دعوة برلمانية لتدويل المقابر الجماعية وجرائم داعش في العراق

دعوة برلمانية لتدويل المقابر الجماعية وجرائم داعش في العراق مقبرة جماعية في العراق

طالب برلمانيون ومختصون بمجال حقوق الإنسان، بتدويل قضية المقابر الجماعية التي ارتكبتها عصابات تنظيم "داعش"  ابان احتلالها لبعض المحافظات ما بين سنوات 2014 و2017، فيما شدّد حقوقيون على ضرورة عدم الإفلات من العقاب وتأمين تطبيق العدالة بحق الجاني والضحية، مؤكدين أن "تلك الأعمال الإرهابية ترقى إلى جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب".

 

ضرورة لتثبيت السلم

رئيس كتلة "النهج الوطني" أحمد طه الربيعي، قال في تصريح للجريدة الرسمية، اليوم الخميس 28 آب 2025، إن "جرائم النظام المباد و(داعش) تمثل فصولاً مختلفة من مأساة واحدة عاشها العراق، عنوانها تكرار العنف واستهداف الهوية وتجاهل إنصاف الضحايا"، مبيناً أن "استذكار هذه الجرائم ضرورة لتثبيت السلم الأهلي وبناء دولة تحترم حقوق الإنسان".

 

وشدّد الربيعي على أن "العدالة لا يمكن أن تكتمل بإجراءات محلية فقط، بل تستوجب تدويل القضية وضمان وجود إشراف دولي يمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً"، منوّهاً أن "المقابر الجماعية لتنظيم (داعش) الإرهابي من 2014 إلى 2017، ذاكرة مثقلة بالانتهاكات، لذا فإن العدالة تتطلب تدويلها". 

 

ودعا الربيعي رئيس الكتلة "وزارات التعليم العالي والتربية والثقافة، إضافة إلى السلطة الرابعة المتمثلة بوسائل الإعلام ونقابة الصحفيين، إلى تضمين هذا الموضوع ضمن مناهجهم وبرامجهم، بهدف استذكار تلك الجرائم وتذكير الأجيال بفظاعتها، والعمل على تجنّب تكرارها"، مؤكداً أنها "تمثل انتهاكاً صارخاً للقيم الإنسانية والدين والأخلاق وسائر القيم".

 

ذاكرة جماعية

بدوره، أوضح المدير التنفيذي لمؤسسة "مدافعون لحقوق الإنسان"، علي البياتي، في حديث للجريدة أن "العراق يقف اليوم أمام ذاكرة جماعية مثقلة بانتهاكات جسيمة ارتكبتها أنظمة وحركات مختلفة، بدءاً من سياسات النظام القمعي السابق وما رافقها من مقابر جماعية وحملات إبادة وجرائم ضد الأقليات والمعارضين، وصولاً إلى الجرائم التي نفذها تنظيم داعش الإرهابي، والتي ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية".

 

أشار البياتي إلى أن "مقبرة الخسفة جنوب الموصل؛ مثال صارخ على وحشية (داعش)، إذ أُلقيت فيها جثث آلاف المدنيين وضحايا حملات التصفية الجماعية"، مبيناً أن "وفق تقديرات منظمات محلية ودولية، تضم المقبرة رفاتاً لضحايا من مختلف المكونات العراقية، ما يجعلها رمزاً للجرائم المجهولة التي تحتاج إلى جهود حقيقية لاستخراج الجثامين وتوثيق الهويات وإنصاف العوائل". 

 

واستعرض البياتي أبرز جرائم التنظيم الإرهابي خلال أعوام 2014- 2017، المتمثلة بـ"الإبادة والتطهير العرقي ضد الأيزيديين في سنجار، والتركمان في تلعفر وبشير، والمسيحيين والشبك في سهل نينوى، بما شمل قتل الرجال وخطف النساء والأطفال وبيعهم، وتجريف التنوع العراقي عبر استهداف الأقليات ودفعهم قسراً للنزوح وجرائم ممنهجة ضد المدنيين من إعدامات جماعية وتعذيب واغتصاب وتدمير للبنى التحتية المدنية".

 

وقال: "إذا ما قارنا جرائم (داعش) مع جرائم النظام السابق على رغم اختلاف السياقات، فإن خط الجرائم واحد"، موضحاً أن "مجازر النظام السابق، مثل الأنفال ضد الكورد، ومجزرة الدجيل، وعمليات القتل الجماعي ضد التركمان في كركوك، والمقابر الجماعية قبل 2003، تتشابه في الطابع الإجرامي مع ما ارتكبه (داعش)، إذ إن استهداف جماعات على أساس قومي أو ديني كان سمة مشتركة". 

 

ووفق قول البياتي "هنالك مطالبات بتدويل الملفات، وأن حجم الجرائم وتداخلها مع قواعد القانون الدولي الإنساني يفرضان ما يلي: إحالة ملفات الجرائم إلى جهات تحقيق دولية أو محكمة خاصة برعاية الأمم المتحدة، استكمال إنصاف الضحايا من خلال القوانين النافذة أو تعديلها لضمان شمول جميع المتضررين سواء من جرائم النظام السابق أو (داعش)، فضلاً عن دعم فرق المقابر الجماعية والطب العدلي بأحدث الوسائل التقنية لحفظ الأدلة وتوثيق الحقائق، مكافحة الإفلات من العقاب عبر تشريعات وطنية قوية ومحاكمات شفافة وعادلة للمتورطين"، مبيناً أن "فريق التحقيق الدولي (يونيتاد) تمكن من جمع آلاف الوثائق والأدلة بشأن جرائم (داعش)، إلا أن انتهاء مهمته بطلب من العراق لم يُستكمل بخطوات وطنية جدية"، وأن "محاولات موائمة التشريعات العراقية مع الالتزامات الدولية لا تزال ضعيفة وتحتاج إلى إرادة سياسية واضحة وتعاون دولي حقيقي".

 

جرائم واحدة

المستشار القانوني جبار الشويلي، وافق البياتي في توجهه، ورأى أن "جرائم تنظيم (داعش) والنظام السابق لا تختلف من حيث طبيعة الفعل، فهي واحدة من حيث الحجم والكمية وأدوات التنفيذ"، مشيراً أن "أكبر دليل على ذلك المقابر الجماعية التي ارتكبها النظام الدكتاتوري السابق، والمقابر الجماعية التي خلفها (داعش) خصوصاً في المحافظات الشمالية، ورغم اختلاف الأدوات بين الطرفين، إلا أن الجريمة تتطابق في الشكل والمضمون".

 

وأكد الشويلي أن "على الدولة بذل جهود حقيقية لتدويل هذه الجرائم دولياً، وتجريم ما ارتكبه (داعش) على امتداد المناطق التي احتلها قبل أن تتحرر"، مشدّداً أن "تدويل هذه الجرائم يقع ضمن صميم عمل الحكومة"، وأن "إنصاف الضحايا مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدولة ومؤسساتها".

الجبال

نُشرت في الخميس 28 أغسطس 2025 09:00 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.