مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، عبر مغادرة أول قوة أميركية من قاعدة الأسد في الأنبار، تتخوف العديد من المكونات من هذا الانسحاب، الذي قد يؤدي برأي بعضهم إلى "فوضى".
الايزيديون خائفون
ويؤكد النائب عن المكون الإيزيدي محما خليل، وجود هذه المخاوف، حيث يقول لـ"الجبال"، إنه "يجب الحذر من أن أي انسحاب متسرع للقوات الأميركية من العراق في هذه المرحلة الحرجة، وهو ما قد يترك تداعيات خطيرة على واقع الأقليات الدينية والقومية، وفي مقدمتها المكون الإيزيدي".
وبين أننا "لا ننظر إلى الوجود الدولي في العراق من زاوية سياسية ضيقة، بل من زاوية أمنية وإنسانية، والأقليات التي تعرضت لأبشع الجرائم على يد تنظيم داعش، ما زالت تعيش هواجس الخوف من عودة الإرهاب أو تنامي نفوذ الجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، وانسحاب القوات الأميركية دون بدائل واقعية سيخلق فراغاً أمنياً وسياسياً خطيراً، وقد تكون الأقليات أول ضحاياه".
والمكون الإيزيدي ـ والكلام لخليل ـ "ما زال يعاني من آثار الإبادة الجماعية، وهناك عشرات الآلاف من النازحين لم يعودوا بعد إلى مناطقهم بسبب غياب الضمانات الأمنية والخدمات الأساسية، وإن أي تراجع في الدعم الدولي للعراق سيعرقل جهود إعادة الإعمار ويضاعف من معاناة الناجين".
المسيحيون لا ينكرون المخاوف
ويؤكد رئيس حزب اتحاد بيث نهرين الوطني (المسيحي)، النائب السابق جوزيف صليوا، وجود مخاوف حقيقية لدى المكون المسحي من الانسحاب الأميركي من العراق بهذا التوقيت.
ويقول صليوا، لـ"الجبال"، إن "رأي الأقليات فيما يخص الانسحاب الأميركي من العراق، هو رأي يتفق مع رأي الحكومة العراقية، فهناك اتفاقات وهناك توقيتات ما بين بغداد وواشنطن بخصوص هذا الانسحاب، لكن الصورة غير واضحة بشكل حقيقي، فهل هناك انسحاب حقيقي أم ما يجري هو فقط إعادة تموضع للقوات الأميركية؟"، مبيناً أن "هذه القوات لم تنسحب من العاصمة بغداد حتى الساعة وبعض المدن العراقية الأخرى، بل هي تعمل على إعادة التموضع وانتشار القوات العسكرية".
ولفت إلى أنّ "الأقليات يؤمنون بالدولة وما تتخذ الدولة من قرارات عبر المؤسسات، رغم وجود الخلل الكبير في عمل الدولة العراقية، لكن نحن نحترم أي اتفاق رسمي حكومي يتم ما بين الحكومة العراقية والجانب الأمريكي وفق مصلحة الدولة العراقية التي تقدرها الحكومة".
وبحسب صليوا، فإن "الأقليات لديهم مخاوف من قضية الانسحاب الأمريكي من العراق، كحال المكونات العراقية الأخرى، وهذا بسبب الصراع القائم المناصب والمغانم والاستحواذ على الدولة، فكل جهة سياسية تريد فرض اراداتها على باقي الأطراف، وكل طرف يريد اختزال الدولة لنفسه".
وتوقع القيادي المسيحي أن "يؤدي الانسحاب ربما إلى كوارث أخرى بالإضافة إلى الكوارث الموجودة حالياً، وبالتالي قد تكون هناك فوضى اكثر من الفوضى الحالية على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي، على اعتبار أن أميركا هي الراعية للعملية السياسية في العراق ما بعد سنة 2003 وهذا الانسحاب قد يدفع نحو مشاكل، ولهذا لدينا مخاوف كأقليات وباقي مكونات الشعب العراقي".
التركمان لديهم خشية أكبر.. "إسرائيل" هذه المرة
وكشف القيادي التركماني، والنائب السابق فوزي أكرم ترزي، اليوم الاثنين، عن موقف التركمان من الانسحاب الأميركي المرتقب من العراق في ظل الظروف التي تمر بها عموم المنطقة.
وقال ترزي لـ"الجبال"، إن "التركمان منذ سنة 2003 وحتى الآن يتعرضون إلى الظلم والتهميش والإقصاء من قبل الأحزاب والكتل السياسية المتنفذة، والجانب الأميركي طيلة السنوات الماضية وحتى الساعة لم يقدم أي دعم لتركمان العراق رغم أنهم ثالث أكبر قومية في العراق".
وبيّن أن "التركمان ليس لديهم أي مخاوف من الانسحاب الأميركي المرتقب من العراق على مستوى المكون التركماني نفسه، مستدركاً بالقول: "لكن الخشية من أن هذا الانسحاب قد يربك الوضع الأمني الداخلي وهذا الانسحاب قد يفتح الباب أمام إسرائيل لشن هجمات ضد أهداف مختلفة في العراق ضد الفصائل والحشد مواقع حساسة أخرى، فهذا أساس التخوف من الانسحاب الأميركي خلال الفترة الحالية".