يشهد العراق في الآونة الأخيرة، نمواً ملحوظاً في عدد شركات تشغيل الأيدي العاملة، مما أدى إلى بروز ظاهرة جديدة تتمثل في تزايد عدد العاملات في البيوت العراقية، وهي ظاهرة كانت أكثر انتشاراً في دول الخليج سابقاً، لكنها بدأت تغزو المجتمع العراقي بشكل ملحوظ.
في السياق: قضية "المحتجزات النيجيريات في العراق" تتفاعل.. العمل العراقية لـ"الجبال": ليس لدينا معلومات عنهن
ومع تزايد عدد العاملات الأجنبيات في البيوت العراقية، تبرز تحديات كبيرة في مواجهتهن خلف الأبواب المغلقة، على الرغم من أن الظروف الصعبة في بلدانهن، غالباً ما تدفعهن إلى قبول ظروف عمل غير مقبولة في سبيل توفير لقمة العيش لهن ولعوائلهن.
وفي حوار مع "الجبال"، تحدثت "سمبا" بعيون مغرقة بالدموع، رحلة هربها من المنزل الذي تعمل فيه إلى شركة التشغيل بعد تعرضها للتحرش من قبل صاحب المنزل، تقول: "كان يخلع ملابسه أمامي ويجبرني عنوة أن أفعل ما يطلبه".
سمية، وهي عاملة آسيوية تروي هي الأخرى قصتها لـ "الجبال" عن "التحرش الجنسي" الذي تعرضت له في مكان عملها، كانت سمية تخاف من أن يأتي أخ صاحبة المنزل لأنه كان يتحرش بها.
تقول سمية: "كان الجميع ينظر للأمر على أنه دعابة عندما يلمس جسدي أمامهم"، إلى أن "تطور الأمر وهاجمني في غرفتي".
وفي الحديث عن التحديات التي تواجه العاملات في العراق تقول زينب وهي مديرة مكتب تشغيل في بغداد، إن "الأجور التي تتقاضاها العاملات قليلة جداً، بالإضافة إلى أن العوائل لا تراعي الحالة النفسية للعاملة التي تركت أسرتها وأطفالها".
وتؤكد زينب أن "التحرش يمثل مشكلة كبيرة تواجه العاملات، حيث يتعرضن له بشكل متكرر"، مضيفةً: "الكارثة هي عندما تعلم العائلة بالتحرش، فإنها تميل إلى الدفاع عن ابنها أو زوجها، وتلقي اللوم على العاملة".
وتحدث القانوني والمحامي محمد جمعة، عن تعرض العديد من العاملات في العراق للتحرش والاغتصاب، قائلاً: إن "مشكلة الإقامة التي تنتهي صلاحيتها ولا يتم تجديدها، تعد من أبرز العوائق التي تواجه هؤلاء العاملات".
وأضاف جمعة في حديث لـ"الجبال"، أن "العاملات اللاتي يتعرضن لهذه الاعتداءات يخشين الإبلاغ عنها، خوفاً من فقدان جوازاتهن وبالتالي مواجهة خطر انتهاء الإقامة"، مضيفاً: "من تريد أن تشتكي تخشى من قضية نفاذ مدة صلاحية إقامتها، ولا تستطيع أن تشتكي. لذلك، تفضل الكثيرات البقاء والعمل في مكان آخر".
وأشار جمعة إلى، أن "العديد من الشركات تستغل العاملات الأجنبيات، وتستفيد من وضعهن غير القانوني".
وفي وقت سابق، أوصت هيئة النزاهة، بتعديل قوانين استقدام العمالة العربية والأجنبية إلى العراق، وتشريع مواد قانونية "صارمة"، وتشديد النصوص العقابية للقضاء على الطرق غير الشرعية لدخول وتسرّب العمالة إلى داخل العراق، بعد تشخيص المشاكل والثغرات المتعلقة بالعمالة الأجنبية، خاصة مع الحديث عن وضع غير قانوني لدخول هذه العمالة.
وكانت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية، قد كشفت عن وجود نحو مليون عامل أجنبي في العراق، حيث تعلن وزارة الداخلية بين الحين والآخر، تسفير عدد من العاملين الأجانب المخالفين لشروط الإقامة، خارج البلاد.
ومع ذلك، يؤكد الناطق باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، نجم العقابي، أن "هناك فرقاً تفتيشية تقوم بزيارة المواقع التي تعمل بها العاملات الأجنبيات".
وذكر العقابي في تصريح لـ"الجبال" أن "شركات التشغيل تزود الوزارة بمواقع عمل العاملات؛ لتمكين الفرق التفتيشية من إجراء اللازم".
وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي عام 2023، فإن العمال الأجانب يواجهون تحديات تشمل غياب الحقوق القانونية، وانعدام التأمين الصحي، وساعات العمل الطويلة.
وكشف تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية عام 2021 أن "ما يقرب من 60% من العمال الأجانب في العراق يعملون في ظروف عمل قاسية لا يقبل بها العمال المحليون".
ويشير التقرير إلى أن "العمال الأجانب غالباً ما يكونون أكثر عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من قبل أصحاب العمل، حيث يفتقرون إلى الحماية القانونية والاجتماعية".