صاروخان على "عين الاسد" يؤجلان موعد انسحاب القوات الامريكية من العراق

9 قراءة دقيقة
صاروخان على "عين الاسد" يؤجلان موعد انسحاب القوات الامريكية من العراق جولة مفاوضات سابقة بين العراق وامريكا

واشنطن قالت بشكل مفاجئ "لم نناقش مع العراق سحب القوات" !

اثارت تصريحات وزارة الخارجية الامريكية عن عدم وجود اتفاق مع الجانب العراقي على انسحاب قوات التحالف جدلا كبيرا في الاوساط العراقية، خاصة مع وجود جولات مباحثات مستمرة بين البلدين،  تقول عنها الحكومة العراقية بأنها وصلت لنتائج متقدمة، وتأخر اعلان الانسحاب جاء نتيجة تطورات الاوضاع في المنطقة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الامريكية  ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي، إنه "قد أجرينا مناقاشات مع حكومة العراق حول مستقبل التحالف الدولي وشمل ذلك عندما التقى رئيس الحكومة محمد السوداني مع الرئيس بايدن في واشنطن خلال نيسان"، مؤكدا انه "لم نناقش أوقات انسحاب القوات الأميركية من العراق لكننا نواصل لمناقشة الانتقال إلى ما يمكن أن نطلق عليه شراكة أمنية ثنائية، وقد أبرز السوداني في بيانه لاتصاله مع الوزير بلينكن هذا الأمر".

وتابع، أنه "هذه المنقاشات مستمرة وهي عملية تعتمد على الاتفاقيات الثنائية السابقة والاستراتيجية وهي متجذرة، فما أود أن أقوله وهو التزامنا المتبادل لنعزيز التعاون الأمني والمصلحة المتشركة والاستقرار الإقليمي".

بالمقابل ردت الخارجية العراقية في بيان لها، واصفة الامر بان "تأجيل لإعلان إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق بسبب التطورات الأخيرة"، فيما أكدت "عدم وجود قوات امريكية في العراق باستثناء المستشارين الموجودين تحت مظلة التحالف الدولي".

 

قرار من طرف واحد

حول تضارب البيانات والتصريحات بين الجانبين، كشف علي الدفاعي، المتحدث باسم المجلس الاعلى الاسلامي، والذي يمثل احد اقطاب الاطار التنسيقي، لـ "الجبال"، عن أن "الاتفاق بين العراق والولايات المتحدة كان ينص على اعلان بيان مشترك بين البلدين يتلى في الكونغرس الامريكي حول انهاء مهمة التحالف الدولي في الاراضي العراقية مطلع شهر ايلول المقبل 2024"، مشيرا الى أن "هذا الاتفاق جاء بعدما قطعت الحكومة العراقية شوطا مهما في المفاوضات مع الجانب الامريكي، من خلال اللجان الفنية التي أكدت عدم حاجة العراق لمهام التحالف الدولي، والاكتفاء بالقوات والقدرات العراقية بمختلف صنوفها ".

وقال الدفاعي، إن "الجانب الامريكي وبقرار فردي قام بتأجيل اعلان البيان المشترك لانهاء مهمة قوات التحالف بذريعة الظروف والتطورات الحاصلة في المنطقة"، مشيرا الى أن "دول المنطقة والعالم تترقب رد الفعل من ايران على جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران وهو ما توعدت به ويتم التجهيز له بشكل مناسب".

 

تهديد لإيران

 

واضاف، أن "الموقف الامريكي هذا بالتأجيل الاحادي للبيان المتفق عليه يؤكد خشية العراق ورفضه باستمرار من تحول سبب وجود قوات التحالف الى تهديد أمن دول الجوار وجعل اراضيه ساحة للصراعات الاقليمية"، معتبرا أن "حصول ذلك سينعكس سلبا وبشكل كبير على استقرار العراق وأمن شعبه، فضلا عن كون الدستور العراقي يمنع أن تكون اراضي البلاد مقرا او ممرا لاي تهديد او عدوان على اي دولة مجاورة".

وتابع المتحدث، أن "عدم مراعاة الولايات المتحدة الأمريكية لارادة الشعب العراقي وقواه الوطنية الممثلة في البرلمان والحكومة بفرض تواجدها العسكري في العراق لن يكون مقبولاً، ومن مصلحة الولايات المتحدة ان تنتقل الى علاقات ثنائية وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين"، لافتا الى أن "الحكومة العراقية من جانبها حريصة على علاقات تعاون ثنائية، ونحن ندعم موقفها ونشجع على اعتماد العلاقات المتكافئة مع جميع اطراف التحالف الدولي، الا إننا في الوقت نفسه ومن ورائنا أبناء شعبنا لن نقبل بأي تواجد عسكري اجنبي".

يشار الى أن المفاوضات بين بغداد وواشنطن بدأت في شباط الماضي، مع اعتماد خفض مدروس وتدريجي، وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة "داعش" الذي تقوده الولايات المتحدة، وفق البيانات الرسمية العراقية.

وينشتر في العراق نحو 2500 عسكري أميركي، ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ أيلول عام 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسة في العراق، هي؛ قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، كما يضاف للقوات الأميركية، قوات فرنسية، وأسترالية، وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن "الناتو" في العراق.

 

الفصائل تنتظر إجابات من حكومة بغداد

 

بالمقابل، قال عضو المكتب السياسي لـ"المقاومة الاسلامية" حركة النجباء، فراس الياسر، لـ "الجبال"،  إن "ما حصل من تأجيل لاعلان انهاء مهمة التحالف الدولي في العراق وتناقض البيانات والتصريحات بين الجانب العراقي والامريكي كان متوقعا منذ البداية"، معتبرا أن "حديث الخارجية العراقية عن التأجيل بسبب الاوضاع والتطورات في المنطقة هو بحد ذاته يوضح عدم احترام الولايات المتحدة الامريكية لسيادة العراق كما تكشف دورها الفاعل بشحن المنطقة بالحروب والصراعات".

وتابع، أن "المقاومة الاسلامية ترفض هذا التأجيل لاعلان انهاء مهمة التحالف الدولي، والحكومة العراقية الان اصبحت في موقف لا تحسد عليه ويجب عليها تقديم اجابة شافية وواضحة لجميع جهات المقاومة الاسلامية وقوى الارادة الشعبية حول ما يجري لان ما حصل سيتم مواجهته برد فعل كبير"، لافتا الى أن "المفاوضات بين واشنطن وطهران ليس لها وجود معلن بل رسائل متبادلة لان القضية مرتبطة بالرد الايراني على اغتيال اسماعيل هنية والاجواء مشحونة لذلك واشنطن تحاول ردع ايران من جانب وبنفس الوقت لا تدخل بصراع مباشر معها".

واعتبر أن "السلوك الامريكي بتبادل الرسائل مع ايران لعدم تنفيذ الضربة، وبنفس الوقت يبقي قواته في العراق كله يعني أن واشنطن تريد ابقاء العراق كساحة للمواجهة والصراع والضغط على الحكومة العراقية ايضا"، موضحا أن "الارادة الشعبية رافضة بشكل قطعي للتواجد الاجنبي العسكري في وقت اصبح يتم تسويف المصطلحات بين قوات تحالف وقوات امريكية واعداد من المستشارين العسكريين وكلها ضمن اغراض تسويف اخراج الوجود العسكري الامريكي".

 

مواصلة التشاور بين العراق والولايات المتحدة

 

وبالتزامن مع قرب زيارة وزير الخارجية الامريكي انتونتي بلينكن الى كل من قطر ومصر واسرائيل، فقد اجرى اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقشا خلاله "تعزيز الاستقرار في المنطقة وتجنب التصعيد"، فيما اكد بلينكن "على أهمية تحمل العراق مسؤولية حماية المستشارين العسكريين التابعين للتحالف من هجمات الميليشيات الموالية لإيران"، على حد تعبير بيان وزارة الخارجية الامريكية.

وبحسب البيان، أعرب بلينكن والسوداني عن "التزامهما بمواصلة التشاور معا بشأن قضايا المنطقة وتعزيز العلاقات الأمريكية-العراقية".


 

فيما ذكر البيان الإعلامي لمكتب السوداني، أن الأخير أكد خلال الاتصال الهاتفي، "التزام العراق بمنع أي عمل موجّه يؤدي إلى الإخلال بالأمن، أو تعريض مستشاري التحالف الدولي لمحاربة داعش المتواجدين في العراق لأي خطر"، مشدداً على "استمرار التواصل بين الجانبين من أجل إنهاء مهامّ التحالف في العراق، والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية تصبّ في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار".

 

اطراف  تعبث بأوراق الإطار التنسيقي

 

وكانت قاعدة الاسد، غربي العراق، تعرضت مطلع آب الحالي لعجوم بصاروخين، ادى الى اصابة 5 جنود امريكان بينهم واحد في حالة حرجة، وفق وزارة الدفاع (البنتاغون)، فيما كان هجوم سابق ضد القاعدة بـ4 صواريخ جرى في تموز الماضي.

وحول ذلك، وصف الاكاديمي في مجال الإعلام والمحلل السياسي، غالب الدعمي، ما يحصل بين الجانبين العراقي والامريكي بانه "تناقض واضح في الروايات حول الانسحاب العسكري"، مبينا أن "واشنطن تؤكد عدم وجود انسحاب لقواتها، بينما العراق يتحدث عن ترتيبات للانسحاب".

واشار الدعمي خلال حديثه لـ "الجبال"، إن "عدة جهات في الاطار التنسيقي وابرزها نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون قد حملت الجهات التي نفذت عمليات قصف صاروخي للمصالح الامريكية مسؤولية عرقلة المباحثات مع الجانب الامريكي، وهذا لاول مرة يحصل في العراق"، معتبرا أن "ذلك يوضح وجود اطراف لا تريد حصول الانسحاب العسكري الامريكي ويعمل على عرقلته بشكل مباشر وباستمرار هذا القصف الصاروخي سيكون اكبر مبرر للامريكان من اجل البقاء".

وتابع، أن "اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة فيها فقرة تضمن للجانب الامريكي امكانية حماية مستشاريه وقواته بحال عجزت الحكومة العراقية عن حمايتهم، وبالتالي وجود القصف المستمر يعطي المبرر والتفويض الكامل للامريكا بممارسة الرد او تسويف الانسحاب"، مبينا أن "من ينفذون القصف بدراية او غير دراية فهم يعرقلون عملية الانسحاب الامريكي التي تسعى لها حكومة محمد شياع السوداني".

يذكر أن قيادة العمليات المشتركة، قد اعلنت يوم الخميس 8 آب 2024، عن القاء القبض على خمسة من المتورطين بالاعتداء على قاعدة عيّن الأسد الجوية بمحافظة الانبار، موضحة أنه وفقا للمعطيات الميدانية والمبارز الجرمية التي توفرت ومن خلال التحقيقات القانونية المعمقة والاستماع الى اقوال الشهود وتقاطع المعلومات واستحصال الموافقات القضائية تم القاء القبض على خمسة من المتورطين المشاركين بهذا الفعل غير القانوني، ووفق مذكرات قبض اصولية صادرة من الجهات القضائية المختصة.

وفي أعقاب اندلاع الحرب بين قوات الاحتلال الاسرائيلي وحركة "حماس" في قطاع غزة في 7 تشرين الاول 2023 استهدفت فصائل مسلحة قواعد بالعراق وسوريا تضم قوات أميركية على خلفية دعم واشنطن للاسرائيليين في الحرب، حيث تبنت غالبية هذه الهجمات ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، التي تضم فصائل مسلحة موالية لإيران، وتعتبر ايضا اذرعة للقوى السياسية المساهمة في تشكيل الحكومة العراقية حاليا.

 

الجبال

نُشرت في الاثنين 1 يناير 2024 12:00 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.