حذر الخبير الاقتصادي منار العبيدي من النظام المصرفي الموازي في العراق، ميناً انعكاساته السلبية على الاقتصاد والنظام المالي العراقي، ومقدّماً بعض الحلول لمعالجة المشكلة.
العبيدي وفي مدوّنة على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، قال إن "في الاقتصاد العراقي، يبرز النظام المصرفي الموازي كواحد من التحديات الكبرى التي تؤثر بشكل مباشر على استقرار النظام المالي"، مشيراً إلى أن "هذا النظام يتألف من مجموعة مؤسسات مالية تعمل خارج الإطار الرسمي ودون رقابة من الجهات التنظيمية، لكنها مع ذلك تلعب دوراً مؤثراً في المشهد الاقتصادي". وحسب قوله "ظهرت هذه المؤسسات خلال الـ20 سنة الماضية بشكل تدريجي، بدءاً من أنشطة مالية بسيطة حتى تطورت إلى كيانات تقدم خدمات شبيهة بالمصارف الرسمية، مثل الإقراض والتسهيلات الائتمانية واستلام الودائع وتحويل الأموال داخلياً وخارجياً. ومن بين هذه المؤسسات نجد منافذ توزيع الرواتب، ومحلات الصيرفة، والجمعيات الاستهلاكية، وحتى بعض المنظمات غير الربحية".
وحسب قول العبيدي، "استطاعت هذه المؤسسات تحقيق انتشار واسع"، معلّلاً ذلك بعدة أسباب "أولها، غياب الرقابة الفعالة، ما يجعل إجراءات العمل فيها أكثر سهولة مقارنة بالمصارف الرسمية، وهو ما جذب العديد من العملاء الباحثين عن بدائل مرنة وسريعة. وثانيها وهو الأكثر أهمية، هو الطلب الكبير من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة"، مبيناً أن "في العراق، يشكل هذا النوع من المشاريع حوالي 84% من الاقتصاد غير النظامي، وهي مشاريع غير مسجلة رسمياً، ما يحرمها من الوصول للخدمات المصرفية التقليدية ويدفعها إلى اللجوء إلى هذه المؤسسات المالية الموازية".
أكد الخبير الاقتصادي أن "وجود نظام مصرفي رسمي وآخر مواز يمثل خطراً كبيراً على الاقتصاد العراقي، حيث يعزز من ظاهرة اقتصاد الظل ويحد من قدرة الجهات الرسمية على مراقبة حركة الأموال. هذه الفجوة تفتح الباب أمام الكثير من الممارسات غير القانونية مثل (التهرب الضريبي وغسيل الأموال)"، موضحاً أنه "للتعامل مع هذا الوضع، من الضروري تبني حلول حازمة تهدف إلى إغلاق الفجوة بين النظامين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال منع الأنشطة المصرفية غير المصرح بها، والعمل على تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة للانضمام إلى القطاع الرسمي من خلال تقديم حوافز جاذبة. كما يمكن وضع أطر قانونية تنظم عمل المؤسسات المالية غير الرسمية وتضعها تحت إشراف البنك المركزي لضمان الحد الأدنى من الرقابة. في الحالات الأكثر خطورة، قد يكون الحل الأمثل هو إغلاق المؤسسات غير المرخصة تماماً وربط جميع العمليات المصرفية بالمؤسسات الرسمية".
العبيدي لفت في تدوينته إلى أن "التجربة العراقية أظهرت أن اقتصاد الظل قد يفوق حجم الاقتصاد الرسمي، ما يضع الجهات المعنية أمام تحد كبير"، موضحاً أن "في معظم الحالات، فشلت المحاولات السابقة للسيطرة عليه بسبب قدرته على التكيّف مع الظروف الجديدة ومناورة أي إجراءات تنظيمية. لهذا السبب، يتطلب التعامل مع هذا التحدي استراتيجية متوازنة تجمع بين الحزم في تطبيق القوانين والمرونة في توفير مسارات قانونية لهذه المؤسسات للاندماج في الاقتصاد الرسمي، مع ضمان حماية الاقتصاد من المخاطر المحتملة".