جدّدت الحكومة السورية رفضها للفدرالية ودعت القوات الكوردية للانضواء في الجيش، وذلك خلال اجتماع عقده الرئيس الانتقالي أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي بحضور المبعوث الأميركي توم برّاك، الأربعاء، وفق مصادر كوردية ورسمية سورية.
وجرى اللقاء بين الشرع وعبدي لمناقشة الجهود الرامية لدمج الإدارة الذاتية الكوردية في الدولة السورية، بحسب ما نقلت فرانس برس عن مسؤول كوردي سوري.
وقال المسؤول إن برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، حضر هذا الاجتماع، مضيفاً أن الاجتماع عُقد لبحث "العلاقات بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق، بالإضافة إلى قضايا اقتصادية وعسكرية".
يأتي هذا الاجتماع بعد أربعة أشهر من توقيع اتفاق ثنائي لم يتم تنفيذ بنوده بعد.
والاتفاق الذي وقّعه الشرع مع عبدي، قائد قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، في 10 آذار 2025 برعاية أميركية، تضمّن بنوداً عدّة نصّ أبرزها على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".
لكنّ الإدارة الذاتية وجّهت لاحقاً انتقادات إلى السلطة على خلفية الإعلان الدستوري ثم تشكيل حكومة قالت إنها لا تعكس التنوّع. وطالبت القوى الكوردية الشهر الماضي بدولة "ديموقراطية لامركزية"، ردّت عليها دمشق بتأكيد رفضها "محاولات فرض واقع تقسيمي" في البلاد.
"لا للتقسيم أو الفدرلة"
والأربعاء، حذّر مصدر حكومي سوري في تصريح لقناة الإخبارية التلفزيونية الحكومية من أنّ "الدولة السورية تجدّد تمسّكها الثابت بمبدأ (سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة)، وترفض رفضاً قاطعاً أيّ شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة التي تتعارض مع سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة ترابها".
وأضاف أنّ "الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة لكلّ أبناء الوطن، وتُرحّب الدولة بانضمام المقاتلين السوريين من قسد إلى صفوفه، ضمن الأطر الدستورية والقانونية المعتمدة".
وحذّر المصدر الحكومي السوري من أنّ "أيّ تأخير في تنفيذ الاتفاقات الموقّعة لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يعقّد المشهد، ويُعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق السورية".
وتولّى الشرع السلطة في دمشق في كانون الأول 2024 بعدما أطاح على رأس تحالف فصائل معارضة مسلحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد، وهو مذاك يدعو إلى حلّ كل المجموعات العسكرية في سوريا.
لكنّ الكورد السوريين يصرّون على الاحتفاظ بقواتهم العسكرية البالغ عديدها عشرات آلاف الرجال والنساء.
ويمثّل الحفاظ على وحدة سوريا واستعادة الأمن فيها تحدياً رئيسياً للسلطات الجديدة.
والكورد السوريون الذين عانوا لعقود من التهميش والإقصاء، ينتقدون اليوم سعي السلطة الجديدة إلى "تكريس مركزية القرار وإقصاء مكوّنات رئيسة من إدارة المرحلة الانتقالية".
وفي مقابلة تلفزيونية في نهاية أيار الماضي، قال عبدي: "نحن ملتزمون بما اتفقنا عليه مع دمشق ونعمل حالياً على تنفيذ هذه الاتفاقية من خلال لجان تطبيقية". لكنّه شدد على التمسّك بـ"سوريا لامركزية وتعيش فيها جميع المكوّنات بكامل حقوقها وألا يتم إقصاء أحد".
ورغم إعلان الشرع حلّ كافة الفصائل العسكرية المسلحة بعيد وصوله إلى دمشق، يتمسّك الكورد بالحفاظ على قوتهم العسكرية المنظمة التي قاتلت تنظيم "داعش" حتى دحره من آخر معاقله عام 2019.
وتسيطر الإدارة الذاتية الكوردية على مساحات واسعة في شمال سوريا وشرقها، تضمّ أبرز حقول النفط والغاز التي تحتاج دمشق إلى مواردها. وتدير مخيمات ومراكز اعتقال تضم مقاتلين من تنظيم داعش، بينهم آلاف الأجانب.