قانون حماية المسعف المتطوع يقترب من "فك أسره".. عقوبات للملوّحين بالفصل العشائري ومكافأة للمُنقذ

6 قراءة دقيقة
قانون حماية المسعف المتطوع يقترب من "فك أسره".. عقوبات للملوّحين بالفصل العشائري ومكافأة للمُنقذ (تعبيرية)

شخص مخضب بالدماء وملقى على الأرض، حادث دهس وانقلاب عجلة هنا، ومواطن يئن طالباً المساعدة هناك، لكن صراخ المصابين لم يعد يجبر أقدام المارّين على الوقوف، مشهد يكاد يتكرر يومياً، والعزوف عن تقديم المساعدة بدأ يتوسع حتى وصلت بعض الإصابات حتى النزف والموت؛ بسبب خوف "المسعف المتطوع" من الدخول بإجراءات قانونية وأمنية وعشائرية، مما يدفعه إلى تجاهل جميع تلك المعوقات والمضي بـ"سلام" في طريقه.

 

وفي ظل تلك "المعضلة" يعتزم العراق تشريع قانون ينقذ أرواح مواطنيه، بعد أن وافق مجلس الوزراء، في أواخر نيسان الماضي على مشروع قانون حماية المُسعف والمنقذ التطوّعي، وذلك بعد تدقيقه من قبل مجلس الدولة، وقرر إحالته إلى مجلس النواب لاستكمال الإجراءات التشريعية.

 

وعلى الرغم من أهمية "قانون المسعف"، لكنه كان مركوناً في أروقة البرلمان منذ عام 2018، وطُرح من قبل مجلس الوزراء استجابة للمطالب المتكررة، بعد أن أدى غياب مثل هذا التشريع إلى تردد العديد من المواطنين في تقديم الإسعافات الأولية.

 

ويعد القانون من أهم القوانين الصحية في العراقي، إذ أكد وزير الصحة صالح الحسناوي في تصريح للتلفزيون الرسمي، أهمية تشريع قانون حماية المسعف أو المنقذ المتطوع.

 

وقال الحسناوي، إن "المواطنين يعزفون عن تقديم المساعدة لمن يجدوه مصاباً في طريقهم، بسبب المساءلة القانونية مما دفع إلى خسارة الكثير من الأرواح ومضاعفات للمصابين، وتشريع القانون سيقلل من ذلك".

 

وهناك تشريعات نافذة تعالج قضية حماية المسعف في المادة (370) من قانون العقوبات العراقي، وكذلك المادة (111) وقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (24) لسنة 1997 المتعلقة بالمسعف، إلا أنها لا توفر الحماية القانونية والعشائرية اللازمة للمسعف، بحسب المهتمين بالشأن القانوني.

 

القانون يكرم المسعف والمُنقذ

 

بدورها، تؤكد عضو لجنة الصحة النيابية محاسن الدليمي، أن "قانون حماية المسعف"، سيكرم المسعفين المتطوعين بدلاً من ملاحقتهم قانونياً وعشائرياً.

 

وقالت الدليمي في حديث لمنصّة "الجبال":، إنه "يجب التمييز بين المسعف الطبي والمسعف التطوعي، فإن مقترح لجنة الصحة النيابية يختص بالمنقذ والمسعف التطوعي".

 

وأضاف، أن "القانون سيكون بمثابة ثقافة للمواطنين للتعاون فيما بينهم وحماية أرواح الناس، سواء حصل حادث دهس أو حريق أو غيرها فيبادر المسعف التطوعي لإنقاذ المصاب من دون تعرضه للمساءلة القانونية، واعفائه من المسائلات في قانون العقوبات".

 

وأشارت الدليمي إلى، أن "من يقوم بمساعدة الناس الذين يتعرضون للحوادث سيتم تكريمهم وفق مقترح قانون حماية المسعف".

 

ولفتت الى، أن "تهديد من يقوم بالمساعدة، بالعشائر يعتبر جريمة وسيحاسب عليها من يفعل ذلك".

 

ويتضمن مشروع القانون تعديل المادة (47) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، بما يمنع توقيف المخبر أو ملاحقته في حال تبين أن بلاغه لم يكن كيديًا، حتى وإن لم تؤدِ المعلومة إلى نتيجة.

 

ويُعد هذا التعديل جوهرياً كونه يغيّر من فلسفة التعامل مع الإبلاغ في القضايا الإنسانية ويشجّع المواطنين على التعاون دون الخوف من العواقب القانونية.

 

كما تضمن القانون نصوصاً صريحة تجرّم عرقلة أو تهديد أي من الأشخاص الثلاثة المشمولين بالحماية عند قيامهم بدورهم، وتعتبر ذلك فعلاً مخالفاً للقانون يستوجب المحاسبة، كما تشترط بنود الحماية أن يكون التدخل في حدود المعقول والممكن، وألا تكون هناك نية للإضرار أو الاستغلال، مع إمكانية توثيق الحادثة بالشهادات أو الوسائل التقنية.

 

لا محاسبة للمسعف مع التقنيات الحديثة

 

من جهته، وصف عضو اللجنة القانونية النيابية محمد عنوز، مشروع قانون حماية المسعف بأنه "خطوة تنظيمية وضرورية".

 

وقال عنوز في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "مشروع قانون حماية المسعف والمُنقذ ما يزال ضمن إطار المقترحات، ولم يُدرج على جدول أعمال مجلس النواب".

 

وأضاف عضو اللجنة القانونية النيابية، أن "التقنيات الحديثة، المتمثلة بالكاميرات والهواتف، توفر أدوات لتوثيق أفعال المسعف وتمييزها عن أي سلوك مريب"، مشدداً على "ضرورة القانون خلال الدورة التشريعية الحالية، لأنه يتعلق بمواقف إنسانية متكررة لا تحتمل التأجيل".

 

وأشار عنوز إلى، أن "استمرار تأجيل جلسات مجلس النواب تسبب بتراكم عدد من القوانين المهمة دون حسم".

 

تفاصيل المشروع تخدم المسعف المتطوع

 

من جانبه، فصّل الخبير القانوني علي التميمي، فقرات مشروع قانون حماية المُسعف والمُنقذ المتطوع، فيما أشار إلى أن المشروع يتكون من 9 مواد.

 

وبيّن التميمي في حديث لمنصة "الجبال"، أن "قانون حماية المسعف التطوعي مهم جداً ويتضمن جوانب إنسانية كثيرة، تتمثل بالإخبار وإسعاف الحوادث والكوارث التي تقع في الطرقات".

 

ويتكون مشروع قانون حماية المُسعف، وفق الخبير القانوني، من تسع مواد، تبين الفرق بين المسعف التطوعي والمنقذ والمخبر.

 

وأضاف، أن "المسعف التطوعي هو من يجد إنساناً مصاباً ويحتاج إلى المساعدة فيهرع إلى إسعافه، أما المنقذ فهو من يقوم بنقل المصاب ومرافقته إلى المستشفى، فيما يتمثل عمل المخبر بالإبلاغ عن الحادثة".

 

وأشار التميمي إلى، أن "قانون حماية المسعف وفر الحماية إلى الفئات الثلاثة (المسعف والمنقذ والمخبر)، إذ لا يجوز مساءلتهم ما لم يرتكبوا الجريمة"، مبيناً أن "عقوبة مرتكب الجريمة ستكون مخففة في حال أبلغ عنها".

 

ولفت إلى، أن "مشروع قانون حماية المُسعف، عمل على إضافة فقرة إلى المادة 47 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971"، مشيراً إلى أن "الفقرة تتمثل بعدم مساءلة المخبر عندما يقوم بالإخبار عن الحادثة وهذا إجراء مهم جداً".

 

وبين الخبير القانوني، أن "مشروع قانون حماية المسعف ألغى الفقرة رقم 2 من المادة 370 من قانون العقوبات المتمثلة بعدم إغاثة الملهوف".

 

وأكد، أن "مشروع القانون أوجب على المستشفى، علاج المصاب قبل المضي بالإجراءات القانونية، فضلاً عن عدم توقيف المخبر وأخذ إفادته فقط وإطلاق سراحه لحين اتضاح الموقف".

 

ووفق التميمي فإن "القانون أوجب وجود تعليمات لاحقة تصدر بالتعاون بين وزارتي الصحة والداخلية وإشراف مجلس القضاء الأعلى"، مشيراً إلى أن "تلك التعليمات مهمة جداً وستحدد الخطوط الرئيسية".

 

وأوضح، أن "مشروع القانون جاء بمبدأ مهم وهو: كل من يلوح أو يطالب أو يهدد بالفصل العشائري أو الملاحقة العشائرية، يعاقب بالسجن مدة تصل إلى 15 سنة"، مشدداً على "ضرورة الإسراع بالتصويت على القانون؛ لأهميته وتضمنه جانبا إنسانياً".

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الجمعة 9 مايو 2025 01:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.