كوردستان في القلب.. والأزمات لا تفرق بين أبناء الوطن

3 قراءة دقيقة
كوردستان في القلب.. والأزمات لا تفرق بين أبناء الوطن كوردستان ليس كياناً منفصلًا عن العراق بل هي جزء أصيل من هذا الوطن (تعبيرية/ مواقع التواصل)

ما حدث مؤخراً في أربيل عاصمة إقليم كوردستان ليس مجرد أزمة عابرة أو حادثة محلية، بل هو جرح أصاب قلب العراق كله. إن أي اضطراب أمني أو سياسي في كوردستان لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الوضع العراقي العام؛ لأن كوردستان ليس كياناً منفصلًا عن العراق بل هي جزء أصيل من هذا الوطن وشعبه الكريم، هو امتداد طبيعي لإخوتنا في الوسط والجنوب والغرب.

 

المؤسف في هذه الأزمة ليس فقط ما جرى على الأرض، بل ما تلاها من شماتة غريبة من بعض الأصوات النشاز داخل الوطن، وكأن الألم الذي يصيب جزءاً من الجسد لا يعني باقي أعضائه. هذا الانحدار في الخطاب الوطني يكشف عن حجم التصدع الذي زرعته الأجندات الخارجية والمحلية التي تعمل ليل نهار على تمزيق النسيج العراقي المتماسك منذ قرون.

 

كوردستان رغم كل الظروف نجح خلال السنوات الماضية في تقديم نموذج حضاري مشرق في التنمية والاستثمار والاستقرار الأمني، فقد تغيرت ملامح المدن وتطورت الخدمات وأصبحت أربيل والسليمانية ودهوك قبلة للسياحة والاستثمار ليس فقط للعراقيين بل للزائرين من مختلف الدول، فكيف نقابل هذا النجاح بغير الدعم والمؤازرة، وكيف نسمح لأنفسنا أن نشمت حين يواجه جزء من وطننا أزمة أو تحدياً.

 

إننا بحاجة إلى وقفة عراقية صادقة بعيداً عن الحسابات الضيقة والأخطاء الفردية؛ لأن الخطأ إذا وقع من شخص أو مسؤول لا ينبغي أن لا نحمله لقيادة الإقليم ولا لشعبه الطيب. الأزمة يجب أن تحلّ بالحوار الأخوي والنوايا الصافية وليس بالتسقيط الإعلامي أو التحريض السياسي.

 

أقول لإخوتي في الإقليم قلوبنا معكم ودعاؤنا لكم بالأمن والاستقرار ونتمنى أن تتجاوز هذه المحنة سريعاً، وأن تتواصل مسيرتكم في البناء والتقدم كما عهدناكم دائماً. أما السياسيين فأقول لكم كفوا عن استثمار الأزمات في معارككم السياسية واعملوا على وحدة العراق. فالقضية اليوم أكبر من خلاف عابر أو موقف سياسي. القضية هي الحفاظ على العراق وطناً موحداً يعيش فيه الجميع بكرامة وأمان ونحافظ فيه على تجربة كوردستان التي أصبحت أهم التجارب في المنطقة والعالم.

 

كوردستان سيبقى جزءاً عزيزاً من عراقنا الكبير مهما حاول الفاشلون الرهان على تفكيك العلاقة بيننا، وستمضي الأيام لتسقط هذه الرهانات ويعود الصف الوطني كما كان أقوى من كل المؤامرات. ما حصل في كوردستان ليس أزمة إقليمية بل محنة وطنية تمس كل العراقيين الشرفاء.

 

إقليم كردستان وقيادته وشعبه الكريم كانوا دوماً صمام أمان للوطن وواجهة حضارية نفتخر بها جميعاً في هذه اللحظات نقولها بوضوح نقف مع أهلنا في أربيل ودهوك والسليمانية وكل مدن الإقليم، وندعو إلى تغليب الحكمة على الانفعال والحوار على التصعيد، وندعم الأصوات التي تسعى لحماية أمن كوردستان واستقراره بعد أن سعى إلى التنمية والاستثمار، والخلافات تزول ويبقى الوطن، أما الشماتة في أزمات الأخوة فهي سقوط أخلاقي بعيد العراقيين الأصلاء.

 

 

محمد حنون نائب نقيب الصحفيين العراقيين

نُشرت في الأربعاء 9 يوليو 2025 09:03 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.