نحو 6 ترليون دينار تنفق سنوياً على أكثر من مليوني أسرة ضمن شبكة الحماية.. ماذا عن المحتالين؟

16 قراءة دقيقة
نحو 6 ترليون دينار تنفق سنوياً على أكثر من مليوني أسرة ضمن شبكة الحماية.. ماذا عن المحتالين؟ عند احد دوائر الرعاية

ثلث العراقيين داخل الشبكة.. البعض ترك عمله طمعاً بامتيازات الرعاية

غالب أبو أحمد (45سنة)من محافظة ذي قار جنوب العراق، كان عاملاً بأجر يومي في قطاع خدمي منذ منتصف العام 2020 براتب شهري يبلغ 250 ألف دينار(190 دولار) وانتظر لأكثر من سنتين من أجل تحويله إلى صفة عقد مؤقت أو على الأقل زيادة راتبه ليستطيع من خلاله تامين جزء من متطلبات معيشة عائلته التي قوامها خمسة أفراد. 

 

يقول أبو أحمد: "راتبي لم يكن كافياً على الإطلاق، وبقائي في العمل كان بهدف الحصول على عقد وظيفي ومن ثم التثبيت، ومزايا التقاعد وغيرها، لكن كل ذلك تبخر مع كل الوعود التي كنا نسمعها لكن بدون تنفيذ".

 

 سجل "أبو أحمد" بعد تركه لعمله، في شبكة الحماية الاجتماعية بصفة عاطل عن العمل وصار يحصل على راتب يبلغ 420 ألف دينار(319 دولار)لكونه يعيل أكثر من أربعة أفراد، ويجد بأن ذلك أفضل من عمله السابق، فهو لا يقوم بأي عمل ويحصل على أكثر مما كان يتقاضاه في وظيفته البلدية التي كانت تحتم عليه عملاً مرهقاً دون أجر مجزٍ، كما أنه وأفراد أسرته يمكنهم الحصول على الخدمات الصحية مجاناً.

 

"هذا ليس جيداً، أقصد أن أكون عاطلاً وأحصل على راتب" يقول مستدركاً ويتابع بانفعال :"كنتُ مزارعاً منذ صغري، ومعتاد على العمل اليومي الشاق، لكننا تكبدنا الخسائر بسبب قلة الأمطار والجفاف، واضطررت مع أشقائي وعائلاتنا للإنتقال إلى مدينة الناصرية، فلم نجد فرص عمل مناسبة ولا نستطيع في ذات الوقت ممارسة عملنا القديم، لأن الزراعة غير مجدية حتى وإن توفرت المياه".

 

غالب واحدٌ من بين سبعة ملايين و600 ألف عراقي أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في نيسان 2024 أنهم مشمولون برواتب الرعاية الاجتماعية، أي تقريباً مايعادل 20% من سكان العراق البالغ عددهم وفقاً لتقديرات وزارة التخطيط 43 مليون نسمة.

 

وهو ما يعده البعض استنزافاً للموارد العامة، بدلاً من توجيهها نحو تفعيل حركة الاقتصاد عبر مشاريع وطنية انتاجية ودعم القطاع الخاص لتوفير فرص العمل وبالتالي تقليل نسبة البطالة ومعها مستوى الفقر، ويرون أن من الأفضل الإكتفاء بتقديم الإعانة الاجتماعية لفئات محددة مع رقابة وتدقيق صارمين للطلبات المقدمة.

                                                              

أكثر من 6 ترليون دينار سنوياً

 

برنامج الرعاية الاجتماعية في العراق يهدف بحسب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إلى مساعدة المواطنين الأكثر احتياجاً وأكثر فقراً والفئات التي لا تمتلك دخلاً شهرياً، والفئات المستفيدة حددها قانون الرعاية الاجتماعية رقم 11 لسنة 2024  بعراقيي الجنسية والمقيمين بنحو دائم في العراق وأن لا تقل أعماهم عن 18 سنة، وأن لايكون لديهم مصدر دخل ثابت أو وظيفة حكومية أو معاش وأن لا يملكون أصولاً عقارية ثابتة أو أراضي أو مشاريع أو سيارات موديلها أحدث من 2014.

 

وأن يكون المستفيد عاطلاً عن العمل ومتزوجا، لديه هو وعائلته المستمسكات الرئيسية كاملة (البطاقة الموحدة، شهادة الجنسية، جواز السفر، البطاقة التموينية، بطاقة السكن) أو أن تكون أرملة أو مطلقة أو زوجة مفقود أو عزباء وعمرها فوق 35 سنة والمهجورة من قبل زوجها، واليتيم والعاجز البالغ 60 سنة فما فوق.

 

وقد حددت الوزارة قيمة رواتب الرعاية وفقا لما يلي :"المواطن المتزوج الذي يعيل أسرة مكونة من أربعة أشخاص يصرف له راتب مقداره 420 ألف دينارشهرياً، أما المتزوج المعيل لأسرة مكونة من ثلاثة أشخاص فيصرف له راتب مقداره 315 ألف دينار أما الذي يعيل فرداً واحداً فقط، فيبلغ راتب الفردين 210 ألف دينار، أما المواطن بمفرده فيصرف له فقط 105 ألف دينار".

 

وكشفت الوزارة في بيان لها يوم 3 حزيران 2024 أن حجم الإنفاق الكلي على المشمولين الذين يشكلون مليونين و150 ألف أسرة، ما يقارب 6 ترليون و117 مليار دينار لمدة سنة واحدة. وهي تتضمن 730 مليار دينار خصصت كرواتب للمعين المتفرغ في هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، وهو مبلغ رواتب بمعدل 170 ألف دينار لـ 360 ألف معاق.

 

وهذا فضلاً عن خدمات أخرى تقدمها هيئة الحماية الاجتماعية كالسلة الغذائية، والمنحة الطلابية، والضمان الصحي، والخدمات الخاصة بالقبول في الدراسات الصباحية والمسائية، وتخفيض مبالغ الأجور الدراسية بنسبة 50% في الدراسات الموازية والدولية والمسائية.

 

كما أن الأسر المشمولة بالرعاية الاجتماعية وفقاً لرئيس هيئة الحماية الاجتماعية أحمد الموسوي، يمكنها الحصول على الخدمات في المؤسسات الصحية الحكومية" العمليات الجراحية، والمعاينات، والإجراءات في الأجنحة الخاصة وتجميل الأسنان وغيرها كلها بالمجان دون مقابل".

 

 

"أبسط حقوق العراقي"

 

يرى البعض أن زيادة أعداد المشمولين بالرعاية الاجتماعية في العراق، مؤشر على محاولة الحكومة العراقية التي يصفونها بالجادة للقضاء على الفقر ولاسيما بعد فترة من التدهور الأمني استمرت من 2003 ولغاية منتصف 2017  وتعطل الكثير من القطاعات بسبب ذلك وأبرزها القطاع الصناعي.

 

وفقدان عشرات الآلاف لوظائفهم واعمالهم وممتلكاتهم إثر سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من غربي البلاد، ومن ثم حرب التحرير وما تكبدته البلاد بسببها من خسائر، واعقبتها جائحة كورونا التي تزامنت معها موجة جفاف وقحط قلصت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، واحالت الكثير من المزارعين والفلاحين إلى البطالة فضلاً عن غلاء المعيشة.

 

الباحث والكاتب يونس أحمد، يرى بأن رواتب الحماية الاجتماعي أيا كان مقدارها، هي"أبسط حق يمكن للمواطن العراقي الحصول عليه، لأن في الأصل مجموعة من العوامل الخارجة عن إرادة الكثيرين  أدت بهم إلى الفقر والحاجة إلى المساعدة وأبرزها أهمال أو عدم أهلية الحكومات والحروب والتغيير المناخي وما سببه كل ذلك من قلة فرص العمل".

 

ويضيف :"العراق بلد غني، يملك ثروات نفطية هائلة، وهي من حق المواطنين، وليست منة من أحد أن يحصل الفرد على راتب شهري لعدم قدرته على العمل، مع أن هذا الراتب أصلا، لايغطي سوى جزء بسيط من الحاجة الفعلية لكل أسرة".

 

 

اكثر من 12 مليون دينار شهرياً لـ4 فئات فقط

 

بخلافه، يرى مختصون في مجال الاقتصاد وناشطون، أن ارتفاع أعداد المشمولين بالرعاية الاجتماعية دليل على فشل الحكومات المتعاقبة في التقليل من حجم البطالة، بواسطة دعم  المشاريع الاستراتيجية في القطاعين العام والخاص، وبدلا من ذلك يتم تسخير موارد المصدر شبه الوحيد وهو النفط لتغطية الرواتب.

 

يذكر الخبير الأقتصادي خالد عبد الإله، أن زيادة اعداد المشمولين بالرعاية الاجتماعية لتبلغ حدود 20% من سكان العراق، ما يعادل سبعة ملايين و600 ألف شخص، دليل قاطع على الإرتفاع الذي يصفه بالكبير جداً في نسبة البطالة :"أي فقر مدقع متفشٍ في البلاد".

 

ويضيف :"نحن بلد إستهلاكي، لانزرع ولا نصنع، وليس لدينا نظام ضريبي يعول عليه ونعتمد بشكل شبه كامل على واردات بيع النفط، وتخصيص قسم كبير منها لتأمين رواتب خمسة ملايين موظف يضاف إليهم سبعة ملايين و600 ألف شخص في شبكة الرعاية، و116 ألفاً يتقاضون رواتب من مؤسسة السجناء السياسيين تبلغ مليون دينار لكل واحد و30 ألفاً يتقاضون رواتب محتجزي رفحاء التي تزيد عن مليون دينار لكل فرد".

 

 ويستدرك:"هذا يعني أن على الدولة أن تخصص رواتب شهرية لـ 12 مليون و746 ألفاً، يمثلون فقط أربعة فئات، في حين أن هنالك العشرات من الفئات الأخرى التي تتلقى رواتب من الدولة مما يرهق ميزانيتها ويعطل مسيرة التنمية في البلاد، هذا يشكل سوء إدارة للمال العام" يقول مشدداً.

 

ويعتقد بأن الأموال المخصصة للرعاية الاجتماعية سنوياً، يمكن أن تخلق مئات الآلاف من فرص العمل للقادرين عليه من الشباب بين 18 إلى 60 سنة :"وهم يشكلون أكثر من 50% ممن يتسلمون هذه الرواتب".

 

أما عن الكيفية فيقول :"هنالك المئات من المشاريع الإنتاجية الحكومية المعطلة في العراق، ومع إعادة الحياة إليها وإنشاء أخرى استراتيجية في مختلف المحافظات ودعم القطاع الخاص، وتشجيع الزراعة، يعني تشغيل آلاف من الأيدي العاملة وبالتالي التقليل من نسبة الفقر بدرجة كبيرة، وتوجيه الأموال الفائضة بعد ذلك نحو مشاريع التنمية".

 

ويتابع مستغربا :"هنالك أمر عجيب يحدث في العراق، لدينا ملايين من العاطلين الذين يستلمون مساعدات مالية شهرية، وفي ذات الوقت هنالك نحو مليون عامل أجنبي في البلاد وفقا لمصادر رسمية، فإذا كان حجم البطالة هائلا لدينا بهذا النحو، ما حاجتنا إذن بالعمال الأجانب، لماذا لانستثمر الأيدي العاملة المحلية المعطلة؟".

 

 

هل أرقام الرعاية دقيقة؟!

 

الباحث في الشأن الاقتصادي سلوان مزهر، يشكك بالأرقام المسجلة في شبكة الرعاية الأجتماعية إذ يرى بأن أعداد المستحقين للمعونة أكبر منذ ذلك، ويبين:"النسبة التقديرية البالغة بين 18 إلى 20% من مجموع السكان في العراق المعلن عن تقاضيهم لرواتب الحماية الاجتماعية، تتوافق مع الرواية الرسمية التي تقول بأن نسبة الفقر في البلاد قد انخفضت إلى 20%".

 

وبمزيد من التوضيح يضيف:"نسبة الفقر أعلى من ذلك بكل تأكيد، ولا سيما في المحافظات الجنوبية مثل المثنى التي زادت فيها النسبة عن 50% والديوانية 47% و30% في ذي قار، الحكومة تريد أن تقول بأن نسبة الفقر هي 20% ونحن ندعم جميع الفقراء برواتب الرعاية الاجتماعية، وهذا أمر غير صحيح قطعاً".

 

ويستشهد بذلك على تصريحات أدلى بها مسؤولون بمناصب عليا في الحكومة العراقية، أفادت بحصول آلاف من غير المستحقين على رواتب الحماية الاجتماعية عبر طرق احتيالية:"في حين أن هنالك أعداداً كبيرة لايجدون الفرصة للحصول على تلك الرواتب على الرغم من إعلان الحكومة اطلاق حملة لكشف المتجاوزين على رواتب الرعاية واستعادة مبالغ كانوا قد تقاضوها دون استحقاق".

 

                                                    

الوزارة رصدت آلاف المحتالين

 

 وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، أقر بوجود احتيال كبير في نطاق رواتب الرعاية الاجتماعية، وذكر أن وزارته أطلقت في 2023 حملة واسعة أسماها"كشف المتجاوزين" وقال بأن حصيلتها بلغت"كشف 193 ألف متجاوز على شبكة الحماية الاجتماعية" وأن قيمة الأموال المستردة منهم بلغت 220 مليار دينار.

 

ونوه إلى أن حملة أخرى بدأت مع مطلع 2024، وكانت حصيلة الأسبوعين الأولين منها اكتشاف 27 ألف متجاوز على شبكة الحماية الاجتماعية، وانها أي الحملة مازالت قائمة لغاية الآن وستستمر حتى نهاية 2024.

 

 الأسدي أكد في لقاء متلفز أن هنالك آلافاً من الموظفين والمتقاعدين الذين يتقاضون رواتباً من الدولة وفي ذات الوقت هم مسجلين في شبكة الرعاية الاجتماعية وياخذون رواتباً.

 

ويوضح :"الزوجة موظفة على سبيل المثال، فيقدم الزوج على الرعاية الاجتماعية أو بالعكس في حال كان الزوج موظفاً، وكذلك الحال بالنسبة للمتقاعدين"، ويشير إلى أن هنالك آخرون ليسوا موظفين أو متقاعدين لكنهم غير فقراء، ومع ذلك يسجلون في شبكة الرعاية ويستفادون من رواتبها على حساب مستحقيها الحقيقيين الذين يفترض أنهم تحت مستوى الفقر.

 

وذكر الوزير، بأن وزارته خففت مؤخراً من الشروط التي ينبغي توافرها ليحصل بموجبها الفرد على راتب من الرعاية الاجتماعية، ومنها:"كان في السابق كل من يملك سيارة خاصة لايشمل براتب الرعاية، الآن، سمحنا بذلك، بشرط أن تكون من السيارات العادية وعمرها أكبر من عشر سنوات، وأن لاتكون من النوعيات الفارهة، غالية الثمن حتى وإن كانت بموديلات قديمة، وأن لاتكون إنتاجية كالشاحنات، لأن امتلاكها يعني أن صاحبها لديه عمل والشرط الأساسي لمنح راتب الرعاية أن يكون المتقدم عاطلاً أو غير قادر على العمل".

وقال بأن هدف وزارته هو الوصول إلى 10 مليون مستفيد من شبكة الحماية الاجتماعية، مع إقراره بأن هنالك مئات الآلآف من القادرين على العمل ومع ذلك يتقاضون رواتب الرعاية، مشيراً إلى أن جزء من مهام وزارته  هي دفعهم باتجاه سوق العمل.    

                                                     

محامٍ في محكمة استئناف الرصافة، طلب عدم ذكر أسمه،  ذكر بأن الإحتيال على شبكة الحماية الاجتماعية، لايقتصر فقط على تقديم بيانات غير صحيحة لوزارة العمل من أجل الحصول على الراتب، وإنما هنالك طرق أخرى يعدها إجرامية يقول بأنها تمارس عملياً في البلاد ومنها:"الطلاق الصوري من أجل راتب الرعاية".

 

ويبين:"بعض الأزواج يوقعون الطلاق في المحكمة، ثم يخرجون منها لإبرام عقد زواج عن طريق رجل دين، لكي تحصل المراة على راتب من الرعاية بصفتها مطلقة أمام الدولة، لكنهما عمليا يعودان لبعضهما ويعيشان سوية في نفس البيت".

 

ونبه إلى أن ذلك يعد احتيالاً يعاقب عليه القانون العراقي بالسجن لمدة قد تصل إلى 15 سنة إذا ما تم اثباته:"أي حصول المراة التي يفترض أنها مطلقة على راتب من وزارة العمل مع استمرار الزوجية، لكن ذلك يحتاج إلى اثبات، بشكوى وشهود يقرون بوجود رابطة الزواج".

 

ويشترط المحامي لمعالجة هذه الثغرة على حد وصفه "أو حتى غيرها التي تدخل ضمن نطاق التحايل والتجاوز على شبكة الحماية الاجتماعية، أن يتم تشديد العقوبات بحق المتجاوزين واعتبار تحايلهم ظرفاً مشدداً"بدلاً من الإكتفاء بإسترداد الأموال منهم" يقول منتقداً وزارة العمل.

                                                                       

  

ورقة انتخابية رابحة

 

 الباحث في الشأن الاجتماعي وليد حازم، يقول بأن :"الفساد والمحسوبية وتعدد السلطات من أجهزة امنية نظامية وأحزاب وميليشيات وعشائر فضلاً عن ضعف الرقابة الحكومية، كلها أسباب تؤدي إلى التجاوز على شبكة الحماية الاجتماعية واستلام غير المستحقين رواتبها، والكثير منهم أغنياء، إنها أزمة مجتمع!".

 

ويستدرك :"الكثير من السياسيين المرشحين للإنتخابات البرلمانية أو المحلية في المحافظات يلعبون بورقة تسجيل المواطنين في الرعاية الاجتماعية مقابل أصواتهم الإنتخابي، ولديهم السبل للقيام بذلك عبر موظفين فاسدين أو مرتبطين باحزاب ينتمون إليها".

ويشرح كيف يقوم البعض بالاحتيال على وزارة العمل :"تكون لديه سيارة وعقار بأسمه لكنهما مسجلان بأسماء آخرين أو يعمل في القطاع الخاص ولاتعرف الدولة مقدار ما يتقاضاه أو يكون تسجيله عن طريق موظف فاسد يزور البيانات أو يتغاضى عن التدقيق، في حين أن هنالك مستحقين بالفعل ممن فقدوا أعمالهم جراء تدهور الزراعة أو النزوح أو لايجدون أصلا فرص عمل أو يعملون بأجور يومية او بعقود مؤقتة تكون مبالغها أقل مما يحصل عليه المستفيد من الرعاية الاجتماعية".

 

وعن ذلك يقول :" الكثير من العاملين المؤقتين لدى الدوائر الخدمية ممن يعيلون أسرا يزيد أفرادها عن أربعة أشخاص، تركوا أعمالهم ولجأوا إلى شبكة الحماية الاجتماعية إذ أن بوسعهم الحصول على أكثر من 400 ألف دينار، ومزايا أخرى كالتأمين الصحي مفتوح السقف، وهو ما لا يمكنه الحصول عليه بموجب عقود العمل المتاحة في الدوائر الخدمية".

 

إخلاص عبد الأمير(58 سنة)أرملة من العاصمة بغداد، تقول بأنها فوجئت بأقرباء لها يحصلون على راتب الرعاية الاجتماعية مع أنها تقسم بأنهم أغنياء وليسوا بحاجة إليه، وحين واجهت أحدهم بذلك :"قال لي بالحرف الواحد، هذا حقي كعراقي والدولة تقدمه لي، أنا لم أسرق من أحد شيئاً".

 

تأخذ إخلاص لحظة شرود قبل أن تتمالك نفسها وتواصل بنبرة حزن :"بالنسبة لي، فقدت زوجي قبل عشر سنوات، وعندي ثلاثة بنات وليس لدينا معيل، راجعت الرعاية مرات عديدة ولأكثر من سنة من أجل الحصول على الراتب، وفي كل مرة كانوا يعرقلون معاملتي بسبب نقص أو خطاً".

تفكر قليلاً ثم تضرب يديها ببعضهما وتقول بإحتجاج :"الرعاية دققت في أمري أنا الأرملة ويتيماتي لأكثر من سنة، بينما تفتح خزائنها أمام أصحاب الملايين مثل أقاربي دون سؤال".

 

 

 

 

جرجيس توما صحفي عراقي

نُشرت في الثلاثاء 13 أغسطس 2024 09:13 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.