التغييرات المناخية والجفاف بالعراق يجبران فتيات على التسرب من الدراسة..ماذا عن زواج القاصرات ؟!

7 قراءة دقيقة
التغييرات المناخية والجفاف بالعراق يجبران فتيات على التسرب من الدراسة..ماذا عن زواج القاصرات ؟!

تجاهل النساء في القرارات البيئية

تركت ياسمين كاظم 17عاما، دراستها الثانوية لمساعدة امها في نقل المياه من مناطق بعيدة بعد موجة شديدة من الجفاف ضربت منطقة النهروان الزراعية شمالي بغداد، ودفع ذلك الى حفر آبار في اراضي معينة بالمنطقة لكنها ليست قريبة مساكن الاهالي.

لم تكن ياسمين الفتاة الوحيدة التي تركت دراستها، فقد حذت حذوها كثيرات بهدف الانخراط في العمل بمناطق بعيدة بعد موجة الجفاف التي اصابت النهروان.

تعد منطقة النهروان احدى المناطق الزراعية المهمة  في العاصمة بغداد، وكانت تشتهر بزراعة الخضار والفواكه وغيرها.

لعبت التغييرات المناخية دوراً كبيراً في الجفاف والتصحر، وانعكس ذلك على العديد من مناطق العراق بما فيها العاصمة، وكانت لها تاثيرات قاسية على المجتمع بشكل عام وعلى النساء على وجه الخصوص.

شهدت بغداد هجرة العديد من الاهالي من مناطقهم الى مناطق أخرى بسبب التغييرات المناخية والبيئة التي افقدتهم اعمالهم.

 

تقاسم المهمات

تقول ياسمين في حديث لـمنصة "الجبال"، : "تركت دراستي الثانوية وانا في المرحلة الاخيرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها حاليا".

بعد أن شحت المياه في المنطقة بسبب التوسع العمراني واصاب الجفاف المزروعات، باع والد ياسمين الأرض بسعر زهيد، و ذهب مع اخوتها الصبيان للبحث عن عمل اخر في العاصمة ، وتضف : "فيما توليت انا مساعدة والدتي في نقل المياه من مناطق بعيدة الى المنزل".

شهد العراق عام 2021 ثاني أكثر المواسم جفافاً منذ 40 عاماً ، اذ انخفضت تدفقات المياه من نهري دجلة والفرات التي توفر ما يصل إلى نحو 98٪ من المياه السطحية في العراق، الى 30 بالمئة فقط، فيما أثرت التغييرات المناخية على التوازن البيئي، وادت الى فقدان الكثير من الاراضي الزراعية.

وتأثرت النساء الريفيات بنسبة كبيرة بهذه المتغيرات ، فالكثير منهن  في المناطق الريفية كن يعملن في الزراعة ويدرسن في المدارس القريبة.

 

تأثيرات مضاعفة على النساء والاطفال

يوسف مؤيد مدير دائرة التغيرات المناخية في وزارة البيئة العراقية يؤكد في تصريح خاص لـمنصة "الجبال " أن "التأثير السلبي لتغير المناخ يزداد يومياً في جميع دول العالم، وان التغيير المناخي الحالي يشكل اكبر تهديد للعراق".

ويشير إلى أن التقارير المعنية بالبيئة، تفيد بان جميع الأشخاص الذين ولدوا منذ عام ٢٠٢٠ سيتأثرون بشكل او بآخر بـ"الآثار السلبية للمناخ"، وأن هذه الآثار ستكون "مضاعفة على النساء والأطفال وكبار السن بصورة كبيرة".

ويلفت إلى أن "تغيير المناخ  يتسبب بالعديد من المخاطر، وفي مقدمتها تهديد الامن المجتمعي من خلال ظاهرة النزوح، وزيادة معدلات الفقر، وزيادة العنف والصراعات الاجتماعية بكافة انواعها وخاصة في العائلات الهشة".

ويواصل ، "اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار، أن النساء الريفيات يعتمدن بصورة اساسية في كسب العيش على قطاع الزراعة الذي يعد الأكثر تأثرا بتغير المناخ ، الامر الذي يجعل هذه الشريحة هي الأكثر ضعفاً".

ويلفت مؤيد إلى صعوبة  تحديد مناطق معينة من العاصمة تعرضت لاثار سلبية ناتجة عن تغير المناخ اكثر من غيرها، وسبب ذلك بحسب قوله يعود الى "طبيعة المدينة من الناحية العمرانية، وقلة المساحات الخضراء، والكثافة السكانية وتشابه مناطق العاصمة في السمات الجغرافية".

وبين المسؤول في وزارة البيئة أن "بغداد ثالث أعلى محافظة من حيث زيادة درجات الحرارة بعد محافظتي البصرة وذي قار".

 

 وحسب مختصين، فان التغيير المناخي موضوع متشعب وله تأثيرات كارثية على جميع القطاعات والشرائح الاجتماعية، الا ان النساء هن الاكثر ضررا من ذلك .

وأشار تقرير(التعليم للجميع) الذي اصدرته منظمة  اليونسكو في وقت سابق، الى ان"اغلب الفتيات هن الأكثر تأثرا بتغير المناخ ، وأن اول تأثير لذلك هو خروجهن من العملية التعليمية.

ويؤكد التقرير، ان "عدد اللذين تركوا الدراسة خلال العام  ٢٠١٨ -  ٢٠١٩  بلغ نحو ١٩٩،٢٨١ طالب ، وتمثل الفتيات نسبة 85 بالمئة من العدد الاجمالي ، وتحتل بغداد المرتبة الرابعة بين المحافظات في عدد تاركي الدراسة.

 

زواج القاصرات

بدورها تؤكد عضو لجنة الخدمات والاعمار في مجلس النواب العراقي مهدية اللامي في تصريح خاص لـمنصة "الجبال " أن "المرأة تتأثر بالمناخ اكثر من الرجل بسبب وضعها الطبيعي، وخاصة النساء اللواتي لامعيل لهن".

وتضيف، ان "مناطق شرق القناة في بغداد تعاني من شحة المياه، وتتاثر النساء بذلك بشكل كبير"، منوهة الى "الاثار السلبية التي تترتب على التغييرات المناخية ومنها النزوح الجماعي والبطالة وسواها، فضلا عن انعدام فرص التعليم للفتيات وتفشي زواج القاصرات".

وتشدد اللامي على ضرورة "تعاون المنظمات المعنية بالمناخ والمنظمات الاخرى الخاصة بتمكين المرأة مع الجهات التنفيذية لمساعدة النساء ودعمهن لتقليل الاضرار التي يتعرضن لها جراء التغييرات المناخية".

وتواجه النساء تحديات جمة في مواجهة التغيرات المناخية، ابرزها الفقر، ونقص التعليم والموارد وعدم التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة ،

وسجلت وزارة الصحة زيادة في الأمراض المرتبطة بالمناخ، وشملت عددا من الأمراض المعدية التي تاثرت بها شريحة النساء وخاصة  الحوامل منهن.

 وعلى الرغم من تأثر النساء بالمتغييرات المناخية ، الا انهن غالبا مايستبعدن من عمليات صنع القرار المتعلقة بالسياسات البيئية، ما يقلل من فعالية جهود مواجهة التغيرات المناخية، في وقت يعد فيه العراق من بين الدول الخمس الأكثر تضررا من هذه المتغييرات.

ويشدد خبراء البيئة على ضرورة تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في ايجاد حلول في مواجهة التغييرات المناخية باعتبار النساء الاكثر تضرراً .

 

ضياع فرص العمل

 يقول مختار خميس المدير التنفيذي لمنظمة المناخ الأخضر في تصريحات خاصة لـمنصة "الجبال"ان "التأثيرات المناخية ومنها الجفاف، وخاصة في مناطق الاهوار، تدفع العوائل للهجرة بحثا عن أماكن مناسبة للعيش ، الأمر الذي يقلل من فرص عمل المرأة في مناطق الاهوار، وأهمها حصاد القصب الذي يدخل في الصناعات اليدوية".

ويشير خميس الى انه "وبسبب الاحتباس الحراري والجفاف وانخفاض نسب المياه والتصّحر، وانحسار الأراضي الزراعية ، تأثر الأمن الغذائي والمائي، ما سبب هجرة الكثير من النساء العاملات في المناطق الريفية وسط العراق، وأجبرن على ترك أعمالهن بحثا عن أعمال جديدة في مناطق أخرى"، لافتا الى ان "معدل الامطارأصبح بعد عام 2019 يبلغ (92.8) ملم سنويا، وهو معدل قليل تقلصت معه مساحة الأراضي المزروعة خلال 2023 إلى النصف".

وبحسب البرنامج الانمائي للامم المتحدة الإنمائي، يفقد العراق نحو 400 ألف دونم من الأراضي الزراعية سنوياً بسبب التغيرات المناخية، فيما يقول المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق،

ان مساحة الأراضي المتصحرة في العراق تبلغ نحو 27 مليون دونم، أي ما يعادل 15 بالمئة من مساحة البلاد، ما يعني أن نحو 55 بالمئة من مساحة العراق تعد أراضي مهددة بالتصحر.

ويشدد الصحفي المختص بالشان البيئي خالد سليمان في تصريحات خاصة لـ"الجبال ميديا" على

 اهمية "وضع سياسات حديثة تتلائم مع التغيرات المناخية العراقط ، مشيرا الى ان "قانون تحسين وحماية البيئة يعود الى عام 2009"، مؤكدا ضرورة "تحديث القانون ووضع فقرات جديدة تتلائم مع وضع العراق".

ودفعت التحديات المناخية مجلس النواب العراقي الى مناقشة مقترح قانون حماية وتحسين البيئة المقدم من لجنة الصحة والبيئة النيابية، بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية ، وتنفيذ المبادئ البيئية الدولية للحد من التلوث البيئي الناجم عن الممارسات الخاطئة.

 

سارة القاهر

نُشرت في السبت 5 أكتوبر 2024 05:29 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.