علّق الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى السياسية الشيعية الحاكمة في العراق، السبت 11 تشرين الأول 2025، بشأن العقوبات الأميركية التي فرضت مؤخراً على "شركة المهندس" المالية التابعة لهيئة الحشد الشعبي، فيما حذّر خبير في الشؤون المالية والمصرفية، من تداعيات خطيرة، وارتدادات مالية غير مباشرة تطال مؤسسات التمويل العراقية.
والخميس الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان اتخاذ "إجراءات ضد أفراد وشركات تساعد النظام الإيراني في التهرب من العقوبات الأميركية، وتهريب الأسلحة، والتورط في فساد واسع النطاق في العراق"، وقد شمل ذلك كل من رئيس اللجنة الأولمبية عقيل مفتن، وشركة "المهندس" التابعة لهيئة الحشد الشعبي ورئاسة الحكومة، وكذلك علي غلام.
وقال النائب عن الإطار التنسيقي علي نعمة، في تصريح لمنصّة "الجبال"، "نعرب عن الاستغراب والاستنكار حيال الإجراءات التي استهدفت شركة المهندس العامة، إحدى الشركات الحكومية التابعة لهيئة الحشد الشعبي، فهذا الإجراء يمثل تجاوزاً على السيادة العراقية واستهدافاً لمؤسسة رسمية تمول من الموازنة العامة للدولة".
وبيّن نعمة، أن "شركة المهندس العامة ليست كياناً تجارياً خاصاً، بل هي شركة حكومية تعمل ضمن المنظومة الإدارية لهيئة الحشد الشعبي، وتخضع لإشراف الدولة وتمويلها من الخزينة العامة"، معتبراً أن "معاقبة هذه الشركة يعني معاقبة مؤسسة رسمية عراقية تقوم بواجباتها وفق القوانين والأنظمة النافذة، وهو ما يعد تدخلاً مباشراً في الشأن الداخلي".
وأضاف، أن "هذه العقوبات لن تؤثر على تمويل الشركة داخل العراق، لأنها تتلقى دعمها من الموازنة الاتحادية عبر قنوات رسمية، لكن الإجراءات قد تُربك تعاملات بعض المصارف الحكومية العراقية على المستوى الدولي، نظراً لارتباطها بالنظام المالي العالمي، ما قد يعرضها لضغوط أو قيود غير مبررة".
وتابع، أن "الإطار التنسيقي، يرفض أي إجراءات تمسّ مؤسسات الدولة أو تضعف من قدراتها الخدمية والتنموية، وشركة المهندس العامة لعبت دوراً مهماً في تنفيذ مشاريع حيوية وإعادة إعمار المناطق المحررة، وهي تمثل نموذجاً وطنياً في دعم الاقتصاد المحلي".
وختم النائب عن الإطار التنسيقي حديثه بالقول، إنه "يجب أن يكون هناك موقف وطني موحد من جميع القوى السياسية لحماية مؤسسات الدولة من أي استهداف خارجي، فالقرارات الدولية يجب أن تحترم سيادة العراق ووحدة مؤسساته الرسمية".
في المقابل، حذّر الخبير في الشؤون المالية والمصرفية ناصر التميمي، من تداعيات العقوبات الأميركية ضد "شركة المهندس" العامة، مرجحاً حصول ارتدادات مالية غير مباشرة على مؤسسات التمويل العراقية.
وقال التميمي في حديث لمنصّة "الجبال"، إنه "يجب الحذر من تداعيات القرار الأخير الذي استهدف شركة المهندس العامة التابعة لهيئة الحشد الشعبي، فالعقوبات المفروضة على شركة حكومية تمولها الدولة قد تخلق ارتدادات مالية غير مباشرة على مؤسسات التمويل العراقية، لاسيّما المصارف الحكومية التي تتعامل معها".
وبيّن التميمي، أن "شركة المهندس العامة ليست جهة خاصة أو مستقلة، بل هي شركة حكومية ترتبط تنظيمياً بهيئة الحشد الشعبي وتمول من الموازنة العامة للدولة، وبالتالي فإن إدراجها ضمن قوائم العقوبات يعني من الناحية العملية أن العقوبات طالت مؤسسة رسمية عراقية تعمل تحت إشراف حكومي مباشر".
وأضاف، أن "هذا النوع من العقوبات يثير إشكاليات قانونية وسياسية، لأنه لا يميز بين المؤسسات الرسمية والكيانات الخاصة، ما يجعله تدخلاً في الشأن الداخلي العراقي، ويضع الحكومة أمام تحدي الحفاظ على سيادتها المالية والإدارية".
وأكد التميمي، أن "الأثر الداخلي للعقوبات سيكون محدوداً نسبياً، لأن الشركة تتلقى تمويلها من الخزينة العامة ولن تتوقف أعمالها داخل العراق، لكن التداعيات الأخطر قد تظهر في الجانب الخارجي، إذ أن المصارف الحكومية التي تتعامل مع الشركة عبر التحويلات الدولية أو المقاصة بالدولار قد تتعرض لضغوط أو قيود من النظام المالي الأميركي".
وتابع، أن "النظام المالي العراقي يعتمد بشكل كبير على التعامل بالدولار الأميركي من خلال البنك المركزي العراقي، وأي تشديد أو تحفظ من الجانب الأميركي قد ينعكس على سرعة التحويلات أو آلية تمويل المشاريع التي تنفذها الشركة أو الجهات المرتبطة بها، كما أن استمرار مثل هذه الإجراءات من دون معالجة سياسية واقتصادية متكاملة قد يؤثر على الثقة بالقطاع المصرفي العراقي ويضعف قدرة الحكومة على إدارة مشاريعها الإنشائية والتنموية".
وختم الخبير في الشؤون المالية والمصرفية حديثه بالقول، إن "الاستقرار المالي في العراق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة الحكومة على حماية مؤسساتها الرسمية من العقوبات الخارجية، والعمل على تطوير بيئة مصرفية متوازنة تحفظ سيادة القرار المالي وتؤمن استمرار المشاريع الخدمية والتنموية".
واليوم، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني هوشيار زيباري، إن الحكومة العراقية ورئيس الوزراء، يفتقدان العمق الدولي والدبلوماسي في التعامل.
وقال زيباري في تدوينة إن "مشكلة الحكومة العراقية ودولة رئيس الوزراء، عدم امتلاكها للعمق الدولي والدبلوماسي في التعامل، وهم أسرى تجليات الماضي الفاشل".
وأضاف، "فاللغة مشكلة والتواصل الإنساني والدبلوماسي مشكلة أخرى، وكذلك المصداقية في التعامل الدولي من خلال مؤسسات الدولة، وعسى أن تسهم هذه الندوة في إيجاد الحلول".
وأعلن الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في وقت سابق، عن توجيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بتشكيل لجنة عليا لمتابعة العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية مؤخراً، ضد شركة "المهندس" وبعض الكيانات الأخرى.
وذكر الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان، أنه "تتابع الحكومة، باهتمام بالغ، ما ورد في قرارات الخزانة الأميركية الأخيرة المتعلقة بفرض عقوبات أمريكية على شركة المهندس العامة، وبعض الكيانات الأخرى بدعوى ارتباطها بجهات تطبق بشأنها إجراءات قانونية أميركية".
وتابع، "ترى حكومة العراق أن هذا الإجراء الأحادي مؤسف للغاية ويتنافى مع روح الصداقة والاحترام المتبادل التي لطالما ميّزت العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أن اتخاذ مثل هذا القرار من دون تشاور أو حوار مسبق يُشكّل سابقة سلبية في نهج التعامل بين الدول الحليفة، ويدعو العراق شركاءه الدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، الى التعاون في تبادل المعلومات الفنية والمصرفية، لا سيّما مع عملية الإصلاح الهيكلي الشاملة للنظام البنكي والمصرفي العراقي التي أنجزتها هذه الحكومة".
وأشار إلى أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وجه بتشكيل لجنة وطنية عليا، تضم ممثلين عن وزارة المالية وديوان الرقابة المالية، وهيأة النزاهة، والبنك المركزي، تتولى مراجعة القضية ذات الصلة، وأن ترفع تقريرها وتوصياتها خلال 30 يوماً، بما يلزم من إجراءات قانونية وإدارية".