أثارت نتائج التحقيق في قضية اشتباكات دائرة الزراعة في بغداد – الكرخ، التي أعلنت عنها الحكومة العراقية مؤخراً، ردود فعل متباينة، خصوصاً أنها أشّرت ما وصفته بـ"الخلل في ملف القيادة والسيطرة في الحشد الشعبي"، حيث تصف أطراف ما أشّرته الحكومة العراقية إزاء الحشد الشعبي بأنه "انتقاد إصلاحي"، في حين يذهب متخصصون باتجاه التحذير مما وصفوه بـ"التصعيد المستمر" بين الحكومة وهيئة الحشد الشعبي.
"حرص وإصلاح"
الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى السياسية الشيعية في العراق، وصف تأشير الحكومة العراقية، "وجود خلل في هيئة الحشد الشعبي"، بـ"الحرص على تقوية المؤسسة".
وقال القيادي في الإطار عدي الخدران، في تصريح لمنصّة "الجبال"، إن "تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن وجود خلل في هيئة الحشد الشعبي يجب أن تفهم في سياق الحرص على تقوية هذه المؤسسة الوطنية، وليس إضعافها".
وأوضح الخدران، أن "الحشد الشعبي يمثل أحد أعمدة الدفاع عن العراق وسيادته، وأي ملاحظات أو انتقادات من قبل الحكومة يجب أن تصب في إطار الإصلاح الداخلي ومعالجة الثغرات، بما يضمن بقاء الحشد قوة منضبطة وفاعلة تحت مظلة الدولة".
وأضاف، أن "الإطار التنسيقي يدعم كل الخطوات الإصلاحية التي تعزز الأداء المؤسسي للحشد، وتمنع أي استغلال أو تجاوزات قد تسيء إلى تضحيات مقاتليه، لكننا في الوقت نفسه نحذّر من استغلال هذه التصريحات سياسياً أو إعلامياً لإضعاف الحشد أو التشكيك بدوره".
وختم القيادي في الإطار التنسيقي حديثه بالقول، إن "الإصلاح مسؤولية مشتركة بين الحكومة والبرلمان والقيادات الميدانية، والحشد الشعبي سيبقى قوة رسمية تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، ولن نسمح بخلط الأوراق أو إضعاف معنويات المقاتلين الذين قدموا الغالي والنفيس دفاعاً عن العراق".
تحذير من التصعيد
في السياق ذاته، حذّر الخبير في الشأن الاستراتيجي عباس الجبوري، مما وصفه بـ"خطورة التصعيد المستمر"، ما بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني و"كتائب حزب الله" خلال المرحلة المقبلة.
وقال الجبوري في حديث لمنصّة "الجبال"، "إننا نحذّر من خطورة التصعيد الإعلامي والسياسي الذي أعقب تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن وجود خلل في هيئة الحشد الشعبي، فهذا الملف الحسّاس يجب التعامل معه بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية".
وبيّن الجبوري، أن "إثارة قضية الخلل في الحشد الشعبي بهذا الشكل العلني، قد تفتح الباب أمام حملات تشويه أو استغلال خارجي، خصوصاً أن الحشد يمثّل قوة رسمية ترتبط مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة، وله حضور وتأثير ميداني وأمني بالغ".
وأكد، أن "المرحلة الحالية لا تتحمل أي اهتزاز في الثقة بين الحكومة والحشد الشعبي، وأي تصعيد في الخطاب قد يدفع باتجاه انقسامات داخلية أو صِدام سياسي ينعكس على الوضع الأمني".
وأضاف، أن "معالجة أي خلل أو تجاوزات، يجب أن تتم من خلال آليات مؤسساتية داخلية وبعيداً عن منابر الإعلام المفتوحة، مع ضرورة توحيد الخطاب الوطني وتجنّب الانجرار وراء ردود أفعال قد تعمّق الأزمة".
وختم الخبير في الشأن الاستراتيجي بقوله، إن "استقرار العراق يتطلب ضبط الإيقاع السياسي والأمني، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وأي تصعيد غير محسوب ستكون له تداعيات خطيرة على السلم الأهلي".
وأمس السبت، أعلن صباح النعمان، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلّحة، نتائج التحقيق في حادثة دائرة الزراعة في بغداد، والقرارات المترتبة على تلك النتائج، حيث أشار إلى أن العناصر المسلّحة التي ارتكبت "الخرق" تتبع "كتائب حزب الله"، وإلى أن تشكيلات داخل الحشد الشعبي لا تلتزم بالضوابط، مبيناً أن مدير الدائرة المُقال هو من "استدعى القوة المسلّحة"، بحسب نتائج التحقيق.
وصباح 27 تموز الماضي، شهد محيط مديرية زراعة الكرخ في العاصمة العراقية بغداد، اشتباكات مسلحة، بين قوات أمنية ومسلحين، بعد اقتحام عناصر مسلحة للمديرية إثر مباشرة مدير جديد لمهامه فيها.
في السياق: الإطار التنسيقي يدين أحداث دائرة الزراعة ويدعو لمعاقبة المتورطين
وقال النعمان في بيان: "تنفيذاً لأوامر القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أكملت اللجنة المختصة بالإجراءات التحقيقية في حادثة الاعتداء الآثم على دائرة زراعة الكرخ في 27- تموز -2025، وما أسفر عنها من ضحايا أبرياء، نتيجة تواجد قوّة مسلحة خلافاً للقانون في دائرة حكومية مدنية".
وأضاف النعمان، "خلصت نتائج التحقيق، إلى ما يأتي:
· إن العناصر المسلحة التي ارتكبت هذا الخرق تتبع تشكيل كتائب "حزب الله"، وهم منسوبون إلى اللوائين 45، و46 للحشد الشعبي.
· تحرّكت القوّة المذكورة بدون أوامر أو موافقات خلافاً للسياقات العسكرية المتبعة، واستخدمت السلاح ضد منتسبي الأجهزة الأمنية، مما تسبب بسقوط شهداء وجرحى بعضهم من المدنيين.
· تورّط المدير المُقال لدائرة زراعة الكرخ المدعو (أياد كاظم علي) في هذه الأحداث، إذ أثبتت التحقيقات، والأوامر الإدارية، والوثائق الرسمية، وملفه الإداري الشخصي، تورّطه في التنسيق المسبق لاستقدام هذه القوّة، بالإضافة إلى تورّطه بقضايا فساد إداري، وجرائم انتحال الصفة، والتزوير في عدد من الوثائق الرسمية والشهادات، والاشتراك في تزوير العقود، ما أدى إلى سلب أراضٍ زراعية من أصحابها الشرعيين.
· تأشّر وجود خلل في ملف القيادة والسيطرة، في الحشد الشعبي، ووجود تشكيلات لا تتقيد بالضوابط والحركات العسكرية.
إقرأ/ ي أيضاً: فيديو | إصابات بصفوف الشرطة الاتحادية خلال اشتباكات الدورة ببغداد
وتابع الناطق، أنه "استناداً إلى هذه الاستنتاجات، صادق القائد العام للقوات المسلحة على توصيات اللجنة التحقيقية، التي تضمّنت ما يأتي:
· إعفاء آمري اللوائين (45 و46) في الحشد الشعبي من مناصبهم.
· تشكيل مجلس تحقيقي بحق قائد عمليات الجزيرة في الحشد الشعبي، وذلك لتقصيره في مهام القيادة والسيطرة.
· إحالة جميع المتورّطين بالحادث إلى القضاء مع الأوراق التحقيقية وكل الإثباتات والمبرزات الجرمية.
· محاسبة المقصّرين والمتلكئين في اتخاذ الإجراءات القانونية والأمنية السريعة حسب المسؤوليات المناطة بهم.
· التأكيد على معالجة أي حالة عدم التزام بالضوابط والسياقات الانضباطية للحركات من بعض تشكيلات الحشد الشعبي، وعدم التهاون أو التأخير في ذلك.
· التوجيه بإعادة النظر في انتشار الوحدات الماسكة للقواطع ونوعيتها، وكفاءتها المهنية وكفاءة القادة والآمرين فيها، من خلال لجنة تشكّل من الوزارات والقيادات العليا المعنية.
· تكريم العناصر الأمنية المتميزة المتصدية للاعتداء عن أداء واجبها بكفاءة وشجاعة.
· ضمان حقوق الشهداء والجرحى الذين كانوا ضحية حادث الاعتداء، بمن فيهم المواطن المدني (عباس عبيد ناهي)، واعتباره شهيداً يتمتع بالحقوق المدنية كافة.
وأردف بالقول: "نؤكد أوامر القائد العام للقوات المسلحة، إلى تشكيلات الأجهزة الأمنية كافة، بالالتزام التام بالضوابط العسكرية، وعدم التهاون بأي حال من الأحوال في مهام إنفاذ القانون، والوقوف بحزم ضدّ أي خرق للقانون، وأي اعتداء أو تهديد للسلم المجتمعي، أو خروج عن الضوابط والسياقات والأوامر، من قبل أي جهة أو قوّة مهما كانت مهامها أو واجباتها، في حال حدوث أي ممارسة غير قانونية، كما شدد على الالتزام الكامل بضمان وحماية حقوق جميع أبناء شعبنا الكريم، دون تمييز أو تهاون أو تباطؤ".
وكانت قيادة العلميات المشتركة قد أعلنت في أعقاب الحادث الذي وقع في صباح 27 تموز، القبض على 14 متهماً من اللوائين 45، 46 بالحشد الشعبي، وهي ألوية تابعة لفصيل "كتائب حزب الله"، كما منشور في وسائل الإعلام.
وذكرت العمليات في بيان، أنه "على خلفية الحادث الآثم الذي حصل في إحدى دوائر وزارة الزراعة في جانب الكرخ صباح هذا اليوم وما رافقته من تداعيات، أمر القائد العام للقوات المسلحة بتشكيل لجنة تحقيقية عليا لمعرفة ملابسات الحادث وكيفية حركة القوة المسلحة دون أوامر أو موافقات أصولية ومحاولة السيطرة على بناية حكومية وفتح النار على القطعات الأمنية".
وأشار البيان إلى، أن "القوات الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على 14 متهماً، ولدى تدقيق هويات الملقى القبض عليهم تبين أنهم ينتمون إلى اللواءين (45 , 46) بالحشد الشعبي"، مشيراً إلى "إحالتهم إلى القضاء واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم".