حذّر رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، الجمعة 1 آب 2025، مما وصفه بـ"الكارثة البيئية الدائمة"، من جراء التحوّلات المناخية في العراق، فيما تطرق إلى تداعيات وانعكاسات التغيّرات المناخية على السكّان في العراق، فضلاً عن قطاع الزراعة والطاقة، والاقتصاد العراقي.
وقال الغراوي في بيان تلقت "الجبال" نسخة منه، إن "السنوات الثلاث الأخيرة (2022–2024) شهدت تحولات مناخية غير مسبوقة في العراق، انعكست سلباً على قطاعات الاقتصاد والزراعة والطاقة، وتسببت في موجات نزوح وفقر وتدهور بيئي خطير"، محذراً من أن "الأزمة لم تعد بيئية فقط، بل تحوّلت إلى تهديد مباشر للأمن الوطني والاستقرار المجتمعي".
وأضاف، أن "العراق أصبح من بين أكثر الدول تأثراً بظواهر التغير المناخي محتلاً المرتبة الخامسة في العالم، حيث تجاوزت درجات الحرارة في محافظات الوسط والجنوب 50 درجة مئوية في صيفي عام 2023 و2024، و2025، مع تسجيل معدلات جفاف هي الأعلى منذ عقود"، مشيراً إلى أن "معدل الزيادة في درجات الحرارة بلغ 0.48 درجة مئوية لكل عقد، وهو ضعف المعدل العالمي تقريباً، ما يُنذر بكارثة بيئية دائمة".
وبيّن الغراوي أن "تدفق نهري دجلة والفرات انخفض بنسبة تتراوح بين 30–40% مقارنة بالمتوسط الطبيعي، ما تسبب بتراجع حاد في الموارد المائية، وتسارع معدلات التصحر، وارتفاع نسب التبخّر، ما انعكس بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي والغذائي".
ولفت إلى، أن "القطاع الزراعي كان المتضرر الأكبر من ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه"، مبيناً أن "عام 2022 شهد انخفاضاً في إنتاج القمح بنسبة 37%، والشعير بنسبة 30%، بينما تراجع الإنتاج الكلي بنسبة 50% في بعض المناطق. وفي عام 2023، اضطر 50% من المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة أو استخدام كميات أقل من المياه. أما في عام 2024، فقد أصبحت 71% من الأراضي الزراعية مهددة بالجفاف الكامل، مع فقدان ما يزيد عن 100.000 دونم من الأراضي الصالحة سنوياً بسبب التصحر".
وأوضح الغراوي، أن الظواهر المناخية ساهمت في نزوح آلاف العوائل من الريف إلى المدن، حيث فقدوا مصادر أرزاقهم بسبب شح المياه وتدهور الإنتاج"، مبيناً أن "ما لا يقل عن 130 ألف شخص نزحوا داخلياً بين عامي 2022 و2023، ونحو 40% من المزارعين تخلّوا عن مهنتهم الزراعية نهائياً خلال عام 2024، وأكثر من 80% من العوائل الريفية المتأثرة أصبحت تعتمد على المساعدات الإنسانية أو القروض الغذائية".
وبيّن الغراوي، أن "قطاع تربية المواشي، خاصة الجاموس، تأثر بشكل بالغ، حيث أدى الجفاف إلى انخفاض أعداد رؤوس الجاموس من 150,000 في عام 2015 إلى أقل من 65.000 في عام 2024. كما تراجعت تربية الأغنام والأبقار بسبب تدهور المراعي وارتفاع كلفة الأعلاف، ما أثّر سلباً على سلة الغذاء الوطنية".
وأشار الغراوي إلى، أن "موجات الحرارة والغبار أثّرت أيضاً على الصحة العامة، حيث سُجلت آلاف الحالات من ضربات الشمس وأمراض الجهاز التنفسي، بينما أدخلت إحدى العواصف الترابية في عام 2022 أكثر من 50 ألف شخص إلى المستشفيات خلال يومين فقط".
الغراوي طالب في بيانه، الحكومة العراقية، بـ"تعزيز ومتابعة تنفيذ مشروع (مبادرة العراق الأخضر)، والتي تضمنت زراعة 5 ملايين شجرة للحد من التصحر، وإنشاء مشاريع للطاقة الشمسية لتوليد 1 غيغا واط من الكهرباء. وتحسين تقنيات الري، وتبنّي استراتيجية وطنية عاجلة للتكيف المناخي، تشمل خططًا مائية وزراعية شاملة وممولة، وإطلاق برامج دعم مباشر للمزارعين المتضررين عبر صناديق طوارئ زراعية وطنية، والتحول الفوري نحو الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الكهرباء التقليدية وخفض الانبعاثات، مع إعادة تأهيل الأراضي المتصحرة من خلال مشاريع تشجير وحصاد مياه الأمطار، ودمج التغير المناخي في السياسات الاقتصادية الوطنية وربطه بالتخطيط المالي والخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لتوفير تمويل مناخي طويل الأمد يساعد العراق على تخطي الأزمة المناخية".