تقترب وزارة التجارة من افتتاح 3 أسواق مركزية في العاصمة العراقية بغداد من ضمن سلسلة أسواق مركزية منتشرة في ارجاء العراق، حيث يجري العمل على إعادة تأهيلها من جديد لما تشكله من أهمية اقتصادية واجتماعية للمواطنين من توفير سلع مدعومة وخلق للعاطلين عن العمل، وما تشكله الأسواق المركزية من أداة مهمة لتحقيق العدالة الاقتصادية.
ويعود تأسيس الأسواق المركزية في العراق إلى عام 1981، تحت مسمى "أورزدي باك"، حيث كانت توفر الاسواق مختلف البضائع الغدائية والاستهلاكية التي يحتاج لها المواطن. وكان في العراق 19 سوقاً مركزياً منها 9 في بغداد، حيث تعرضت جميعها إلى الدمار بعد تغيير النظام السابق والإهمال الذي طالها بعد 2003.
فرص عمل بالآلاف
وزارة التجارة كشفت عن قرب افتتاح 3 أسواق مركزية في بغداد بعد وصول أعمال تأهيلها لنسب إنجاز متقدمة، مؤكدة توفير ما لا يقل عن 5000 فرصة عمل في كل سوق مركزي.
وقالت مدير عام شركة الأسواق المركزية في الوزارة، زهرة الكيلاني في تصريح صحافي، إن "الأعمال الإنشائية والكهربائية والميكانيكية في سوق العامل المركزي وسوق الصالحية قاربت على الانتهاء، وبانتظار وصول البضائع التي ستعرض في هذه الأسواق، يليها افتتاح سوق الشعب المركزي"، مؤكدة أن "الأعمال في الأسواق المركزية وصلت لمراحل متقدمة".
ونوهت إلى أن "الشركة ركزت على إعادة تأهيل الأسواق المركزية في محافظة بغداد باعتبارها العاصمة، بعدها ستنتقل إلى المحافظات، منها نينوى وكركوك والنجف الأشرف والديوانية وميسان والبصرة".
تحقيق احسن خدمة للمستهلك
في حين، يبين المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن الشركة العامة للأسواق المركزية اعلنت عن سياستها الجديدة منذ اذار 2024، بانها مستمرة في إحالة مواقعها وأسواقها للاستثمار، بموجب قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل، بغية تحقيق التوازن الاقتصادي ودعم المستهلك العراقي.
والملاحظ، بحسب ما يقوله صالح لـ"الجبال"، بأن "السياسة التسويقية للشركة العامة للأسواق المركزية وعبر استراتيجية الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، قد تولت تفعيل نمط من انماط استقرار السوق بتوفير منافذ تسويقية تنافسية تلامس احتياجات الطبقات الفقيرة و المحدودة الدخل، عن طريق افضل المنتجات الاستهلاكية من حيث ضمان الجودة واستقرار الاسعار".
وبين أن هذا الامر "ينسجم مع الدور المحوري الذي يمارسه الاسواق في المنافسة ومنع الاحتكار الصادر بموجب القانون 14 لسنة 2010 والذي يصب في حماية حقوق الابتياع من الاحتكار والتلاعب بقوة المواطن".
واكد المستشار المالي ان "الدور الاشرافي والرقابي لوزارة التجارة في تنظيم الاسواق المركزية عبر الاستثمار، يأتي من وجهة نظرنا في اطار ما يمكن تسميته (بالاسواق الاستهلاكية المركزية التنافسية)، وهي الأسواق التي تشهد منافسة قوية بين الشركات والبائعين لتقديم المنتجات والخدمات الاستهلاكية.
في هذه الأسواق، وفق ما يراه صالح، "تتنافس الشركات على تقديم أفضل الأسعار، وضمان جودة المنتج والخدمات النوعية لجذب المستهلكين، ما يؤدي إلى تحسين التجربة العامة للمستهلك".
ونوه إلى انه تتميز الاسواق المركزية التنافسية التي تعمل على اساس الاستثمار من جانب القطاع الخاص في تنويع المنتجات، "بتوفير مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات من علامات تجارية مختلفة كذلك توليد مناخ مستدام من الاسعار التنافسية وقمع الاحتكار"، مشيرا إلى أن البائعين سيسعون "لتقديم عروض وخصومات سعرية لتحفيز العملاء على الشراء إضافة إلى توفير خدمات لوجستية للمستهلكين وهي خدمات مضافة مثل خدمات التوصيل، أو خدمات ما بعد البيع التي تزيد من جاذبية السوق".
وتابع المستشار في الحكومة :"ولايخفى ان الشركات العارضة لمنتجاتها في الاسواق المركزية التنافسية ستمارس (الابتكار) ذلك بتقديم حلولاً جديدة أو مبتكرة لمنتجاتها أو في كيفية تقديمها، لتبقى جذابة في ظل مناخ جديد من المنافسة في الاسواق المنظمة".
ونبه صالح إلى أنه، ستعتمد الاسواق المركزية التنافسية في توفير سبل الوصول اليها، انظمة توزيع قوية تمكن المستهلكين من الوصول بسهولة إلى المنتجات التي تقدمها الاسواق المركزية.
وختم المستشار المالي لرئيس الوزراء حديثه بالقول، "لا يخفى أيضاً ان الاسواق المركزية التنافسية القائمة على الاستثمار، ستمكن الشركات ذات العلامات التجارية الرصينة من ان تستفيد من سعة ودور الاسواق المركزية في عموم البلاد لتقدم على الدوام شيئا متميزا يلائم نمط العيش وطرازات الحياة ذلك بتحسين منتجاتها باستخدام افضل التكنولوجيات لزيادة حصتها السوقية".
عدالة اقتصادية واجتماعية
في المقابل، يكشف الباحث الاقتصادي، نوار السعدي، بأن استئناف العمل في الأسواق المركزية في العراق يحمل أهمية اقتصادية واجتماعية متعددة الأبعاد.
واعتبر في حديثه لـ"الجبال"، بأن "هذه الأسواق كانت في السابق تمثل ركيزة أساسية في البنية الاقتصادية والاجتماعية في العراق، حيث وفرت منافذ تسويقية للمنتجات المحلية، وساهمت في خلق فرص عمل وتحقيق استقرار في الأسعار لكن لكي تحقق الأسواق المركزية دور إيجابي من الناحية الاقتصادية في وقتنا الحاضر"، مبيننا انه " يجب ان يتم تعزيزها بالمنتج المحلي لكي تجعل هناك تنوع في الاقتصاد من خلال تقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يؤدي إلى تحسين الميزان التجاري".
ودعا السعدي إلى أن تكون إعادة تشغيل هذه الأسواق "فرصة في تنشيط الصناعات المحلية، من خلال توفير منفذ ثابت لتوزيع المنتجات وتحفيز الإنتاج المحلي، مما يعزز من القدرات التصنيعية الوطنية".
وبحسب السعدي، انه على الصعيد الاجتماعي، هناك دور إيجابي تلعبه الأسواق المركزية في "تقوية الروابط الاجتماعية والمجتمعية من خلال خلق مساحات تفاعلية للشراء والبيع. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأسواق غالبًا ما توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وبالتالي تسهم في الحد من البطالة وتحسين مستويات المعيشة لدى قطاعات واسعة من السكان".
وزاد الباحث، :"بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الأسواق المركزية أداة مهمة لتحقيق العدالة الاقتصادية، حيث توفر منتجات بأسعار معقولة وتنافسية، مما يمكن مختلف فئات المجتمع من الحصول على احتياجاتهم بأسعار مدروسة، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العديد من المواطنين".