توقعات بصيف لاهب وسط تحديات في توفير الطاقة.. هل تثير أزمة الكهرباء "غضباً شعبياً"؟

5 قراءة دقيقة
توقعات بصيف لاهب وسط تحديات في توفير الطاقة.. هل تثير أزمة الكهرباء "غضباً شعبياً"؟ مواطن عراقي يحاول التخفيف من الحر في أحد الشوارع العامة

في أغنيتها "حبيتك بالصيف"، رسمت الفنانة اللبنانية فيروز صورة للصيف كفصل للحب والجمال، لكن هل يمكن تحقيق ما قالته في العراق؟، هذا سؤال ينطلق دائماً للتندر في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحوّل الصيف إلى كابوس بسبب عجز الحكومات المتعاقبة والحالية عن توفير نسمات الهواء البارد، ليصبح أقرب إلى يوم القيامة منه إلى فصل للبهجة. لقد اختفى الصيف الذي غنّت عنه فيروز، وحل محله صيف لاهب وقاس، ولا سبيل فيه إلا للمعاناة والبحث عن مهرب من درجات الحرارة الخمسينية.


 
ويأتي صيف هذا العام في ظل ظروف إقليمية متوترة، خاصة بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن إيران، والتي تثير مخاوف بشأن مستقبل إمدادات الغاز التي يعتمد عليها العراق، إذ أن أزمة الكهرباء في العراق قضية مستمرة منذ عقود، تفاقمت بسبب الإهمال وسوء الإدارة والفساد، ومع ذلك، يكتسب هذا الصيف أهمية خاصة بسبب تزامن ارتفاع الطلب على الطاقة مع عوامل أخرى تزيد من تعقيد المشهد.


  
ويعتمد الناس على الكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف والثلاجات ومضخات المياه، وخاصة في بلد مثل العراق حيث تصل الحرارة إلى نصف درجة  الغليان، تصاحبها زحمة في الطرق، وهو ما يجعل المواطن علي يخشى كلما اقترب من دخول فصل الصيف "لأننا نعيش في جحيم حقيقي. لا نستطيع النوم ليلاً بسبب الحرارة والرطوبة، وانقطاع الكهرباء يجعل كل شيء أسوأ.. كل موسم تعدنا الحكومة بحل المشكلة، لكن لا شيء يتغير"، على حد تعبيره.

 

وأثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سياسته تجاه إيران تساؤلات ومخاوف في العراق، اذ يعتمد الأخير بشكل كبير على استيراد الطاقة من إيران لسد جزء من حاجته المحلية، وأي تصعيد في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران قد يؤدي إلى تعطيل هذه الإمدادات، مما يزيد من تفاقم أزمة الكهرباء الحالية.

 

ويرى محللون أن عودة سياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعتها إدارة ترامب سابقاً قد تستهدف قطاع الطاقة الإيراني، مما سيؤثر بشكل مباشر على قدرة إيران على تزويد العراق بالكهرباء والغاز.


 
"تصريحات متضاربة".. تحديات البيروقراطية والفساد في العراق


  
وبالإضافة إلى ذلك، يتحدث خبير الطاقة الدكتور دريد عبد الله عن مستوى كفاءة محطات توليد الكهرباء في العراق الذي يختلف بين المحطات الغازية التي تتمتع بكفاءة أعلى، والمحطات البخارية التي تتمتع بكفاءة أقل، مشيراً إلى أن "المعدل الكلي للتوليد في شهر نيسان 2025 بلغ 40% فقط من القدرات التصميمية لجميع المحطات، وهو معدل ضعيف وغير مستقر وقد ينخفض أكثر".

 

ويؤكد عبد الله أن "المحطات الحالية، بوحدات التوليد المتوفرة، قادرة على سد حاجة البلاد من الكهرباء، لكن ذلك يتطلب إدارة وصيانة وتنظيماً جديداً"، مشيراً إلى أن "البيروقراطية والفساد وسوء الإدارة، بالإضافة إلى الأعطال الواسعة في وحدات التوليد الأساسية ونقص الوقود المجهز، هي الأسباب الرئيسة للوضع الحالي". 

 

ويؤكد عبد الله أن "وزارة الكهرباء العراقية لا تقدم التفاصيل الحقيقية حول وضع شبكة الكهرباء إلا من خلال تقريرها السنوي الرسمي"، مبيناً أن "التقرير غالباً ما يتناقض بشكل كبير مع التصريحات التي تصدر عن الوزارة نفسها".

 

وأوضح عبد الله أن "هناك فجوة كبيرة بين الأرقام التي تعلن عنها الوزارة حول إنتاج الطاقة وبين الأرقام الواردة في التقرير السنوي الرسمي، مما يثير تساؤلات حول دقة المعلومات التي تقدمها الوزارة للجمهور".


 
الوصول للانقطاعات الصفرية


 
ويتحدث عبد الله عن أهمية الاستثمار المتزامن في جميع قطاعات شبكة الكهرباء العراقية (الإنتاج، النقل، التوزيع) لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الخسائر الناجمة عن الانقطاعات المتكررة في فصل الصيف.

 

وبحسب الخبير أيضاً، فإن "شبكة الكهرباء تتكون من خمسة قطاعات رئيسة، والاهتمام بحل مشاكل هذه القطاعات بشكل متوازٍ ومتزامن سيؤدي إلى تلاشي المشاكل المزمنة التي تعاني منها الشبكة منذ 22 عاماً، بالتالي زيادة الإنتاج الكهربائي وتحسين ساعات التجهيز وتقليل الانقطاعات بشكل تدريجي حتى الوصول إلى انقطاعات صفرية".

 

وأضاف عبد الله أن "هذا النهج سيساهم في تقليل خسائر الشبكة من 60% حالياً إلى أقل من 20%، مما يعزز استقرار الاقتصاد وتطوره ويرفع الناتج المحلي الإجمالي السنوي للعراق"، محذراً من أن "الاستمرار في تطوير قطاعات معيّنة وإهمال الأخرى لن يحقق أي تقدم ملموس، وهو ما يحدث حالياً".


 
هل يؤدي انقطاع الكهرباء في الصيف إلى "ثورة شعبية"؟


 
لطالما كانت أزمة الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، سبباً رئيساً للاحتجاجات الشعبية في العراق، ففي السنوات الأخيرة، خرج آلاف العراقيين إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من تردي الأوضاع المعيشية والفساد المستشري في المؤسسات الحكومية، ومع استمرار انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في ذروة فصل الصيف، يزداد الاحتقان الشعبي.

 

وهذا يؤكده الأكاديمي والمحلل السياسي عقيل عباس في تصريحه لمنصة "الجبال"، ويقول إن "هذا هو التحدي الكبير الذي ينتظر الحكومة وكل الطبقة السياسية الحاكمة"، محذراً من أن "تفاقم أزمة نقص الكهرباء بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وتصاعد أزمة السيولة المالية، قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع بشكل خطير، مما سيضع الطبقة السياسية والحكومة في موقف حرج".

 

ويرى عباس أن "هذا الوضع قد يشكل فرصة للتيار الصدري لزيادة الضغوط على الإطار التنسيقي".

إيناس فليب شاعرة وصحفية

نُشرت في الأربعاء 16 أبريل 2025 03:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.