النخل يقاوم التجريف.. وتوقعات بإعادة الأرقام التي وصل إليها العراق أيام الثمانينيات

6 قراءة دقيقة
النخل يقاوم التجريف.. وتوقعات بإعادة الأرقام التي وصل إليها العراق أيام الثمانينيات بساتين نخيل نجت من التجريف

متنفذون يسرقون الأراضي الزراعية لصالح مشاريع استثمارية.. ماذا عن البيئة؟

تشهد بغداد والمحافظات أعمالاً واسعة لتجريف البساتين بغية تحويلها إلى أراض سكنية لبناء المجمعات والمنازل او لأغراض استثمارية بمشاريع مختلفة، فيما يمثل ذلك خطراً على التنوع البيئي بوجود النخيل وما تشكله من ثروة بزراعة التمور العراقية الشهيرة عالمياً.

 

ويعد العراق من أقدم مواطن زراعة النخيل في العالم، حيث احتوت مسلة حمورابي على سبعة قوانين متعلقة بالنخيل، كما كان الاشوريين يقدسونها حتى سميت بلاد الرافدين على مدى سنوات بـ "أرض السود" لكثرة نخيله.

 

 إلا أن بعد فترات الحروب وشحة المياه اتسعت عمليات تجريف البساتين وزادت معدلات الهجرة من الريف إلى المدن.

 

وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستغلة الان في العراق 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم، حسب تصريحات سابقة لوزارة الزراعة التي تتحدث اليوم عن مشاريع لزيادة انتاج النخيل.

 

وزارة الزراعة متفائلة

 

يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، لـ "الجبال"، إنّ "الوزارة لديها حزمة إجراءات لغرض إيقاف عمليات تجريف الأراضي الزراعية والبساتين خاصة، من خلال التشريعات القانونية الموجودة والمعمول بها"، مبينا أن "القانون الأول هو قانون الغابات والمشاجر رقم 30 لسنة 2009،  والثاني هو قانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009، إضافة الى الثالث وهو قرار مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 2016 المتضمن منع استملاك الأراضي الزراعية وتجريف الأشجار والبساتين"، مبيناً أنه "بموجب هذه التشريعات الثلاثة لا يجوز لأي شخص أو أي جهة أن تتجاوز وتقلع الأشجار سواء كان داخل أو خارج المدن". 

 

وتابع، أن "ما يخص اعداد النخيل فقد اشارت اخر الاحصائيات للعام الماضي 2023 تجاوزها 22 مليون نخلة في عموم البلاد"، مؤكدا أن "الزيادة المؤشرة تعد سريعة وهائلة لأشجار النخيل".

 

ولفت الخزاعي إلى أن "اكثر المحافظات زيادة لأعداد النخيل تعتبر كربلاء  بالنظر لمشاريع العتبات  في الصحراء، تليها محافظة المثنى بسبب استصلاح اكثر من مليوني دونم في مشاريع زراعية جديدة، وبالمرتبة الثالثة تأتي محافظتي البصرة والنجف بسبب الزراعة الكثيفة للنخيل".

 

أما بالنسبة لتصدير التمور، تحدث الخزاعي، عن "تصدير العراق لأكثر من 300 الف طن من التمور الى دول المنطقة والعالم حتى نهاية العام الماضي بزيادة كبيرة في صادرات التمور"، مشيرا الى "توقع حصول طفرة في الصادرات خلال الفترة القادمة ليساهم ذلك بعودة العراق الى موقعه السابق ضمن البلدان الأكثر تصديرا للتمور".

 

وتشير أرقام حكومية سابقة إلى أن أعداد أشجار النخيل في العراق بداية الثمانينيات، بلغت ما يقارب 30 مليون نخلة، كانت تنتج سنويا أكثر من 500 ألف طن من التمور، لكن حربي الخليج الأولى والثانية، ثم الحصار الاقتصادي والصراعات المسلحة التي تلت 2003، والتجريف الواسع، أسهمت في تراجع هذه الزراعة بشكل واضح، حتى انخفضت أعداد النخيل إلى ما هي عليه حاليا.

 

تمر المجهول

 

بالمقابل، يقول مدير عام دائرة البستنة في وزارة الزراعة، هاشم الياسري، في حديثه لـ "الجبال"، إن "التوقعات تشير الى أنه بحلول عام  2027 سيصل عدد النخيل بعموم العراق الى 25 مليون نخلة"، مضيفا أن "هناك خطة شاملة لتنمية أشجار النخيل من خلال اكثار  فسائل الأنواع النادرة منها سواء في العراق أو بقية الدول وابرزها صنف المجهول".

 

وتابع، أن "صنف المجهول يتميز بقلة أعداد أشجاره وصعوبة إكثاره  لأنه نادراً ما ينتج فسائل من الشجرة الام"، لافتا الى أن "سعر التمر المجهول يصل الى 6 الاف دينار للكيلوغرام الواحد".

 

وبين، أن "خطة اكثار النخيل على محورين، الأول يتمثل باستعمال تقنية الزراعة النسيجية وهي الأحدث عالمياً، والثاني يكون بطريقة البذور النوى التي ستكون على مستوى تجريبي وبحثي وهي بعدد 100 فسيلة فقط في قضاء مندلي بمحافظة ديالى، ومحافظة كربلاء".

 

وتابع، أن "بقية أنواع النخيل تنتج عادة بين 5 إلى 10 فسائل كل 3 أعوام"، فيما أكد أن "إجراءات وزارة الزراعة ودائرة البستنة متواصلة لوقف عمليات التجريف للبساتين والأراضي الزراعية لما فيها من خطر على القطاع الزراعي المهم في العراق".

واكد الياسري، أن "القوانين العراقية تمنع تجريف الأراضي الا بعد تقديم طلب واستحصال الموافقات الرسمية التي تنظر بمصلحة الأرض"، مشددا على "ضرورة حماية الزراعة العراقية بالمحافظة على البساتين ومحصول التمور لما فيه من فائدة كبيرة للاكتفاء الذاتي للبلاد".

 

يشار الى أن الزراعة تشكل حالياً نحو 4 - 5% من الناتج القومي العراقي، ويمكن العمل لرفعها لمستوى 20% بحال الحصول على مزيد من الدعم الحكومي وتوفير المياه، حسب وزارة الزراعة ، كما من الجدير بالذكر أنه كان هناك قانونا صدر في العراق عام 1979 يقضي بأن من يزرع 50 نخلة أو شجرة في الدونم الواحد؛ فإن الأرض تصبح ملكاً له إذا أثمرت.

 

متنفذون يحولون المناطق الزراعية الى مشاريع سكن

 

ومن جهة أخرى،  كان قد وجه الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية في العراق مؤخرا، دعوته للجهات المعنية بضرورة وقف عمليات تجريف البساتين، واصفاً إياها بأنها "سرقة" للأراضي الزراعية تجري بمناطق مختلفة من مدن العراق، ويقوم بها "جهات متنفذة"، لتحويلها إلى مشاريع استثمارية، الغاية منها إعادة دخول الأموال المهربة بأطر شرعية، عبر بناء مجمعات سكنية بحجة معالجة مشكلة السكن.

 

وحول ذلك، ينتقد عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، محمد الزيادي، خلال حديثه لـ "الجبال"، ما وصفه بـ "العمليات الممنهجة لتجريف البساتين والمساحات الخضراء التي تحدث في مختلف المحافظات"، مبينا أن "الجهات المعنية جميعها يجب أن تتحمل مسؤوليتها في مراقبة هذه الاعمال لانها تنذر بتفاقم التغيرات المناخية وزيادة المساحات الصحراوية".

 

ويرى الزيادي، أن "التحول الكبير الحاصل بالأراضي الزراعية الى سكنية سيؤدي الى تدمير القطاع الزراعي وحتى التصاميم الأساسية للمدن "،مؤكدا أن "التطور في قطاع الإسكان والاستثمار لا يتم بهذه الطريقة التي تجري حاليا على حساب الثروة الوطنية من النخيل والأراضي الزراعية".

 

وأضاف أن "الحكومة، بالتعاون مع هيئة النزاهة، تسعى لإيقاف الممارسات التي تتعلق بالتحكم في ملف الاستثمار، خاصة فيما يتعلق ببناء المجمعات السكنية".

 

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي عام 2020 في اخر إحصائية له، فقد أصبحت مساحة الغابات الطبيعية والاصطناعية في العراق، تشكل نسبة 6.1 % فقط من إجمالي مساحة العراق، كما أشار إلى تدهور نسبة 69 % من المساحات الزراعية بسب الجفاف وتعرض مساحات كبيرة منها لتجريف وتصحر.

 

 

الجبال

نُشرت في السبت 10 أغسطس 2024 05:53 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.