عشرات القرى في ديالى بلا مياه للشرب.. سدود إيرانية و"العيون" محرّمة بسبب الحروب

عشرات القرى في ديالى بلا مياه للشرب.. سدود إيرانية و"العيون" محرّمة بسبب الحروب (تعبيرية)

منذ عقود عدة، تعاني ناحية قزانية مع قضاء مندلي، التابعان لمحافظة ديالى والحدوديان مع إيران، من انعدام ماء الشرب بسبب غياب مشاريع الإرواء الخام والعزلة الجغرافية البعيدة عن مصادر المياه الرئيسة، فضلاً عن قطع المياه من المنبع.

 

80% من سكان مندلي وقزانية يعتمدون على الآبار المجهز قسماً منها بمحطات تحلية كمصادر لماء الشرب، رغم عدم صلاحيتها، لوجود أملاح كبريتية واقتصار استخدامها على الغسيل والأغراض الزراعية وتربية الحيوانات.

 

وتقع مندلي على بعد 93 كيلومتراً شرقي بعقوبة، يبلغ عدد سكانها حالياً نحو 27 ألف نسمة، وتبلغ مساحتها 587 ألف دونم، وتضم 150 ألف دونماً من الأراضي الصالحة للزراعة، إضافة إلى 434 ألف دونم أخرى غير صالحة للزراعة.

 

فيما تقع ناحية قزانية شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى، وتبعد عنها بنحو 120 كم، تخضع إدارياً لقضاء بلدروز ويبلغ عدد سكانها 18 ألف نسمة، ويقطنها خليط من العرب والكورد والتركمان، وشهدت هجرة وترحيل مئات العوائل إبان حكم النظام السابق بسبب الحرب العراقية الإيرانية.

 

إحصائية رسمية

 

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، لا زالت نحو 60 قرية في أطراف مندلي وقزانية خالية من مياه الشرب منذ عقود طويلة.

 

خطط إنقاذ الوحدات الإدارية الحدودية بماء الشرب لم تفلح بسبب قلة مصادر المياه الخام والاعتماد على مياه الآبار والعيون المنحدرة من الحدود الإيرانية بشكل نسبي إلى جانب مشروعين تصفية لا يلبيان احتياجات مندلي وقزانية.

 

الناشط المدني في مجال الخدمات، عمر عادل، حدّد مصادر مياه مندلي وقزانية  عبر وادي كنكير الحدودي ومياه العيون المنحدرة من الحدود الإيرانية إلى جانب مشروع "ريا" والممتد من سد "الصدور" شمال شرق بعقوبة والتي تخزن في سد مندلي، ومنه إلى مشروع ماء مندلي وقزانية.

 

وعزا عادل في حديث لمنصة "الجبال" قلة مياه الشرب أو انعدامها إلى "التجاوزات الكثيرة على جدول ري الصدور الممتد نحو مندلي وقزانية، ونقص التيار الكهربائي والذي لا يلبي الحاجة"، مبيناً أن "المشروع بحاجة إلى تبطين لمسافات طويلة وحملات لرفع التجاوزات لضمان حصص مندلي وقزانية من الماء الخام".

 

وأضاف: "ما زالت  ناحية قزانية وقضاء مندلي واللذان يحويان أكثر من 50 قرية بدون ماء شرب". 

 

بدوره، أكد قائممقام قضاء مندلي علي ضمد الزهيري، أن "60 - 80% من سكان مندلي وقزانية يعتمدون الآبار كمصادر لماء الشرب بسبب غياب مصادر المياه عبر جدول ري مندلي وقزانية بسبب التجاوزات على المشروع، ما منع وصول المياه إلى مشروع ماء مندلي وقزانية بنسبة 10%". 

 

وأشار الزهيري في حديثه لمنصة "الجبال" إلى أن "الآبار الصالحة للشرب يجب أن يتجاوز عمقها 80 متراً للخلاص من الأملاح الكبريتية، فيما عدّ السيول الإيرانية المنحدرة نحو سد مندلي لا تصلح للشرب بسبب الترسبات الطينية التي تستغرق وقتاً لركودها وإعادة توجيهها نحو سد مندلي ومنه إلى مشروع ماء التصفية".

 

وكشف الزهيري عن اتفاقات "قيد التنفيذ" مع الجهات المعنية بملف المياه لنصب خزان مياه سعة 3000م3 بدلاً من الخزان القديم الذي تبلغ سعته 600 م3 فقط، والذي اعتبرها حلاً لأزمة ماء الشرب بنسبة 8% إلى جانب خطط سحب المياه عبر الأنابيب من بحيرة حمرين شمال شرقي ديالى.

 

انعدام المصادر

 

في زاوية أخرى، أشار مدير ناحية قزانية الحدودية، يحيى قمبر، إلى اعتماد 80% من سكان مندلي وقزانية على الآبار بسبب انعدام مصادر المياه الخام إلى جانب انقطاع السيول المنحدرة عبر قزانية بسبب السدود التي أقامها الجانب الإيراني وتوجيه المياه نحو الأراضي الإيرانية جراء شح المياه في الأجزاء الغربية منها.

 

ودعا قمبر في حديث لـ"الجبال" إلى إطلاق حملات لرفع التجاوزات على مشروع المياه الممتد من سدة الصدور شمال شرق ديالى نحو مندلي وقزانية لتأمين ماء الشرب للأهالي.

 

وعن  القدرة التخزينية لسد قزانية أوضح قنبر أن "السد غاطس ومياهه مخصصة للأغراض الزراعية والغسيل فقط ، وإن الاعتماد شبه الكلي على الآبار بشكل دائم".

 

اتفاقات

 

لكن مصدر حكومي "مسؤول" طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ"الجبال"، إن "مباحثات واتفاقات متقدمة قائمة بين الجانبين العراقي والإيراني لتأهيل مياه العيون بين البلدين وتطهيرها من الألغام والمخلفات الحربية التي خلفتها الحرب العراقية - الإيرانية، وإزالة الألغام من مسارات العيون ومحيطها  والاستفادة من مياهها في ناحية قزانية وقضاء مندلي".

 

وأضاف "لا تزال العيون مناطق محرمة لم تصلها أي فرق من العراق أو الجانب الإيراني إلا أن مياهها تتدفق بشكل محدود نحو سد مندلي على مدار العام".

 

من جانبه، بيّن مسؤول شعبة ماء مندلي يحيى عدنان، أن عشرات  القرى في مندلي وقزانية تعتمد على الآبار المزودة بمحطات التحلية لتأمين مياه الشرب لعدم وجود جداول إروائية فيها، منوّهاً أن "مشروع الماء المغذي لمراكز ناحيني مندلي وقزانية والمناطق المحيطة يعتمد على مياه سد مندلي الذي يعتمد بدوره على مياه العيون التي تحمل نسب كبيرة من الأملاح والكبريت".

 

وقال: "إن المشروع يتوقف باستمرار خلال الصيف، وفقاً لإيرادات مياه العيون المنحدرة من الجانب الإيراني".

الجبال

نُشرت في الأربعاء 27 أغسطس 2025 11:56 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.