طرح المختص في الشأن المالي والاقتصادي أحمد عبد ربه، السبت 3 أيار 2025، حلولاً لمواجهة ازمة السيولة في العراق، بعد إقدام الحكومة العراقية على سحب أموال من الأمانات الضريبية، فيما أشار إلى أن حكومة السوداني تحتاج إلى إرادة حازمة لاتخاذ قرارات جريئة تحول دون انزلاق البلاد نحو أزمة نقدية خانقة.
في السياق: البرلمان يريد معرفة الأسباب.. حكومة السوداني بدأت بسحب أموال الأمانات الضريبية لدفع الرواتب
وقال عبد ربه في حديث لـ"الجبال"، إنه "بعد سحب 3.045 تريليون دينار من الأمانات الضريبية لتغطية الرواتب، تبدو أزمة السيولة في العراق أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، ما يستوجب تحركاً حكومياً عاجلاً بوصفة مالية متوازنة".
وأضاف، "يجب إعادة جدولة النفقات غير الضرورية وتأجيل المشاريع غير العاجلة، مثل مشاريع فك الاختناقات، لتوجيه الموارد نحو الأولويات القصوى، وإصدار سندات حكومية قصيرة الأجل للبنك المركزي والمصارف المحلية، كحل داخلي سريع دون التورط في ديون خارجية".
إقرأ/ ي أيضاً: توضيح من المالية عن سحب أرصدة من مصرفي الرافدين والرشيد
وأوضح أن "من ضمن الحلول السريعة، هو تشديد الرقابة على تحويلات المصارف الأجنبية وتقنين بيع الدولار، وإعادة الثقة بالمصارف المحلية، وإطلاق حملات تحصيل ضريبي عاجلة تستهدف المتأخرات الكبيرة على الشركات والمستوردين لتعزيز الإيرادات غير النفطية".
وشدد المختص في الشأن المالي والاقتصادي، على أن "يكون هناك تحرك دبلوماسي فوري مع واشنطن لضمان استمرار تدفق عائدات النفط دون تعطيل أو تأخير، إضافة إلى طرح سندات ادخارية للمواطنين بفوائد محفزة لاستقطاب الكتلة النقدية النائمة خارج النظام المصرفي".
في السياق: ما سبب سحب الحكومة العراقية أموالاً من الأمانات الضريبية؟
وختم عبد ربه، بالقول: "في مثل هذه اللحظات الحرجة، لا تحتاج حكومة السوداني إلى مداولات طويلة، بقدر حاجتها إلى إرادة تنفيذية حازمة، قادرة على اتخاذ قرارات جريئة تحفظ التوازن المالي وتحول دون انزلاق البلاد نحو أزمة نقدية خانقة قد تتسارع تداعياتها خلال أسابيع".
وأمس الجمعة، حدّد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، أسباب سحب الحكومة العراقية أموالاً من الأمانات الضريبية التي وصفها جزءاً من الموازنة يمكن اعتمادها في تكييف الإنفاق الحكومي، فيما تحدث عن "خشية" من الدخول في مرحلة الانكماش الاقتصادي.
وقال صالح إن "العالم يعيش في حالة من الترقب خشية الدخول في مرحلة الانكماش الاقتصادي، ومن ثم الكساد الاقتصادي الكبير، وهذه المرحلة تستغرق ستة أشهر يتم فيها مراقبة مستويات النمو والبطالة في الاقتصاد العالمي"، لافتاً الى أن "العراق جزء مهم في منظومة الطاقة في العالم فإن هبوط الناتج المحلي 1% للعالم يؤدي الى هبوط مقداره نصف الواحد في المئة في الطلب على النفط ما يؤدي الى تخمة في العرض ما تطلب سياسة حذرة من (أوبك+) لمساعدة بلدان المجموعة من حماية موازناتها المالية للعام 2025 ومقدمات السنة المالية القادمة 2026".
وأضاف أن "ثمة تحوطاً فنياً دقيقاً لمواجهة دورة الأصول النفطية افترضها المشرع عند إقرار الموازنة العامة الاتحادية الثلاثية (القانون رقم 13 لسنة 2023 المعدل) باتخاذ سعر نفط متحفظ وهو 70 دولاراً لسعر برميل النفط المصدر وبواقع تصدير 3.4 ملايين برميل نفط يومياً"، مبيناً أن "هذا التحوط هو باتجاهين: الأول، هو الإنفاق بموازنة مريحة، ولكن بالحد الأدنى الممكن البالغ 160 تريليون دينار سنوياً بدلاً من 200 تريليون دينار سنوياً، والاتجاه الثاني: الإنفاق في الحد الأعلى مع التحوط بعجز سنوي أقصى قدره 64 تريليون دينار".
وتابع صالح أنه "في موازنة 2024 جرى الإنفاق في الحد الأدنى المريح البالغ 156 تريليون دينار وبمتوسط سعر برميل نفط بنحو 75 دولاراً، وهذا الإنفاق غطى الموازنة التشغيلية كلها بما في ذلك الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والدعم، فضلاً عن الانفاق على أكثر من 8 آلاف مشروع استثماري وخدمي حكومي متوقف"، مشيراً الى أن "الاقتراض الحكومي وأغلبه من مصادر الاقتراض الداخلية سجل مؤشراً تمويلياً في عجز الميزانية بنسبة 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ1.3% في عام 2023".
ولفت الى أنه "في حال هبوط أسعار النفط إلى 60 دولاراً كمتوسط سنوي، وهو أقصى احتمال في موازنة العام 2025 ، فإن هناك خيارين، أما الإنفاق بنحو 130 تريليون دينار وبقاء نسبة تمويل العجز الى الناتج المحلي الاجمالي نفسه كما في العام 2024، أو الإنفاق بسقف 156 ترليون دينار وقبول اقتراض فعلي بالسندات يرتفع الى 9% من الناتج المحلي الاجمالي بغية تأمين الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والدعم والإنفاق على المشاريع الخدمية دون توقف آخذين بالاعتبار هبوط أسعار النفط وانكماش النمو في الناتج المحلي الاجمالي بشكل مزدوج ".
وأشار صالح الى أن "هذه هي الخيارات المتوقعة الممكنة ما لم تتحسن دورة الأصول النفطية التي تعتمد في الأحوال كافة على سياسات (أوبك +) المقبلة في مستقبل حدود الإنتاج ومراجعة حصص الأعضاء وكذلك تطور الأوضاع الجيوسياسية في العالم، ولاسيما في الحرب الاوكرانية الروسية وتطور الأوضاع في منطقة حوض المتوسط، إذ تعد منطقة الخليج مسؤولة عن تصدير ما يقرب من 40% من صادرات النفط الخام العالمية، وانعكاس ذلك على تقلبات أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، ومنها أسواق النفط الخام".
وأوضح أن "تكييف الانفاق بما في ذلك موضوع التغطية بالأمانات الضريبية التي هي شبه حقوق للموازنة العامة، فإنها تأتي في إطار ما يسمى بالحيز المالي هو مقدار الموارد المالية المتاحة للسلطة المالية لضمان الإنفاق الحكومي (وتحديداً على الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية) من دون الإضرار بالاستقرار المالي على المدى المتوسط أو الطويل".