في خطوة غير مسبوقة، أطلق "تجمع الاستقلال العراقي" في محافظة النجف حملته القانونية تحت شعار "حل الأحزاب المسلحة وحماية الديمقراطية"، بمسعى لاستبعاد الأحزاب والكيانات السياسية المرتبطة بفصائل مسلّحة من المشهد الانتخابي.
وشمل ملف الشكوى، الذي قُدِّم إلى مكتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في النجف وإلى المحكمة الاتحادية العليا، كيانات سياسية مرتبطة بكل من "منظمة بدر"، و"حركة العصائب"، و"كتائب سيد الشهداء"، إلى جانب ثمانية فصائل أخرى.
وقد استند مقدمو الشكوى إلى المادة (9) من الدستور العراقي والمواد (8)، (32)، و(47) من قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015، التي تحظر ارتباط أي حزب بتنظيم عسكري أو شبه عسكري.
ويقود هذه الحملة الدكتور عباس الفتلاوي، طبيب الأسنان النجفي، برفقة زميليه كرار ومرتضى.
وفي تصريح مطوّل خصّ به "الجبال"، أوضح الفتلاوي الأسس التي ارتكزت عليها الشكوى قائلاً: "لقد استندنا في شكوانا وطلبنا لإصدار الأمر الولائي على جملة من الأسس القانونية والدستورية الواضحة، والتي تفرض على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الاتحادية التدخل لحماية النظام الدستوري وضمان نزاهة العملية الانتخابية، وذلك كما يأتي:
أولًا: الأسس الدستورية
المادة (9/أولاً-ب) من الدستور العراقي التي تنص صراحةً على: يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة. وبذلك فإن استمرار تسجيل أحزاب مرتبطة بتشكيلات مسلّحة يُعدّ مخالفة دستورية واضحة ويستلزم استبعادها من النظام الديمقراطي.
مبدأ التداول السلمي للسلطة والانتخابات الحرة، حيث إن استمرار تسجيل هذه الأحزاب يجعل السلاح أداة للتأثير على إرادة الناخب ويقوّض الأسس الديمقراطية.
ثانياً: الأسس القانونية – قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015
المادة (8) تشترط ألا يكون الحزب مرتبطاً بأي قوة مسلّحة، ما يعني فقدان شرعية أي حزب يرتبط بفصيل مسلّح.
المادة (32) أجازت حلّ الحزب إذا خالف الدستور، أو مارس نشاطاً ذا طابع عسكري أو استخدم العنف أو امتلك أسلحة أو هدد أمن الدولة، وجميعها متحققة في الأحزاب المشكو منها.
المادة (47) نصّت على معاقبة من يقيم تنظيماً عسكرياً داخل الحزب أو يربطه بمثل هذا التنظيم، وحلّ الحزب في حال ثبوت ذلك، وهو ما ينطبق تمامًا على هذه الكيانات.
ثالثاً: الأساس الإجرائي – قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969
استندنا إلى المادة (151) التي تُجيز لمن له حق مشروع أن يطلب إصدار أمر ولائي عاجل في حالة الاستعجال لمنع وقوع ضرر جسيم أو فرض أمر واقع يصعب تداركه، وهو ما ينطبق على هذه القضية نظرًا لاستمرار نشاط هذه الأحزاب".
وأضاف الفتلاوي أن "الغاية من رفع الشكوى تتمثل في حماية النظام الدستوري وضمان نزاهة العملية الانتخابية، عبر منع استخدام السلاح كوسيلة للتأثير السياسي وإبعاد الأحزاب المرتبطة بفصائل مسلّحة عن المشهد الانتخابي، بما يضمن صون إرادة الناخب الحرة واستعادة ثقة المواطنين بالانتخابات".
المطالب المباشرة للحملة
وطالب تجمع الاستقلال الوطني بـ:
1. إصدار قرار فوري من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات يقضي بحل الأحزاب والتنظيمات المرتبطة بفصائل مسلّحة، وشطب تسجيلها ومنعها من المشاركة في انتخابات 2025.
2. إصدار أمر ولائي عاجل من المحكمة الاتحادية يلزم المفوضية بوقف كافة الإجراءات التي تمكّن هذه الكيانات من الاستمرار في العمل السياسي أو خوض الانتخابات المقبلة، لحين البت النهائي في الشكوى".
وأثارت هذه الخطوة موجة واسعة من الجدل حول إمكانية تطبيقها في ظل النفوذ الكبير للأحزاب المشكو منها، إلا أن مراقبين اعتبروا أن "مبادرة النشطاء في النجف تمثل سابقة قد تعيد رسم حدود الممارسة الديمقراطية في العراق بعيداً عن سطوة السلاح".