"إعلان التوظيف رغم العجز": مواطنون يشعرون بـ"خديعة".. لكن التعيينات فتحت مع اقتراب الانتخابات

"إعلان التوظيف رغم العجز": مواطنون يشعرون بـ"خديعة".. لكن التعيينات فتحت مع اقتراب الانتخابات شاب عراقي في أحد المحال في بغداد (فيسبوك)

"استغلال واضح لموارد الدولة"

في بغداد، بيوت كثيرة تئن من وطأة العوز والانتظار، ليعود الأمل ويدق أبواب آلاف الشباب العاطلين عن العمل. ليس من بوابة تعيين دائم، بل من نافذة "عقد مؤقت" براتب لا يوازي كلفة المعيشة، وهو أقرب إلى بدل مواصلات منه إلى راتب حقيقي. وصف البعض هذه الفرصة بأنها مجرد حقنة مخدرة لأزمة بطالة مزمنة، قبيل ان تفرش الانتخابات بساطها.

 

يقول مصطفى جميل، وهو أحد الشباب المتقدمين للتعيين ضمن العقود التي أعلنت عنها محافظة بغداد: "نشعر اليوم بسعادة ممزوجة بالحذر، بعد أن فُتح باب التقديم على تعيينات العقود. نحن جيل التسعينات، جيل عاش سنوات ما بعد الحروب والأزمات، وتخرّجنا من الجامعات لنجد أنفسنا في طابور بطالة طويل لا ينتهي. لقد مللنا الانتظار".

 

ويكمل: "ما نطلبه هو أن تُحترم كفاءتنا ويُنظر إلينا كطاقة وطنية قادرة على الإنتاج. هذه العقود رغم تواضع الراتب إلا انها تُعد بارقة أمل لنا. فلقد تعبنا من أن نكون متفرجين على بلدنا، نتمنى فقط أن نكون جزءاً من عجلة العمل والبناء، وأن نحظى بفرصة نثبت فيها وجودنا وقدرتنا على العطاء".

 

خلفية الإعلان

 

ذلك وقد أعلنت محافظة بغداد في وقت سابق، فتح باب التقديم على تعيينات بصفة عقود، وفقاً لقانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (13) لسنة 2023، للسنوات 2023–2025، وتحديداً بموجب المادة (66) من القانون وتعليمات التعيين رقم (2) لسنة 2023.

 

وقد فُتحت الاستمارة الإلكترونية للتقديم على موقع (بوابة أور) للخدمات الحكومية، بالتعاون مع مركز البيانات الوطني التابع للأمانة العامة لمجلس الوزراء، على أن يستمر التقديم لمدة 30 يوما، بدءاً من 5 أيار 2025 وحتى 5 حزيران من العام ذاته.

 

فيما كشفت محافظة بغداد في تصريحها الأخير، أن عدد المتقدمين بلغ 400 و74 ألف و189 متقدماً، لغاية تاريخ 22 أيار 2025، وقالت في بيان، إن "محافظة بغداد هي الجهة الوحيدة المخولة رسمياً بتقديم المعلومات والبيانات المتعلقة بعملية التقديم وآليتها"، داعية المواطنين إلى "عدم الاعتماد على أي تصريحات أو معلومات تصدر عن جهات أو أشخاص لا يحملون صفة رسمية، لما قد تتضمنه من معلومات غير دقيقة أو مضللة".

 

وأكدت المحافظة أن "الطريقة الرسمية الوحيدة المعتمدة للتقديم هي من خلال الاستمارة الإلكترونية عبر المنصة الحكومية الرسمية (منصة أور) فقط"، مشددة على أن "أي ادعاءات بوجود استمارات ورقية، أو محاولات لجمع أسماء من خلال جهات أو أفراد غير رسميين، تُعد خداعا وتزييفا يُراد بها تحقيق أغراض شخصية لا تمت للعملية الرسمية بصلة".  

 

كيف تُحسب النقاط؟ ومن لهُ الأولوية؟

 

في تصريح خاص لـ"الجبال"، أوضح قاسم العبيدي، مدير قسم شؤون المواطنين في مجلس محافظة بغداد، أن "التعيينات المعلنة بصفة عقود تأتي ضمن خطة حكومية لدعم فئات واسعة من الشباب، وقد تم تمويلها بالكامل من وزارة المالية وفقاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بتوزيع 150 ألف درجة وظيفية على المحافظات، مؤكدا أن "التمويل موجود ومخصص، والعقود مدتها ثلاث سنوات فقط، وبراتب شهري مقطوع يبلغ 300 ألف دينار عراقي".

 

وأشار العبيدي إلى أن "هذه العقود لا تميز بين شهادات المتقدمين، فالمهندس، والحرفي، وخريج المتوسطة أو الابتدائية يتقاضون الراتب ذاته، إذ إن الهدف منها هو توفير فرصة تدريبية مؤقتة تؤهل الشباب لسوق العمل، وليس تثبيتاً وظيفياً"، موضحاً أن "العقود تنتهي تلقائياً بانتهاء مدتها ما لم تصدر تعليمات لاحقة بشأن التثبيت".

 

وتابع العبيدي  أن "الاختصاصات المطلوبة شملت جميع المستويات الدراسية، من الابتدائية إلى البكالوريوس، وتشمل التعيينات مهندسين، حرفيين، سائقين، عمال خدمة، إضافة إلى كتّاب للعمل في الوحدات الإدارية والخدمية في المحافظة"، مؤكدا أن "عدد المتقدمين حتى الآن وصل الى أكثر من 600 ألف متقدم – ويناقض هذا الرقم ما اعلنته محافظة بغداد بزيادة تقدر بـ200 ألف متقدم، خاصة بعد فتح باب التقديم لحملة الشهادات غير الجامعية، ما شكّل ضغطاً كبيراً على المنصة الإلكترونية".

 

وحول آلية المفاضلة، بيّن العبيدي أن "الفرز يعتمد على نظام نقاط دقيق، يمنح المتقدم نقاطاً بحسب التقدير الدراسي (من 5 إلى 25 نقطة)، سنة التخرج (حتى 5 نقاط إضافية)، والحالة الاجتماعية (تصل إلى 10 نقاط)، وفي حال تساوي النقاط، يتم اللجوء إلى قرعة إلكترونية علنية لضمان الشفافية ومنع التلاعب".

 

وأردف "تم أيضاً تحديد نسب محددة لبعض الشرائح لضمان العدالة وتكافؤ الفرص، حيث خُصصت 15% من الدرجات لذوي الشهداء، موزعة بين شهداء النظام السابق والحشد الشعبي، و10% لذوي شهداء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية وضحايا الإرهاب، و5% على الأقل لذوي الاحتياجات الخاصة، و2% على الأقل للأقليات الدينية والقومية كالمسيحيين، والإيزيديين، والصابئة، والشبك، والكورد الفيليين"، مستكملاً: "نحن نعمل على ضمان أن تسير هذه التعيينات بطريقة شفافة وعادلة، وندعو جميع المتقدمين إلى الالتزام بالشروط وتقديم الوثائق الصحيحة، لأن أي نقص أو مخالفة في البيانات يؤدي إلى الاستبعاد، وسيُستعان بقائمة الاحتياط لسد الشواغر".

 

انتظار مكلف

 

الكثير من القصص تبقى مجهولة خلف أروقة الانتظار، هناك شباب دفعوا ثمن حلم الوظيفة دون الحصول على شيء، حيث لجأ البعض إلى الديون والقروض لسد ثمن تقديم طلبات التعيين، لكن الواقع كان قاسياً أكثر من انتظارهم. وفي هذا السياق، يسرد لنا قصي مروان، شاب في الثلاثين من عمره، يعمل خلفة بناء منذ أكثر من عقد:"أنا واحد من أولئك الشباب الذين انتقلوا من مقاعد الدراسة إلى ميدان العمل الشاق مباشرة، دون أن تسنح لي فرصة التعيين أو الحصول على وظيفة رسمية. على مدار السنوات الماضية، قدمت طلبات التعيين مراراً وتكراراً، ودفعت مبالغ مالية كثيرة، تقدر بالملايين، من خلال السلف والديون لأجل تسهيل إجراءات التقديم، لكن رغم ذلك لم يظهر اسمي في أي قائمة للمقبولين".

 

ويتابع قصي: "أكملت كل الإجراءات أصولياً وحصلت على رقم تسلسلي، لكن لم تصلني أي رسائل سواء للمعلومات أو للبداية بالعمل. أشعر أنني خُدعت وسُرقت، وأن هذه العملية ليست سوى استغلال مالي لا أكثر".

 

وعن المخاوف التي تراوده، يقول: "لا أخفي خوفي من أن تكون هذه التعيينات مجرد ورقة انتخابية تُستغل، كما حدث سابقاً، حيث يتم تبادل الأسماء وإسقاط البعض رغم استحقاقهم، بينما يُفضل آخرون بلا وجه حق".

 

ويضيف "مع ذلك، وعلى الرغم من شعوري بالخذلان، ما زلت أتمنى أن تكون هذه المرة مختلفة، وأن تكون الفرصة نزيهة بالفعل، دون وساطات أو دفع أموال أو تدخلات حزبية".

 

 

الوظائف.. أداة للاسترضاء السياسي

 

ويرى عزيز الربيعي، الأمين العام لتيار الخط الوطني، إن إطلاق هذه الدرجات الوظيفية بعقود مؤقتة في هذه المرحلة الحساسة لا يبدو بريئاً أو محايداً، بل يعكس استغلالاً واضحاً ومقصوداً لموارد الدولة المالية والبشرية، من أجل تحقيق مكاسب انتخابية ضيقة لحزب السلطة الذي أوصل المحافظ الحالي إلى منصبه. هذه الخطوة ليست مجرد توزيع وظائف، بل هي محاولة مكشوفة لتوظيف الوظائف العامة كأداة استرضاء سياسي وجذب انتخابي، تُحوّل خلالها فرص العمل إلى بضاعة تُباع وتُشترى ضمن شبكة علاقات حزبية ومصالح شخصية.

 

وقال الربيعي في تصريح خاص لـ"الجبال"، إن "هذه الممارسات تُعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ العدالة الانتخابية التي تُفترض أن تكون حجر الزاوية لأي نظام ديمقراطي. فهي تمس بشكل مباشر جوهر التنافس الشريف بين القوى السياسية، وتؤدي إلى زعزعة ثقة المواطن في نزاهة العملية الانتخابية. إذ يُفترض أن تبقى مؤسسات الدولة على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية، بعيدة عن أي تأثير أو تدخل حزبي، لا أن تتحول إلى أذرع دعائية تُستخدم المال العام فيها لخدمة مصالح ضيقة تضر بالمصلحة العامة".

 

ويكمل: "الوظيفة العامة ليست مجرد منصب أو مصدر دخل، بل هي حق دستوري يكفله القانون للمواطنين، ويجب أن تُمنح على أساس الكفاءة والمهنية والاستحقاق فقط، لا أن تُحوّل إلى غنيمة انتخابية تُوزع وفق الولاءات الحزبية والانتماءات السياسية الضيقة. ما يجري اليوم هو تكريس لنهج المحاصصة والتوظيف السياسي الذي لم يخفِ دوره في إنهاك مؤسسات الدولة، وتدهور مستوى الخدمات العامة، وإفقاد الناس الثقة بالعملية الديمقراطية برمتها، ويعزز من ظاهرة الفساد والمحسوبية التي تفتك بكيان الدولة".

 

وأكد الربيعي أن "ما نحتاجه في هذه اللحظة الحرجة هو إعادة ترسيخ معايير الشفافية والنزاهة في آليات التوظيف، وفصل الإدارة المحلية والدوائر الحكومية عن الحسابات الحزبية الضيقة، بحيث تُدار هذه المؤسسات بشكل مهني وموضوعي بعيداً عن أي تأثير سياسي أو ضغوط انتخابية. نحن بحاجة إلى بناء نظام عادل يضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، ويحول دون استمرار التلاعب بمصائر الناس ومستقبلهم لتحقيق نتائج انتخابية آنية قد تضر بالوطن بأكمله".

 

عبء مالي جديد

 

ومع التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تعاني منها الموازنة الاتحادية، أثير قرار إطلاق التعيينات الجديدة في محافظة بغداد تساؤلات جدية حول القدرة الاقتصادية على استيعاب أعباء مالية إضافية. حيث يرى خبراء الاقتصاد أن استمرار التوسع في التوظيف دون إعادة هيكلة جذرية للقطاع العام قد يفاقم من المخاطر المالية ويهدد استدامة الموارد العامة.

 

إذ يرى خبير الاقتصاد قصي صفوان أن قرار منع إطلاق درجات وظيفية جديدة في الموازنات المالية للسنوات 2020 حتى 2025 كان واضحاً، مشيراً إلى أن الجهات الحكومية قد تتمكن من التوظيف عبر عقود تمويل ذاتي بعيداً عن وزارة المالية، إذا ما كانت تمتلك الصلاحيات والإمكانيات اللازمة لذلك ضمن حدود المحافظة.

 

وأوضح صفوان أن "التعيينات التي أُطلقت في بداية عام 2023 قد غطت بشكل كبير احتياجات الوحدات الحكومية، بل هناك فائض في أعداد العاملين حالياً. وإذا ما تم إجراء إعادة هيكلة للوزارات الاتحادية، فإننا سنكتشف وجود عدد من الموظفين الذين يشغلون وظائف بلا إنتاجية حقيقية تغطي تكاليفهم".

 

وحذر الخبير الاقتصادي من أن استمرار إطلاق التعيينات قد يزيد من المخاطر المالية على الموازنة العامة، التي تُثقل بحوالي 90 تريليون دينار سنوياً لتغطية رواتب الموظفين الحاليين والمتقاعدين، إلى جانب بنود الرعاية الاجتماعية وغيرها من الالتزامات التي لا يمكن للحكومة التهرب منها، منوّهاً أن "الأمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة للهيكل الوظيفي والمالي للدولة قبل أي توسع في التعيينات، لضمان استدامة الموارد وعدم الإضرار بالاقتصاد الوطني".

 

"فلوسنا هواية" والعراق قادر على التوظيف

على الرغم من الجدل المحتدم حول جدوى إطلاق الدرجات الوظيفية الجديدة، تتباين الآراء بين من يحذر من العبء المالي الملقى على الدولة، ومن يرى أنها مجرد استغلال سياسي.

 

وسط هذا التناقض، تقدم يسرى المسعودي، رئيسة لجنة العمل في مجلس محافظة بغداد، رؤية مختلفة تؤكد فيها أن "إطلاق نحو 150 ألف درجة وظيفية هو خطوة إيجابية وضرورية تساهم في تخفيف معاناة الشباب الباحثين عن عمل".

 

وقالت المسعودي: "من المستحيل أن تكون هذه التعيينات فرصة للاستغلال السياسي، فالمشروع قد تم التصويت عليه قبل نحو خمس سنوات، وموافقته مرّت عبر الأطر القانونية من مجلس المحافظة إلى وزارة المالية ومجلس الوزراء، وهو ما ينفي أي تدخلات انتخابية أو استغلال حزبي"، موضحة  أن إجراءات التقديم تتم إلكترونياً عبر رابط رسمي شفاف يخضع لفرز دقيق للطلبات بناء على الشهادات، ثم مفاضلة، تليها قرعة لضمان العدالة.

 

وفيما يخص مدة العقود، أكدت ان التعيينات الحالية مقررة لمدة ثلاث سنوات مع إمكانية التثبيت مستقبلاً حسب الوضع المالي للدولة، قائلة: "نتمنى أن تثبت هذه الدرجات لتحمي لقمة عيش آلاف الشباب، خصوصاً مع تحسن الإيرادات المالية المتوقعة".

 

ورداً على الانتقادات الاقتصادية بشأن توظيف المزيد من الموظفين وسط  قلة السيولة وكثرة العاملين، أكدت المسعودي وجود رؤية اقتصادية مالية تدعم هذه الخطوة، وقالت: "العراق بلد غني بثرواته، فهو ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد السعودية، ويمتلك موارد هائلة. صحيح أن الاقتصاد العراقي تضرر بفعل تراجع أسعار النفط وجائحة كورونا، لكن لديه مقومات قوية للنهوض والاستمرار في دعم التعيينات".

 

وأضافت "الدولة بحاجة لاستيعاب أبنائها من الشباب واستثمار طاقاتهم في مؤسسات الدولة التي تعاني من نقص في الموظفين، خصوصاً في بغداد. فهناك قطاعات مثل العمل والشؤون الاجتماعية تحتاج إلى المزيد من الكوادر، وليس من المنطقي أن نعيّن موظفين بلا حاجة فعلية داخل المحافظة".

 

ورقة ضغط على اقتصاد هش

 

الأوضاع الاقتصادية الهشة والتحديات السياسية المتشابكة التي تواجه العراق، تكسب قضية الدرجات الوظيفية أبعاداً أكثر تعقيداً وتأثيراً. وفي هذا المنطلق، يسلط المحلل السياسي علي حبيب الضوء على تداعيات هذه التعيينات، إذ يقول: "إن مسألة إطلاق الدرجات الوظيفية في العراق ليست مجرد ملف إداري أو اقتصادي، بل هي أزمة مركبة تتشابك فيها العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتشكل أزمة حقيقية تهدد استقرار الدولة ومستقبلها".

 

كما أكد حبيب أن "تضخم الجهاز الحكومي بات حقيقة لا يمكن إنكارها، إذ أصبح التوظيف في القطاع العام مصدر دخل رئيس لملايين الأسر العراقية، وهذا يجعل كل زيادة في الدرجات الوظيفية مطلباً سياسياً واجتماعياً لا يُمكن تجاهله. ورغم الحاجة الفعلية للوظائف، إلا أن الزيادة العشوائية والمتكررة في التعيينات تنطلق غالباً من دوافع سياسية، حيث تتحول هذه الدرجات إلى أدوات لاسترضاء قواعد الأحزاب وكسب أصوات الناخبين".

 

وحذر حبيب من أن "العراق يواجه وضعاً اقتصادياً هشاً للغاية بسبب اعتماده شبه الكامل على النفط، حيث يشكل هذا القطاع 90% من الموازنة العامة، مما يحد من قدرة الدولة على تمويل هذه التعيينات الضخمة دون المساس بالاستقرار المالي". وأوضح أن إطلاق هذه الدرجات في ظل "عجز مزمن بالموازنة وارتفاع كبير في الدين العام، سيؤدي لا محالة إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية، خاصة إذا لم يصاحبها إصلاح حقيقي في هيكلية توزيع الموارد".

 

وأشار المحلل إلى أن "تزامن صدور قرارات التوظيف مع قرب الانتخابات يؤكد استخدامها كأداة انتخابية واضحة"، مستشهداً بأرقام مثل "250 ألف درجة وظيفية أطلقت في 2021، و47 ألفاً أخرى في 2023، معظمها توزعت عبر مكاتب أحزاب لضمان التصويت، مع تدخل واضح للوساطات والمحاصصة التي تعزل مبدأ العدالة والشفافية في التعيين"، مضيفاً أن "هذه السياسة تخلق أزمة حقيقية في شفافية التوظيف، وتضعف ثقة المواطنين المؤسسات الحكومية، خصوصاً أن الدولة في ظل هذه الأزمة المالية لا تملك الموارد الكافية لتمويل الرواتب، مما يجعل هذه الدرجات مجرد لعبة سياسية خطيرة على حساب مستقبل العراق".

 

واختتم حبيب تصريحه بالتأكيد على أن "التعيينات الحكومية ليست حلاً مستداماً للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها العراق، بل الحل الحقيقي يكمن في إصلاحات شاملة تشمل تنويع الاقتصاد، تحسين كفاءة القطاع العام، وتركيز التعيينات على النوعية بدل الكم، إلى جانب دعم حقيقي وفاعل للقطاع الخاص ليكون بديلاً جذاباً أمام المواطنين بدلاً من التوجه نحو التعيين الحكومي".

 

مينا القيسي

نُشرت في الجمعة 23 مايو 2025 04:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.