بالأرقام| ربع مليون أسرة جديدة تريد منزلًا مستقلاً سنوياً.. القصة الكاملة للعجز السكني في العراق

6 قراءة دقيقة
بالأرقام| ربع مليون أسرة جديدة تريد منزلًا مستقلاً سنوياً.. القصة الكاملة للعجز السكني في العراق

هناك مليون ولادة جديدة في العراق

 

 

ليست الحكومة العراقية فحسب، بل أكثر من 3 ملايين أسرة متوزعة بين عشوائيات أو متكدسة بمنازل مشتركة مع أهلها، فضلًا عن حوالي مليوني أسرة أخرى تسكن الإيجار، جميعهم يعقدون الآمال على المدن السكنية الجديدة، وهي التي وصفتها الحكومة العراقية بأنها "فلسفة جديدة" لحل أزمة السكن في العراق ومغادرة التجربة "الفاشلة" للمجمعات السكنية.

 

أكثر من 350 ألف وحدة سكنية جديدة ستضاف بالمرحلة الأولى من خطة المدن السكنية، وأحيلت بالفعل إلى الاستثمار عبر 5 مدن سكنية اثنان منها في بغداد وهي مدينة الجواهري وعلي الوردي، ومدن أخرى في الموصل وبابل وكربلاء.

 

هذه المدن الخمسة هي من أصل 20 مدينة سكنية تخطط الحكومة العراقية التركيز عليها أكثر من فكرة المجمعات السكنية التي اعترفت الحكومة بأنها فاشلة في حل أزمة السكن لأسعارها المرتفعة ومحدودية وحداتها السكنية مقارنة بما يتطلبه العجز السكني في العراق.

 

 

العجز السكني "جوع شره" لا يقف

 

لا توجد إحصائيات محدثة عن عدد السكان والمساكن، وتعتمد وزارة التخطيط على أرقام تقديرية سنوية بناء على نسبة النمو، ومعدل الوفاة في العراق لتخرج برقم تقديري عن عدد السكان، ومن ثم عدد العوائل  مقارنة بعدد الوحدات السكنية أو المنازل المتوفرة والجاهزة للسكن في العراق.

 

ومع وجود أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية في العراق، بالإضافة إلى وجود 37 مليون نسمة في العراق باستثناء إقليم كوردستان بواقع 6 أفراد لمتوسط العائلة، سيكون لدينا أكثر من 6 ملايين أسرة، مقابل 3 ملايين منزل فقط في العراق باستثناء كوردستان، ما يجعل العجز السكني يبلغ 3 ملايين وحدة سكنية أو بنسبة 50%.

 

ووفقاً لبيانات وأرقام لوزارة الإعمار والإسكان اطلعت عليها "الجبال"، فإن المجمعات السكنية والأراضي والمشاريع والمدن السكنية المنجزة وغير المنجزة ستضيف قرابة 1.5 مليون وحدة سكنية في عموم العراق، ما يرفع عدد الوحدات السكنية إلى 4.5 مليون وحدة سكنية، لينخفض العجز السكني من 3 ملايين إلى 1.8 مليون وحدة سكنية.

 

لكن تخفيض نسبة العجز بنسبة 40%، سيتطلب ما لا يقل عن 7 سنوات على الأقل لإنجاز جميع هذه المدن السكنية لآخر وحدة سكنية مخطط لها، وبهذه الأثناء؛ سيكون عدد العوائل العراقية الجديدة التي تريد السكن المستقل 1.4 مليون أسرة جديدة، ليكون مجموع العجز حينها 3.2 مليون وحدة سكنية.

 

يتضح أنّ ما ستضيفه المشاريع والوحدات السكنية وتخفيض العجز بنسبة 40%، سيقابله ارتفاع بعدد الأسر العراقية ليكون إجمالي الأسر حينها 7.4 مليون أسرة في العراق، يقابلها 4.5 مليون وحدة سكنية فقط، أي أنّ العجز استمر مستقراً على ما هو عليه بواقع 3 ملايين وحدة سكنية، فسنوياً هناك مليون ولادة جديدة، أو ما يعادل 200 ألف عائلة جديدة ناشئة تبحث عن منزل وسكن مستقل.

 

 

1.5 مليون أسرة بالإيجار.. ثغرات بمعيار العجز السكني في العراق

 

تركز وزارة الإعمار والإسكان والجهات المعنية بهذا الملف في العراق بحديثها عن وجود عجز بـ3 ملايين وحدة سكنية، على معيار واحد وهو عدد العوائل في العراق مقابل عدد المنازل المتوفرة، لكن هناك شيء "مخفي" لو تمت مراعاته سيكون العجز السكني الحقيقي يبلغ 5 ملايين وحدة سكنية على الأقل.

في تصنيف لمجلة ceoworld الأميركية، جاء العراق بالمرتبة 111 عالمياً من أصل 196 دولة بمعدل ملكية المنازل، أي بمراتب متأخرة نسبياً، حيث تبلغ نسبة ملكية المنازل في العراق حوالي 74%.

 

هذا يعني أن أكثر من 25% من العراقيين لا يمتلكون المنازل، وبالتالي فهم يسكنون بالإيجار، ما يعني أنه من بين 6 إلى 7 ملايين أسرة في العراق، هناك حوالي 1.5 مليون أسرة تسكن الإيجار.

 

 

 

 

 

وبتلخيص أسهل، تنظر الدولة إلى أن هناك 3 ملايين منزل، يشغلها 6 ملايين أسرة في العراق، لذلك فإنّ حل الأزمة هو بتوفير 3 ملايين وحدة سكنية لتفكيك "تراكب الأسر" داخل منزل واحد، لكنها تتناسى أن حتى هذه الأسرة الأصلية التي تريد أن تجعلها في سكنها المستقل وسحب عوائل أبنائها لوحدات سكنية جديدة، هي بالأصل لا تمتلك المنزل الذي تقطنه، ويجب أن توفر له وحدة سكنية هو الآخر.

 

فبينما توجد 3 ملايين أسرة لا توجد وحدات سكنية تقابلها، هناك أكثر من مليون أسرة توجد وحدات سكنية تقابل أعدادها لكنها وحدات سكنية لا تمتلكها، بل تقطنها كمستأجرة، وبذلك فإنّ تطبيق هذا المعيار سيجعل العجز بالوحدات السكنية يبلغ 4.5 إلى 5 ملايين وحدة وليس 3 ملايين.

 

 

العراق الثامن عربياً بقدرة "تحمّل تكاليف السكن"

 

يشيع غالباً أن سعر الوحدات السكنية في بغداد يفوق أغلى العواصم العالمية، وهذا قد يكون صحيحاً لكن بشكل نسبي، أي أن هناك أسعاراً مرتفعة جداً في بعض مناطق العواصم والمدن الرئيسية في المنطقة والدول المحيطة بالعراق، لكن فكرة السعر لوحدها غير كافية بل يجب أن تقاس وفقاً لمستوى الدخل للدولة.

لذلك، فإنّ مراجعة مؤشر "القدرة على تحمل كلفة السكن" في المنطقة، تظهر السعودية والإمارات وعمان وقطر وفلسطين والأردن والكويت، جميعها الأكثر قدرة على تحمل كلفة السكن مقارنة بالعراق الذي يأتي بالمرتبة 8 عربياً بعد الدول المذكورة.

 

ويأتي العراق بالمرتبة 40 عالمياً من بين 105 دول على "قدرة تحمل كلفة العقار"، وهذا محسوب وفقاً لمؤشر الدخل مقارنة بأسعار العقار في الدولة، وتبلغ نسبة سعر السكن إلى الدخل حوالي 8 أضعاف، أي أن متوسط سعر السكن أسرع واكبر بـ8 أضعاف من مستوى الدخل وإمكانية جمعه.

 

علي الأعرجي صحفي عراقي

نُشرت في الثلاثاء 13 أغسطس 2024 12:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.