كشف خبير اقتصادي عن نمو في حركة استيراد السلع إلى العراق، محذراً من ثلاثة تحدّيات جدية تواجه التجارة الدولية للبلاد.
الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، ذكر في مدوّنة عبر حسابه الرسمي على مواقع التواصل، اليوم الأحد 14 كانون الأول 2025، أن بيانات الأشهر التسعة الأولى من العام أظهرت استمرار معدلات النمو في استيرادات العراق، مع بروز نمط واضح يتمثل في تركّز الاستيراد من عدد محدود من الدول، حيث تصدّرت كل من الإمارات والصين وتركيا قائمة الدول الأكثر تصديراً إلى العراق.
وأضاف أن "البيانات كشفت في الوقت نفسه، عن تركّز كبير في الفئات السلعية المستوردة، إذ إن 9 فئات سلعية فقط من أصل 99 فئة معتمدة عالمياً استحوذت على أكثر من 67% من إجمالي قيمة الاستيرادات العراقية"، مشيراً: "جاءت الأجهزة والمعدات الإلكترونية والكهربائية في المرتبة الأولى، تلتها المعادن الثمينة على رأسها الذهب، ثم السيارات ومعداتها، وصولًا إلى الأجهزة الميكانيكية، وبشكل خاص أجهزة التبريد".
وانطلاقًا من هذه المؤشرات، شخّص الخبير الاقتصادي ثلاثة "تحديات" أساسية تواجه التجارة الدولية للعراق، وهي:
أولاً: العجز المزمن في الميزان التجاري
يعاني العراق من عجز كبير في ميزانه التجاري مع معظم الدول، باستثناء صادرات النفط، حيث يميل الميزان التجاري بنسبة تقارب 100% لصالح الدول المصدّرة. هذا الواقع يستدعي تبنّي سياسة أكثر فاعلية في إدارة التجارة الخارجية، تقوم على تعزيز مبدأ المعاملة بالمثل والضغط باتجاه فتح الأسواق أمام السلع العراقية، سواء عبر حوافز تجارية أو اتفاقيات ثنائية أكثر توازناً، وفق قول العبيدي.
ثانياً: طبيعة السلع المستوردة ونقل المعرفة الصناعية
يظهر أن جزءاً كبيراً من الاستيرادات يتركّز في سلع ذات طابع كمالي أو شبه كمالي، مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية والكهربائية. وهنا يشير العبيدي إلى أنه "تمتلك الحكومة هامش مناورة مهم، سواء من خلال ترشيد استيراد هذه السلع أو عبر إلزام الشركات المصدّرة بإقامة مراحل إنتاج أو تجميع محلي بسيطة كخطوة أولى، وصولًا لاحقاً إلى استثمارات صناعية متكاملة تساهم في نقل المعرفة وخلق فرص العمل".
ثالثاً: الأمن الغذائي وتركيز الاستيراد
يُعدّ تركّز الأمن الغذائي العراقي على الاستيرادات الغذائية من تركيا التحدي الأخطر، إذ يضع جانباً أساسياً من الأمن الوطني تحت تأثير طرف خارجي واحد، على غرار ملف الأمن المائي. "هذا التركز يمثّل مخاطرة استراتيجية قد تُستغل مستقبلًا كورقة ضغط سياسي، ما يفرض على العراق التحرك العاجل نحو تنويع مصادر الاستيراد الغذائي، أو الشروع الجاد في بناء صناعة غذائية وطنية قادرة على سد جزء من الاحتياجات الأساسية وتقليل الاعتماد على مصدر واحد"، والكلام للعبيدي.
العبيدي قال إن "العجز التجاري، وضعف نقل المعرفة الصناعية، ومخاطر الأمن الغذائي تمثّل اليوم أبرز التحديات التي تواجه التجارة الدولية للعراق"، مبيناً أن "معالجتها لا تتطلب شعارات، بل خططاً تنفيذية واضحة تقوم على إدارة ذكية للاستيراد، وشراكات اقتصادية متوازنة، واستثمار حقيقي في الإنتاج المحلي".
تعبيرية