تحذير المالكي من "الانهيار" وتوالي الأزمات.. هل ما زال السوداني قريباً من الولاية الثانية؟

7 قراءة دقيقة
تحذير المالكي من "الانهيار" وتوالي الأزمات.. هل ما زال السوداني قريباً من الولاية الثانية؟

أطراف ترفض تحذيرات المالكي: ليس حريصاً على العملية السياسية

على إثر تداعيات ما يعرف بـ "سرقة القرن" و"شبكة التنصت" في العراق، أثار حديث رئيس الوزراء الأسبق، وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عن تحذيرات شديدة من "انهيار للنظام السياسي"، أسئلة عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، وفيما لو ستطيح تلك الأحداث بشعبية رئيس الوزراء وعدم التجديد لولاية ثانية له؟

 

وحذر المالكي في كلمة مسجلة بثها مكتبه الإعلامي قبل أسبوع من "انهيار العملية السياسية في العراق والتجاوز على القضاء العراقي في الإعلام سيكون تداعياته أخطر من الإرهاب"، فيما دعا القوى السياسية إلى "عدم إضعاف العملية السياسية والحكومة بعمل أو إعلام كما يحدث حاليا"، متسائلاً: "لماذا نستبق الأحداث قبل أن نعرف ماذا جرى في التحقيقات القضائية؟".

 

وجاءت هذه التحذيرات على خلفية الاتهامات التي رافقت قضية محمد جوحي الموظف في مكتب رئيس الوزراء والمتهم بـ"التنصت" على زعامات سياسية، إضافة لهروب المتهم بسرقة أموال الأمانات الضريبية المعروفة باسم (سرقة القرن) نور زهير وما لحقه من مؤتمر صحفي لرئيس هيئة النزاهة الاتحادية القاضي حيدر حنون من مدينة أربيل في إقليم كوردستان والذي تحدث به عن نفوذ سياسي يعيق الهيئة والقضاء عن تحقيق العدالة.

 

بالمقابل، خرج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن صمته إزاء مجمل القضايا وتداول أنباء عن انشقاقات حكومية وسياسية، خاصة بعد بيان لمكتبه تحدث عن جهات لم يسمها تحاول تشويه سمعة حكومته، فيما جدد التذكير بإنجازات الحكومة في مجالات التنمية، معتبراً إياها فرصة لاستعادة الثقة مع العراقيين.

 

 

"لا نتفق مع المالكي"

 

حول ذلك يرى النائب محمد الصيهود السوداني، رئيس كتلة أجيال النيابية، المقرب من رئيس الوزراء، خلال حديثه لـ "الجبال"، إن "حديث المالكي وتحذيراته من انهيار كامل للنظام السياسي أمر خطير ولا نتفق معه وهو لا يعبر عن حرص في ظل الأوضاع الحالية"، مشيراً إلى أن "القضايا الحاصلة سياسياً وحكومياً وربطها بإمكانية استقالة رئيس الوزراء يعتبر بعيداً جداً عن الواقع وتأويل ليس أكثر من ذلك، لأن السوداني يستند على ترشيحه من قبل جميع أقطاب البيت الشيعي في الإطار التنسيقي وليس قطباً واحداً".

 

وقال الصيهود إنّ "التدخل في قضية محمد جوحي وشبكة التنصت حالياً، وهي قيد التحقيق أمر غير صحيح ولا يجب حصوله واختلاق القصص دون ظهور النتائج"، مؤكداً أنّ "المستشارين في مكتب رئيس الوزراء جميعهم من الكتل السياسية الشيعية والسنية والكوردية والانتقادات التي تطال الحكومة هدفها التسقيط بشكل واضح".

 

وتابع، أن "لا تأكيد أو نقاش سياسي مع الحكومة حول إجراء انتخابات مبكرة لكن المعركة الانتخابية يبدو قد بدأت من الآن وبشكل مبكر جداً"، معتبراً أن "الوقت الحاضر وفي ظل التطورات ليس مهيئاً للحديث عن مشروع انتخابات مبكرة واستقالة السوداني من رئاسة الحكومة".

 

وفي 19 آب الماضي، تداول معلومات عن صدور أوامر اعتقال بحق مسؤولين كبار في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لتورطهم في إدارة شبكة تنصت تم الكشف عنها داخل القصر الحكومي في بغداد.

 

وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، فإن من أبرز الذين صدرت أوامر اعتقال بحقهم السكرتير العسكري للسوداني الفريق أول عبد الكريم السوداني، ومدير مكتب السوداني إحسان العوادي، وأحمد إبراهيم السوداني، مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات الذي يترأسه السوداني.

 

"قد ترتفع شعبية السوداني"

 

من جهته، اعتبر الباحث بالشأن السياسي، عباس الياسري، خلال حديثه لـ "الجبال" أن رد السوداني في مؤتمره الصحفي الأخير "كان مدروساً لأن التقارير الإعلامية شوهت الكثير من صورة المسؤولين الحكوميين في الأزمات الأخيرة".

وبين الياسري، أنّ "ائتلاف إدارة الدولة هو المسؤول عن الحكومة وما يجري فيها، وما يتم التحدث عنه حول قضية سرقة أموال الأمانات الضريبية فهي مسؤولية القضاء من خلال التحقيق فيها وليس الحكومة".

 

وبادرت محكمة جنح الكرخ قبل يومين، باتخاذ إجراءات قضية بحق كفلاء المتهم الهارب نور زهير عن سرقة أموال الأمانات الضريبية، والنائب السابق هيثم الجبوري  المتهم بـ "تضخّم الأموال" لعدم حضورهم أمام المحكمة.

 

بالمقابل وصف الياسري مؤتمر رئيس هيئة النزاهة الأخير بأنه "كان انفعالياً جداً، ولم يحصل بتوجيه حكومي"، لافتاً إلى أن "قضية محمد جوحي ليست مسؤولية رئيس الوزراء وهناك تحقيق قضائي بها سيظهر نتائجه بكل وضوح".

 

يشار إلى أنه لغاية الآن لم يصدر عن السلطة القضائية العراقية أي معلومات جديدة حول التحقيقات بالمتهمين بشبكة التنصت.

 

وبالحديث عن انتخابات مبكرة يتوقع الياسري "عدم إمكانية ذلك لعدم وجود الإرادة السياسية الكاملة لإجرائها عكس بقية القضايا المشتركة بين الأطراف جميعاً"، مستدركاً بالقول: "لكن من الواضح أن حظوظ السوداني بولاية ثانية سترتفع خلال الفترة المقبلة، لأنه يسير بالاتجاه الصحيح".

 

وهزت قضية "سرقة القرن" الأوساط السياسية في البلاد، لاسيما بعد الإعلان عن متهمه الرئيسي نور زهير، ثم خروجه من البلاد بالرغم من قرار منعه من السفر للمثول أمام المحكمة، ثم ظهوره في لبنان وقبلها على فضائيات يهدد بالتحدث عن أسماء والكشف عن كل شيء، في حال تمت محاكمته علنياً، وعلى ذات الصعيد باتت تشكل قضية تنصت شبكة محمد جوحي سابقة لم تشهدها الحكومات المتعاقبة، فيما تتصاعد الأصوات المحلية المطالبة بالدقة والنزاهة في اختيار الموظفين للمناصب الحساسة.

 

 

نهاية حكومات المحاصصة

 

ويقول رئيس مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، مناف الموسوي، لـ "الجبال"، إن "الحكومة الحالية هي حكومة الاطار التنسيقي بكل ما فيها والتمسك بالإصرار على حكومة محاصصة بالتأكيد سيؤدي إلى الفشل وحدوث انهيار سياسي".

وأضاف، أن "جميع الحكومات التي جاءت بالمحاصصة واستمرت بممارسات الفساد انهارت كما حدث في تظاهرات تشرين وحكومة مصطفى الكاظمي"، معتبراً أنّ "البلاد أمام خيارين، أما الاستمرار بالمحاصصة والفساد والتقاطعات الحزبية التي تعمل لمصالح زعامات وأحزاب وبالنتيجة لن ينجح شيئاً، وإذا أراد الجميع الحفاظ على البلاد فعليها التحول بالأعراف السياسية من العمل الحزبي إلى العمل بالمصلحة العامة وفائدة الشعب".

 

ولفت إلى أن "حكومة السوداني زادت أزمة الثقة مع الشعب ولم تعمل على إعادتها وبدليل الاعتداءات على المتظاهرين وتفشي السرقات الكبيرة للأموال الكبيرة من الدولة وتجاهل مطالب شرائح المجتمع الكثيرة"، مضيفاً أن "الشارع ليس راضياً عن الحكومة وما يتم ترويجه من رضا شعبي هو إعلام مدفوع الثمن يتم العمل عليه بوجود حكومة مقيدة ورئيسها مكبل بقرارات سياسية لا يمكن أن يتجاوزها".

 

الجدير بالذكر أن حكومة السوداني قد تشكلت بعدما نالت ثقتها نهاية تشرين الأول 2022 بعد تصويت بالأغلبية النيابية عليها لتنتهي بذلك مرحلة جمود سياسي حينذاك تجاوز العام، وذلك بسبب ما احدثته نتائج الانتخابات النيابية المبكرة التي افرزت فوزا كبيرا للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي لم يتمكن من تشكيل تحالفه الثلاثي مع الحزب الديمقراطي وتحالف السيادة للسيطرة على رئاستي الحكومة والبرلمان، وهو ما دفعه الى انهاء الى اعتزال السياسية، واستقالة الكتلة الصدرية بالكامل لتذهب مقاعدها لصالح الاطار التنسيقي الذي شكل الحكومة الحالية متحالفا مع بقية المكونات ضمن ائتلاف إدارة الدولة.

 

الجبال

نُشرت في الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 08:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.