حذّر رئيس كتلة "ائتلاف دولة القانون" ياسر صخيل المالكي، السبت 18 تشرين الأول 2025، من التضييق على حرية التعبير وتكميم الأفواه، و"تجيير" مؤسسات الدولة للعب دور الرقيب على منشورات الإعلاميين والمدونين.
وقال المالكي في تدوينة تابعتها "الجبال"، إن "التضييق على حرية التعبير وتكميم الأفواه هو انحدار يهدد جوهر الديمقراطية في العراق".
وأضاف، "بعد أن تحوّل النقد إلى تهمة ومن ثم تجيير مؤسسات الدولة المُناط بها حماية الحريات إلى لعب دور الرقيب على منشورات الإعلاميين والمدونين وحذفها، وهو ما يستدعي موقفاً حازماً من المؤسسات والنخب لوضع حدّ لهذه الممارسات المخالفة للدستور".
ومؤخراً، أعلنت شركة "ميتا"، الشركة الأم لمنصّة "فيسبوك"، عن تقييد الوصول إلى منشورين في العراق، وذلك رداً على إشعارين تلقتهما من هيئة الإعلام والاتصالات العراقية.
وذكرت الشركة في بيان أن" الهيئة العراقية طالبت بحجب المنشورين استناداً إلى قرارات المحكمة الاتحادية العليا رقمي 325 و331 لسنة 2023 والمادة 229 من قانون العقوبات العراقي، وذلك لما تضمّناه من اتهامات بالفساد والتحيز تتعلق بمسؤولين قضائيين".
وأضافت "ميتا"، أن "مخاطر عدم الامتثال للطلب العراقي تشمل احتمال حظر الإعلانات وحجب المدفوعات إليها من قبل البنك المركزي العراقي".
وأوضحت في بيانها، أن "المراجعة الداخلية للمحتوى أكدت أنه لا ينتهك معايير المجتمع الخاصة بالمنصة، ومع ذلك، قررت الشركة تقييد الوصول إلى المنشورين داخل العراق فقط احتراماً للقوانين المحلية، مع إبقائهما متاحين لجميع المستخدمين خارج البلاد".
وفي وقت سابق اليوم، حذّر تحالف "الدفاع عن حرية التعبير في العراق"، من الإجراءات الأخيرة الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، الهادفة إلى فرض رقابة على المؤسسات الإعلامية المستقلة وإبرام اتفاقيات مع منصات رقمية دولية لتقييد أو حجب حسابات إعلاميين ومدونين. معتبرة "استمرار هذه السياسة"، سيؤثر على حرية الإعلام وسمعة العراق في المؤشرات الدولية لحرية الصحافة.
وقال التحالف إنه "يدين الإجراءات الأخيرة الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات، والتي تمثلت في محاولات فرض رقابة على مؤسسات إعلامية مستقلة، وإبرام اتفاقيات مع منصات (تيك توك) و(ميتا) (فيسبوك وإنستغرام) لتقييد أو حجب حسابات إعلاميين ومدونين".
وأضاف التحالف في بيانه، أن "هذه الخطوات تمثل انتهاكاً صريحاً للدستور العراقي وللالتزامات الدولية للعراق في مجال حرية التعبير، ولا يمكن اعتبارها سوى محاولة ممنهجة لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات المستقلة، بما يشكّل تراجعاً خطيراً عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت بعد عام 2003".
وذكّر التحالف، أن "المادة 38 من الدستور العراقي تنص بوضوح على: أن تكفل الدولة، بما لا يخلّ بالنظام العام والآداب، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، وأن أي تقييد لهذه الحريات لا يجوز إلا بموجب قانون واضح وبقرار قضائي مستقل، وليس عبر قرارات إدارية أو تفاهمات سرّية مع شركات أجنبية".
وتابع، "كما أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه العراق عام 1971، والتي تكفل حق كل فرد في البحث عن المعلومات وتلقيها ونشرها دون تدخل غير مبرر من السلطات العامة".
ورأى التحالف، أن "الاتفاقيات المبرمة مع الشركات الأجنبية المالكة للمنصات الرقمية، لتقييد أو حذف المحتوى الإعلامي المحلي، تمثل تعدياً على السيادة الوطنية، لأن هذه المنصات تعمل وفق قوانين دولية تحظر تزويد أي جهة حكومية بحق الوصول إلى البيانات أو القدرة على الحجب من دون أوامر قضائية".
ولفت التحالف إلى أن "تحويل هذه المنصات إلى أذرع للرقابة الحكومية سيؤدي إلى خلق بيئة رقمية خانقة، ويفتح الباب أمام الرقابة المسبقة والوصاية على المحتوى الإعلامي والصحافي، ما يعني فعلياً نهاية حرية الإعلام المستقل في العراق".
وأكمل بالقول إن "استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى تراجع تصنيف العراق في مؤشرات حرية الصحافة وحرية الإنترنت، وسيضع مؤسسات الدولة في موقف حرج أمام المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، الذي يراقب عن كثب أوضاع حرية الإعلام في البلاد".
وقال إن "محاولة إسكات الصحفيين والمدونين من خلال الحجب أو التهديد أو إساءة استخدام القوانين الإدارية تستعيد أساليب الأنظمة الاستبدادية التي كان العراقيون يظنون أنهم تجاوزوها"، مبيناً أن "الرقابة الرقمية ليست سوى وجه جديد للقمع السياسي، وهي تسعى إلى السيطرة على السردية العامة واحتكار الحقيقة وتكميم النقد المشروع، في الوقت الذي يُفترض فيه أن الدولة تحمي حرية التعبير لا أن تقمعها".
ودعا تحالف الدفاع عن حرية التعبير في العراق، الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء ومجلس النواب) إلى ما يلي:
1. التدخل الفوري لإيقاف الإجراءات الرقابية التي أطلقتها هيئة الإعلام والاتصالات، وإلغاء جميع الاتفاقيات المبرمة مع الشركات والمنصات الدولية التي تؤدي إلى تقييد حرية النشر.
2. ضمان بيئة آمنة ومستقلة لعمل الصحفيين والمدونين ووسائل الإعلام، دون تهديد أو حجب، وبما ينسجم مع التزامات العراق الدستورية والدولية.
3. تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تضم ممثلين عن القضاء، ومنظمات المجتمع المدني، لمراجعة قرارات الهيئة ومساءلة المسؤولين عن التجاوزات الأخيرة.
4. التأكيد على مبدأ الشفافية والمساءلة في عمل المؤسسات التنظيمية للإعلام، ورفض أي تدخل سياسي في قراراتها أو انحرافها عن دورها المهني.
وأكد التحالف، أنه "سيواصل توثيق جميع الانتهاكات بحق الإعلاميين والمدونين، وسيتخذ إجراءات قانونية لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات"، لافتاً إلى أنه "سيعمل مع شركائه في التحالف الدولي لحماية حرية التعبير والصحافة على رفع هذه الانتهاكات إلى المقررين الخاصين في الأمم المتحدة، وإلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جنيف، لضمان ألا تمر هذه السياسات دون مساءلة".
وشدّد، على أن "حرية التعبير ليست منحة من الدولة، بل حق أصيل نصّت عليه المواثيق الدولية والدستور العراقي، وهي الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي".