آذار: الحدث، الذكريات والدوافع

4 قراءة دقيقة
آذار: الحدث، الذكريات والدوافع

لست أريد أن أُثقل على القراء بجُمَل مطولة عن تقويم جمعته أقدارنا وأقدار خصومنا فكانت الحصة الأكبر منه والأشد تأثيراً من حصة شهر آذار الذي يقع فيه رأس السنة الكوردية، مع أن الهدوء الذي يفرضه التقادم لا يعني أبداً ترك أو مغادرة إرث كبير و عميق الجذور بخاصة المائة عام ونيف من عمر حراك الأمة الكوردية ومنها شعبنا بكوردستان - العراق.


ولئن كانت السنة الكوردية تولد وتمضي في آذار لتشير نحو عراقة حضارتنا، فإن ميلاد ووفاة مصطفى البارزاني وما بين التاريخين من مسيرة كبرى بثت الحياة الحرة في شعبنا والعمل النضالي العراقي، يشكلان تقويماً نضالياً وسياسياً ومجتمعياً يستحق بجدارة أن يُدرس ويُدرَّس و يؤخذ به في العراق وغير العراق من الدول التي لم تزل متأزمة بفعل الفكرين السياسي والأدائي.


مصطفى البارزاني صورة حيّة ماثلة مستمرة للفكر النضالي والأخلاقي الرفيع والقريب من هم الفرد في عيش كريم الحياة و المساواة في أخذ الحقوق، وشخصية واضحة سلسة في عرض الفكرة التي هي مطلب حيوي لشعب استمر مظلوماً فقط لأن مناهج الحكم غير عادلة بقصد منها أو لواطيء فكرها.


كل ذكريات آذار و غير آذار المرتبطة بالثورة تشع من شخصية البارزاني، تحرير مدننا في الانتفاضة سنة 1991، ثورة گولان التي لم تندلع بآذار هي فرع من شعلة ثورة الفكر البارزاني، وكذلك أيلول قبل ذلك، لم يتم قصفنا بالسلاح الكيمياوي إلا للقضاء على صلابة الفكر الذي أخذ به رجال ونسوة أمتنا وأبناؤهم، في المدن و القرى و المهاجر.


آذار و منذ ميلادي البارزاني إنساناً أولاً ثم مناضلاً ثم وفاته هو شهر يتاقسم فيه الشعب الكوردي والكوردستانيون مع البارزاني حلاوته ومراره، عذوبته ومجوجته، ابتساماته ونحيبه.


تقويم آذار يزدحم بالمشاعر التي حركت مناضلينا لمجابهة موانع طبيعية وبشرية امتدت لعقود دون أن نخسر إيماننا بفكر قائدنا أو بعدالة قضيتنا، فلا الصخور ولا الثلوج ولا الجوع ولا الفقد أصابونا بالوهن، ولا العدو بغروره وبجهله وبقسوته أزاحنا عن طريق أكملناه فحكمنا ذاتنا بذاتنا وأكملنا لنشيد تجربة قل مثيلها قبلاً والآن ولربما مستقبلاً، متمثلة بترجمة الشعارات إلى واقعية ملموسة.


ذكريتنا النضالية نحن صنعناها نقية لا شائبة جرم بها، حرصنا على مكونات شعبنا وضمان سلامتهم، وذكريتنا المرة صنعها أعداء أنفقوا الدم والسلاح والزور والوقت لمنع شعب من حقوقه، مستخدمين كل سياسات الإلغاء وسلب الحريات والحياة، تهجيراً وطرداً ومصادرة وسجناً وقتلاً.


دوافعنا هي نيل حقوقنا، ودوافعهم هي منع حقوقنا، لكننا شعب أنجب مصطفى البارزاني، فكان ميزان الفوز لنا، وكان الخسران لمن رَكِب الباطل فأطاحه.


مباركة كل ذكريات هذا الشهر وكل يوم و ساعة في نضالنا و نضال كل تواق للعدالة و التحرر. إن كل حرف ينور على لوحة بمدرسة وكل غرس في حقل و طريق، كل متسوصف ومشفى يقدم رعاية لمريض، كل عامل وفلاح وأسرة تجتمع تحت سقف آمن في أرض كوردستان العزيزة، كل أم تحتسب عند الله ابنًا أو رب أسرة مضى على طريق التحرر، كل پيشمركة شهيد وجريح ومناضل، كلهم وغيرهم من وجوه مجتمعنا هم العدّة التي تبقي الرجاء واضحاً في الوصول ليوم تكتمل فيه صفحات تاريخنا الطويل للوصول للأهداف المشروعة التي بذل لها البارزاني عمره.

فاضل ميراني مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني

نُشرت في الأربعاء 5 مارس 2025 10:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.