بظل تعديلات مصرفية مركزية.. هل يتكرر "السيناريو اللبناني" في البنوك العراقية؟

بظل تعديلات مصرفية مركزية.. هل يتكرر "السيناريو اللبناني" في البنوك العراقية؟ البنك المركزي العراقي

حذر الخبير في الشؤون المصرفية من تكرار "السيناريو اللبناني" في بعض المصارف العراقية، وطالب بـ"إصلاحات عاجلة" لضمان أموال المودعين، بينما تؤكد لجنة برلمانية أن "الوضع المالي في العراق مستقر ومختلف تماماً عن التجربة اللبنانية".

 

عبد الرحمن الشيخلي، خبير في الشؤون المصرفية، قال في تصريح لموقع "الجبال"، السبت 11 تشرين الأول 2025، إنه "يجب الحذر من تزايد المخاوف الشعبية والمصرفية من احتمال تكرار أزمة الودائع التي شهدها القطاع المصرفي اللبناني في السنوات الماضية، وذلك في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها العراق، خصوصاً ما يتعلق بقدرة بعض المصارف على تسليم الودائع للمواطنين في الوقت المناسب".

 

وذكر الشيخلي أن "هناك قلقاً متنامياً لدى المواطنين والمستثمرين من أوضاع بعض المصارف الأهلية وحتى الحكومية التي تواجه ضغوطاً مالية ونقدية، ما يثير المخاوف من أن تتجه الأمور إلى سيناريو مشابه لما حصل في لبنان، حيث تعذر على المودعين سحب أموالهم أو تحويلها بالعملة الصعبة".

 

وأضاف الخبير المصرفي أن "العراق يمتلك منظومة مصرفية واسعة، إلا أن الاعتماد الكبير على الدولار والتحويلات الخارجية جعل بعض المصارف عرضة للتأثر بأي تغييرات أو قيود من النظام المالي الدولي أو من البنك المركزي العراقي نفسه"، مشيراً أن "التحدي الحقيقي يكمن في ضعف الرقابة على بعض المصارف الأهلية، وغياب الشفافية في إدارة الودائع والاستثمارات".

 

وأكد أن "القطاع المصرفي العراقي ما يزال يعاني من فجوة ثقة بين المواطن والمصارف، إذ يفضل كثير من المواطنين الاحتفاظ بأموالهم نقداً بدلاً من إيداعها، وهو ما يضعف السيولة الداخلية للمصارف ويجعلها أكثر هشاشة في مواجهة الأزمات. وما جرى في لبنان يجب أن يكون جرس إنذار حقيقياً لصناع القرار المالي في العراق، لأن أي أزمة ثقة في المصارف يمكن أن تتحول سريعاً إلى أزمة اقتصادية وطنية تؤثر في سعر الصرف، والسيولة النقدية، والاستقرار الاجتماعي".

 

شدّد الشيخلي في حديثه على أنه "يجب تفعيل أدوات الرقابة الصارمة على المصارف الخاصة والعامة، ومراجعة سياساتها الائتمانية والتمويلية، مع ضرورة ضمان الودائع الصغيرة والمتوسطة قانونياً، ووضع آليات عاجلة لتأمين حقوق المودعين في حال حدوث أي تعثر مالي"، مبيناً أن "العراق لا يعيش أزمة مصرفية حالياً، لكنه يقف أمام تحد حقيقي يتطلب الحذر والشفافية والإصلاح السريع، لأن حماية الودائع تعني حماية الثقة، ومن دون الثقة لا يمكن لأي نظام مالي أن يستمر أو يتطور".

 

سياسة نقدية جديدة

تتوسع المخاوف من تكرار التجربة اللبنانية في العراق، بعد إعلان مصرف الطيف العراقي عن سياسة نقدية جديدة تتبعها الحكومة، منبهاً عملائه بتعديل جديد أجراه البنك المركزي العراقي على ضوابط الاحتياطي النقدي الإلزامي داخل البنوك.

 

وذكر المصرف في بيان، "نود إعلامكم بأن البنك المركزي العراقي قد أجرى مؤخراً تعديلاً على ضوابط الاحتياطي النقدي الإلزامي، حيث تم رفع النسبة المطلوبة مقابل ودائع الزبائن من 8% إلى 18%"، مشيراً أن هذا التغيير "يأتي ضمن إطار السياسات النقدية الجديدة التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي في البلاد".

 

وبناءَ عليه، أكد المصرف أنه "يقوم حالياً بإعادة تقييم أداء المنتجات الادخارية والخدمية المرتبطة بالودائع، لضمان استمرارية تقديم أفضل العوائد والخدمات للزبائن الكرام مع الحفاظ على التوازن بين الالتزام بالضوابط التنظيمية وتلبية تطلعاتهم المصرفية".

 

أكد مصرف الطيف أنه "ملتزم بتقديم حلول مصرفية مرنة ومبتكرة، وموافاته بأي تحديثات مستقبلية تخص المنتجات الادخارية والعوائد المترتبة عليها، بما ينسجم مع التغييرات التنظيمية ويحقق مصالح العملاء".

 

تطمينات برلمانية

بالمقابل، أكدت اللجنة المالية النيابية، اليوم، أن الوضع المالي في العراق مستقر ومختلف تماماً عن التجربة اللبنانية.

 

وقال عضو اللجنة معين الكاظمي، لـ"الجبال"، أن "الوضع المالي والمصرفي في العراق مستقر وآمن، ولا توجد أي مؤشرات تشبه الأزمة التي مر بها القطاع المصرفي اللبناني خلال السنوات الماضية، ولهذا نطمئن المواطنين بأن أموالهم وودائعهم في المصارف العراقية في مأمن تام".

 

وأضاف الكاظمي "إن الحديث عن تكرار ما حدث في لبنان داخل العراق غير دقيق ومبالغ فيه، لأن النظام المالي العراقي يخضع لرقابة صارمة من قبل البنك المركزي العراقي، ويستند إلى احتياطي نقدي قوي بالعملات الأجنبية يغطي احتياجات السوق ويؤمن استقرار الدينار"، لافتاً أن "العراق يمتلك اليوم واحداً من أعلى الاحتياطيات النقدية في تاريخه، يتجاوز (100 مليار دولار)، إلى جانب احتياطي كبير من الذهب، مما يجعله في وضع مالي مريح يضمن استقرار السيولة المصرفية وعدم تعثر المصارف في تسليم الودائع".

 

أكد البرلماني أن "ما حدث في لبنان كان نتيجة انهيار النظام المالي بسبب الديون الداخلية والعجز المزمن في الموازنة وغياب الاحتياطي النقدي الكافي، بينما يعتمد العراق على عوائد النفط المستقرة التي تمثل مصدر تمويل رئيس ومستمر، فضلاً عن ارتباط جميع المصارف العراقية بمنظومة رقابة وإشراف دقيقة من البنك المركزي"، داعياً العراقيين إلى "عدم الانجرار وراء الشائعات أو المقارنات غير الواقعية مع تجارب دول أخرى".

 

بحسب قول الكاظمي فإن "العراق اليوم يمتلك غطاء مالياً آمناً واقتصاداً قادراً على مواجهة التحديات، والنظام المصرفي العراقي يعمل وفق ضوابط دقيقة تضمن استقرار السوق وحماية أموال الناس".


الجبال

نُشرت في السبت 11 أكتوبر 2025 01:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.