في خطوة وصفت بالإصلاحية، وهادفة إلى تخفيف الصعوبات التي تواجه عوائل سجناء المدن المحررة، دعا مجلس الأمن الوطني العراقي في أواخر كانون الثاني الماضي، وزارة العدل العراقية، إلى تهيئة السجون في بغداد والمحافظات للمباشرة بنقل سجناء المحافظات المحررة إلى سجون قريبة من مناطق سكنهم، القرار الذي أشارت وزارة العدل بشأنه، إلى أنها "قد باشرت فيه قبل مخاطبتها، وأن بعض المُدن المشار إليها تفتقر لوجود سجون داخلها".
ويُطلق مصطلح "المحافظات المحررة"، على كل من محافظة (الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين) وأجزاء من محافظتي (كركوك، وديالى)، والتي سبق وأن سيطر تنظيم داعش على مساحات واسعة منها عام 2014، قبل أن تشنّ القوات الأمنية العراقية، عمليات استعادة السيطرة عليها، بإسناد من التحالف الدولي الذي قادته واشنطن آنذاك.
إقرأ/ ي أيضاً: الأمن الوطني يوجّه بنقل سجناء المناطق المحررة إلى سجون قريبة من مناطقهم (وثيقة)
وبعد أيام من قرار مجلس الأمن الوطني العراقي، وجّه رئيس مصلحة التأهيل والإصلاح بوزارة الداخلية اللواء صالح علي عبد الحبيب، مدراء الإصلاحيات المركزية (السجون المركزية)، بعدم قبول أي سجين جديد.
كما شمل التعميم، التوقف عن نقل أي سجين الى المحاكم والنيابات وإشعار رؤساء النيابات والمحاكم بذلك، وجاء هذا التوجيه بحسب وثيقة صادرة عن مصلحة التأهيل والإصلاح في الداخلية، نظرا لـ"عدم صرف موازنة التأهيل والإصلاح من قبل وزارة المالية لشهر كانون الأول 2024، وشهري كانون الثاني وشباط 2025".
العدل: أغلب المدن المحررة تخلو من السجون الإصلاحية
المتحدث باسم وزارة العدل أحمد لعيبي، وفي تصريح لمنصّة "الجبال"، أكد بأن "وزارة العدل سبق وأن عملت على نقل سجناء أبناء المحافظات المحررة إلى سجون قريبة من محافظاتهم، قبل مخاطبة مستشارية الأمن القومي بحوالي سنتين".
وأضاف لعيبي، أننا "نعمل وفق تصنيف الجرائم والنوع، الرجال في جانب والنساء في جانب آخر، وكذلك تصنيف جرائم الإرهاب، والمخدرات، والاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم الأخرى".
وبحسب المتحدث باسم وزارة العدل، فإن "أغلب المحافظات المحررة تخلو من السجون الإصلاحية، كون الأولوية في تلك المحافظات هو بناء مستشفيات ومدارس، بعد الدمار الذي لحق بالبنى التحتية بحرب داعش في تلك المحافظات".
وأشار لعيبي الى، أن "وزارة العدل بصدد افتتاح اقسام إصلاحية في الموصل وتأهيل سجن ديالى"، مبينا أن "محافظتي صلاح الدين والأنبار تفتقران إلى السجون".
وأكد المتحدث باسم وزارة العدل، "وجود تحوّطات أمنية حول الأقسام الإصلاحية بالتعاون مع وزارة الداخلية ومستشارية الأمن الوطني وجهاز المخابرات الوطني".
ولفت لعيبي إلى، أن "الاجراء يأتي لحفظ أمن النزلاء وتسهيل عملية مقابلتهم من قبل ذويهم".
خطوة نحو تسهيل إجراءات العفو العام
من جانبه، رأى عضو مجلس النواب مضر الكروي، أن "الاهتمام بملف السجناء له أولوية قصوى، لما يحمله من أبعاد إنسانية".
ويقول الكروي في حديث لمنصة "الجبال"، إن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وافق على نقل سجناء المناطق المحررة الى مناطق قريبة من سكناهم مراعاة للجانب الإنساني ولتسهيل إجراءات قانون العفو العام".
وأضاف الكروي، أن "الاجراء يهدف إلى تخفيف الأعباء المالية والمعاناة عن ذوي السجناء، خاصة في ما يتعلق بزياراتهم".
وتابع عضو مجلس النواب، أن "العديد من العوائل تعاني من ضيق العيش، وتضطر لقطع مئات الكيلومترات لزيارة أبنائها، إضافة إلى تعقيدات أخرى في إجراءات المحاكمات".
وبيّن الكروي أن "الاهتمام بهذا الملف أولوية قصوى، لما يحمله من أبعاد إنسانية، إلى جانب العمل على إنصاف من كانوا ضحايا للمخبر السري".
هل سجون العراق مؤمنة؟
من جانبه، أكد المستشار العسكري السابق اللواء المتقاعد صفاء الأعسم، أن سجون العراق "محمية ومؤمنة بشكل كبير".
وقال الأعسم في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "نقل السجناء إلى سجون قريبة من محافظاتهم يخدم السجناء وعوائلهم"، مبينا أن "عوائل السجناء يعانون من صعوبة للوصول إلى أبنائهم في المحافظات البعيدة، لا سيما عند متابعة إجراءتهم من خلال المحامين".
وأضاف، أن "سجون العراق محمية ومؤمنة بشكل كبير، ولا توجد خطورة أو غيرها من التداعيات التي قد تلقي بضلالها على عملية نقل السجناء".
وفي أواخر عام 2024، أكدت شبكة "عدالة السجون"، في تقريرها السنوي عن واقع حقوق الإنسان في السجون والإصلاحيات ومراكز الاحتجاز في العراق، حيث أشارت إلى أن "السجون ومراكز الاحتجاز في العراق غير صالحة للحياة، كما أنها تعاني من مشكلات عدة".
وقال رئيس مجلس إدارة الشبكة، شوان صابر، بحسب التقرير، إن "السجون في العراق تواجه العديد من المشكلات في جوانب مختلفة، وأن 80% من مباني السجون ومراكز الاحتجاز قديمة وغير صالحة للحياة البشرية، إضافة إلى تراجع فعالية الادعاء العام في العديد من هذه المراكز والسجون، فضلاً عن افتقارها لتصنيف النزلاء، حيث يتم وضع المحكومين بتهم بسيطة في مكان واحد مع المتهمين بالقتل والإرهاب".
ويقدر عدد النزلاء الحالي في سجون وزارة العدل بـ60 ألف نزيل، وهو يفوق بثلاث أضعاف الطاقة الاستيعابية لسجون الوزارة التي تقدر بـ20 ألف نزيل، وهذه الزيادة تعيق تنفيذ أي برامج إصلاحية، كما تؤثر سلبا على الواقع الخدمي للسجون، ومن ضمنها الخدمات الصحية، وفق المدير العام السابق في وزارة العدل، كامل أمين.
ووفقاً لتصريحات عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية نيسان الزاير، فإن عدد السجناء والموقوفين داخل السجون العراقية ومراكز الحجز، ما يقارب 65 ألف سجين.