مع مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج النهائية للانتخابات النيابية لعام 2025، تدخل العملية السياسية في العراق مرحلة مفصلية من مراحل الاستحقاق الدستوري، تبدأ بانعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد وتنتهي بتشكيل الحكومة المقبلة.
خبراء قانون ودستور، أوضحوا في حديث للجريدة الرسمية، اليوم الثلاثاء 16 كانون الأول 2025، أن هذه المرحلة تحكمها مدد وإجراءات دستورية واضحة، تهدف إلى ضمان التداول السلمي للسلطة ومنع الفراغ التشريعي، وتؤسس لتوازن دستوري بين السلطات، بما يعزز شرعية المؤسسات المنتخبة ويحفظ السياقات الدستورية للدولة العراقية.
الخبير القانوني جمال الأسدي، قال إن "مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج، تُعدّ الإجراء الحاسم الذي يفتح الباب أمام مباشرة الاستحقاقات الدستورية اللاحقة". وبيّن أن "انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب وانتخاب هيئته الرئاسية يجب أن يتم خلال مدة لا تتجاوز (15) يوماً من تاريخ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج، وهي مدة حددها الدستور بشكل صريح لضمان عدم حصول فراغ تشريعي أو تأخير غير مبرر في عمل السلطة التشريعية".
ولفت الأسدي إلى أن "هذه المدة تمتد عملياً ما بين 15/12 ولغاية 29/12/2025، وذلك بناءً على الدعوة الرسمية التي يوجّهها رئيس الجمهورية لانعقاد مجلس النواب الجديد"، موضحاً أن "الجلسة الأولى تُعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، باعتباره إجراءً دستورياً مؤقتاً يهدف إلى إدارة الجلسة الأولى حصراً، ويتم خلالها انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بما يضمن تشكيل هيئة رئاسية تتمتع بالشرعية الدستورية الكاملة".
أشار الخبير القانوني إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا كانت قد أكدت، بموجب قراراتها التفسيرية، أن الدورة البرلمانية الحالية تُعدُّ منتهية من الناحية القانونية اعتباراً من يوم إجراء الانتخابات، وهو ما يعني أن مجلس النواب السابق يفقد صلاحياته الدستورية، وتنتقل المسؤولية الدستورية إلى المجلس الجديد فور استكمال إجراءات المصادقة وانعقاد الجلسة الأولى، بما ينسجم مع مبدأ التداول السلمي للسلطة واحترام السياقات الدستورية".
"التمديد جائز"
من جهته، قال المستشار القانوني بشار العبيدي، للجريدة، إن "الدستور يجيز تمديد مدة انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد مرة واحدة فقط ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، استناداً إلى أحكام المادة (54) منه، مع حظر أي تمديد يتجاوز هذه المدة. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن انتخاب رئاسة مجلس النواب خلال الجلسة الأولى، فقد استقرت التجارب النيابية السابقة على اعتبار الجلسة مفتوحة إلى حين استكمال التوافقات السياسية اللازمة، واستمرارها إلى أن تتوافر الأغلبية النيابية المطلقة القادرة على حسم اختيار رئيس المجلس ونائبيه".
وفي ما يتعلق باختيار رئيس الجمهورية، فأكد المستشار القانوني أن "الدستور لم يحدد مدة زمنية صريحة لإنجاز هذا الاستحقاق، إلا أن وجود التزام دستوري فعلي يفرض الإسراع في حسمه، ولا سيما في ضوء أحكام المادة (76/أولاً) من الدستور التي تمنح رئيس الجمهورية اختصاص تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة، الأمر الذي يجعل انتخاب رئاسة مجلس النواب خطوة تنظيمية سابقة ولازمة في هذا المسار".
اختيار رئيس الجمهورية
بدوره، قال المستشار القانوني علي التميمي، إن "رئيس البرلمان الجديد يفتح الترشيح لرئاسة الجمهورية خلال 3 أيام، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان خلال مدة 30 يوماً، وتكون أغلبية الأصوات في جولة ثانية - عند الإخفاق في الأولى - هي الفاصلة عند عدم الحصول على أغلبية الثلثين وفق المواد 68 و70 من الدستور".
ولفت التميمي، إلى أن "رئيس الجمهورية المنتخب يكلف مرشح الكتلة الأكثر عدداً لتشكيل مجلس الوزراء والمنهاج الوزاري خلال 15 يوماً من انتخابه، وأمام رئيس مجلس الوزراء المكلف 30 يوماً لإنجاز المهمة، ويستوجب تصويت البرلمان بالأغلبية المطلقة أي نصف العدد الكلي زائد واحد، وعند إخفاقه يكلف رئيس الجمهورية مرشحاً آخر أو جديد بذات المدد وفق تفاصيل المادة 76 دستور، وهي مادة فسرتها المحكمة الاتحادية لمرتين عام 2010 و2022 بالقرارات 25 و7 على التوالي".
المحكمة الاتحادية العليا في العراق