع المركزي العراقي، أخرجت قرابة 50% من المصارف من العمل او التعامل بالدولار نتيجة العقوبات والحرمان".

 

وأضاف، "خلال تلك الفترة، فرض الفيدرالي العديد من الاشتراطات والمتطلبات على المركزي العراقي لزيادة الامتثال، كان من أهمها توسيع نطاق التحويل المباشر والدفع الإلكتروني وترشيق عدد المصارف عبر تصفية مصارف ودمج أخرى وتغيير هيكلية ملكية ورسملة المصارف".

 

ولفت إلى أن "هذا الوضع جعل البنك المركزي العراقي في حالة حرج كبير، بين مطرقة الفيدرالي وسندان الجهات القوية في العراق، التي تملك وتدير العشرات من المصارف وتعتاش على حركة الدولار وعوائد تلك المصارف".

 

وأشار إلى أنه "كحلّ وسط يجنب المركزي العراقي حالة الحرج والضغط الذي يتعرض له، تم تكليف شركة أميركية  (OW) لها صلات عمل مشترك مع الفيدرالي والخزانة الأميركية، لكي تقوم بتقييم النظام المصرفي العراقي وتقديم خطة عمل إصلاحية لهذا النظام".

 

وأضاف: "وقد قدمت تلك الشركة خطة الإصلاح المصرفي، والتي جاءت بمتطلبات ترتكز على وتتطابق مع المتطلبات والاشتراطات التي طالب بها الفيدرالي والخزانة خلال العام الماضي، بمعنى أن المركزي العراقي استلم نفس المتطلبات الفيدرالية الأمريكية؛ لكن بشكل غير مباشر عن طريق شركة أميركية، فيما يبدو أنه أشبه بالتكتيك للتغطية على التدخل الفيدرالي المباشر في إصلاح النظام المصرفي العراقي".

 

وتابع، أن "الخطة الآن أصبحت جاهزة للتنفيذ بعد أن أعلن عنها المركزي، لكن كما يبدو أن هناك بعض المعارضة تجري خلف الكواليس لعرقلة التنفيذ، من قبل بعض الأطراف المستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه دون إصلاح".

 

ولفت إلى أنه "لا خيار للبنك المركزي العراقي الآن سوى الالتزام بخطة الإصلاح المصرفي المقدمة من قبل الشركة الاستشارية، وعدا ذلك فإن الفيدرالي والخزانة سيعودان للتدخل المباشر وفرض الإصلاحات قسراً على المركزي أو فرض المزيد من التشديدات وحتى العقوبات".

 

وأوضح الخبير، أن "عودة الخزانة والفيدرالي للتدخل المباشر وممارسة الضغط، تعتبر مسألة حسّاسة يحاول المركزي العراقي جاهداً تجنبها، حمايةً لسمعته ولتأكيد استقلاليته وقدرته على تطبيق الإصلاحات، وهذا ما يتطلب موقفاً حازماً وحاسماً من إدارة المركزي لإنفاذ خطة الإصلاح تلك دون الرضوخ لأي إملاءات او ضغوطات داخلية".

 

 

 

الجبال

نُشرت في السبت 13 سبتمبر 2025 11:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.