فضائح متوالية ونزاع علني بين المؤسسات.. ثقة العراقيين بـ"تطبيق العدالة" تتآكل وهناك مشاكل قادمة

5 قراءة دقيقة
فضائح متوالية ونزاع علني بين المؤسسات.. ثقة العراقيين بـ"تطبيق العدالة" تتآكل وهناك مشاكل قادمة

بدايات ساخنة لشتاء قادم

مع اقتراب نهاية الصيف ما تزال سخونة المشهد السياسي تتمدد داخل العراق، إذ أنّ لهيب الاختلافات والنزاعات يشعل الأجواء بين فترة وأخرى بين قوى سياسية ومؤسسات ضمن النظام السياسي في العراق.  

 

وأحدثت سلسلة من الأحداث المتسارعة خلال شهر واحد حالة من الاضطراب، بدءاً من هروب المتهم بسرقة القرن، نور زهير، ووصولاً إلى القضايا المثيرة للجدل التي طالت شخصيات بارزة تتعلق بشبكة التنصت، وهو ما أدى إلى أن يتحدث العديد من سياسيين عن حالة من التوتر ربما تؤدي إلى "انهيار البناء السياسي في العراق"، على حد تعبير رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي.  

 

الأحداث تتصاعد 

 

ووسط هذه الفوضى والصراع السياسي، ظهر رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، في مؤتمر صحفي، هاجم خلاله قاضي النزاهة، ضياء جعفر، وهو أمر غير مسبوق من الخلافات التي وصلت بين مؤسستين بحجم مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة.

 

 ودعا حنون إلى تحقيق أكبر قدر من الشفافية في ملفات الفساد، مستنداً في دعوته إلى "وجود وثائق تثبت تورط مسؤولين كبار في قضايا فساد، مثل سرقة الأمانات الضريبية وعقود مشبوهة، مطالباً بـ"عقد جلسة برلمانية علنية لكشف كل الحقائق المتعلقة بهذه القضايا".

 

وفي المؤتمر الذي عقده في أربيل، أقر رئيس هيئة النزاهة العراقية، حيدر حنون، بأنه مع قضاة آخرين من مجلس القضاء الأعلى، منهم ضياء جعفر "تسلّموا قطعة أرض من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لشراء الولاءات"، معترفاً بـ"قبولها مثلما فعل الآخرون".

 

ويرى نشطاء ومدونون أن النظام السياسي العراقي يمر بأخطر مراحله، "حيث تشير المعطيات إلى بلوغ الصراع بين أقطابه ذروته"، بحسب الناشط المدني سلام الحسيني.

 

ويقول الحسيني لـ"الجبال"، إنّ "التراكم المتسارع للأزمات والمشاكل يؤكد أن النظام لا يحكمه مفهوم الدولة والمؤسسات، بل يسيره منطق العصابات والصراع على السلطة".

وأشار الحسيني إلى أن "الصفقات والتقاسم، بدلاً من تطبيق الدستور والقانون، هي السمة الغالبة على إدارة شؤون الدولة"، مؤكداً أنّ "بلوغ الصراع هذه المديات الخطيرة التي تمس مؤسسات حساسة مثل النزاهة والقضاء، يمثل تهديداً خطيراً على ما تبقى من ثقة المواطنين بالنظام".

 

هذا وقد اتهم حنون قاضي النزاهة ضياء جعفر بطمس القضايا الموجهة ضد أكبر متهم بالفساد "نور زهير"، متسائلاً عن سبب "تقلص عدد الجرائم المنسوبة إلى زهير من 114 جريمة إلى جريمة واحدة". وجاء هذا الاتهام في سياق تصريحات حادة وجهها حنون ضد القاضي.

 

وأثار تقلص عدد "جرائم نور زهير"، تساؤلات حول العلاقة بين الفساد والنفوذ في العراق، وعن مدى القوة التي يتمتع بها زهير، والتي مكنته من التأثير على سير العدالة، وهو بالتالي ما يؤدي إلى إضعاف ثقة الناس أيضاً بالمؤسسات المعنية عن العدالة.

 

ويقول الحسيني إن "نور زهير جزء من الكل الملوث، ووصف زهير بأنه "شماعة" يتم التضحية بها لتصفية حسابات سياسية بين الأطراف الحاكمة.

 

أما الباحث السياسي مصطفى السراي، فيقول إنّ "القضية المطروحة حول نور زهير تنطوي على قوة القوى السياسية التي تقف خلف زهير، والتي قد تمارس ضغوطاً معينة من اجل خلط الأوراق".

ولفت السراي في هذا الأمر إلى الانتباه لدور القاضي ضياء جعفر، قاضي محكمة تحقيق الكرخ لقضايا النزاهة، الذي كفل زهير، فبالتالي قد يكون هذا الأمر أحد الأسباب والدوافع التي خلقت هذا النزاع.

 

الاحتجاجات بوصفها "اختبار الثقة"

 

وأكثر ما يقلق العديد من النشطاء والمواطنين هو "مصداقية" المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد، وقدرتها على استرجاع الأموال المنهوبة. 

 

ويرى الناشط سلام الحسيني أنّ "الشارع العراقي فقد ثقته بالنظام، وذلك بعد سلسلة من الأحداث التي أظهرت فشله في إدارة البلاد ومحاربة الفساد".

ويقول الحسيني إن "الاحتجاجات الشعبية الأخيرة كانت بمثابة اختبار حقيقي للنظام، حيث فشل في الاستجابة لمطالب المتظاهرين، وانتهى الأمر بإطلاق سراح المتورطين بالعنف، مما زاد من حالة اليأس والإحباط لدى المواطنين".

 

ويتفق الباحث مصطفى السراي في هذا الأمر، حيث يؤكد "تآكل الثقة الشعبية في الأجهزة الحكومية، خصوصاً في مجال مكافحة الفساد، وذلك بسبب صفقات الفساد التي تظهر للعلن، وأشار إلى أن "الاحتجاجات الواسعة التي شهدها العراق عام 2019 كانت تعبيراً عن هذا الغضب الشعبي، مؤكداً أن "تداعيات سرقة القرن زادت من حدة الأزمة وعمقت الشعور بالخذلان لدى المواطنين".

 

 

"الرشوة لم تنجح في الترويج للاستقرار الوهمي" 

 

 

"شبكة تنصت" وأحداث عدة قسمت الشارع العراقي وزعزعت الاستقرار في الآونة الأخيرة، وهو ما يشير وفق الحسيني إلى "صراع محتدم داخل الأوساط السياسية، لاسيما بين قوى الإطار ورئيس الوزراء السوداني، مؤكداً أن "المنافسة على النفوذ واستخدام المال السياسي وموارد الدولة بشكل غير مشروع هي أسباب الأزمات المتكررة في البلاد".

 

وتحدث الحسيني عن أن "محاولات الترويج للاستقرار الوهمي خلال العامين الماضيين، والتي اعتمدت على الرشوة بدلاً من الإقناع، قد فشلت في إخفاء حقيقة الصراع الداخلي، معتبراً أن هذه الأزمة "ستؤدي إلى مزيد من المشاكل في المستقبل القريب".

إيناس فليب شاعرة وصحفية

نُشرت في الخميس 5 سبتمبر 2024 09:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.