ما مخاطر "الفيتو الأميركي" على منع العراق من استيراد الغاز التركمانستاني؟

ما مخاطر "الفيتو الأميركي" على منع العراق من استيراد الغاز التركمانستاني؟ حقل نفطي في العراق/ تعبيرية

كشف مختص في الشؤون الاقتصادية والنفطية، عن مخاطر "الفيتو الأميركي" على اتفاق العراق لاستيراد الغاز من تركمانستان.

 

وقال المختص في الشأن الاقتصادي والنفطي عباس الشطري، اليوم الأحد 21 أيلول 2025، لـ"الجبال"، إن "الاعتراضات الأميركية على الاتفاق العراقي المتعلق باستيراد الغاز من تركمانستان عبر الأراضي الإيرانية شكلت عائقاً كبيراً أمام بغداد، وأدّت عملياً إلى إفشال هذا المسار الذي كان من شأنه أن يوفر مورداً مهماً لتشغيل محطات الكهرباء"، موضحاً أن "هذه التطورات تعكس تعقيدات المشهد الجيوسياسي، حيث أن أي اتفاق يرتبط بمرور الغاز عبر إيران يواجه حساسية سياسية وضغوطاً خارجية مباشرة".

 

وبيّن أنه "بالنسبة للعراق، هذا الموقف يضع الحكومة أمام مأزق حقيقي، فالحاجة إلى الغاز المستورد لتشغيل منظومة الكهرباء تظل ملحة في ظل محدودية الإنتاج المحلي وعدم قدرة الحقول العراقية على سد كامل الاستهلاك"، منوّهاً أن "العراق الآن أمام خيارات صعبة، إما الاستمرار في الاعتماد على الاستثناءات الأميركية لاستيراد الغاز الإيراني، (وهو خيار محفوف بالمخاطر السياسية)، أو البحث عن مصادر بديلة عبر دول الجوار مثل قطر أو عبر استثمارات طويلة الأمد في تطوير الغاز المصاحب والحر محلياً".

 

ووفق قول الشطري فإن "الحلول البديلة ليست سهلة أو سريعة، فالمشاريع المحلية لتطوير الغاز تحتاج إلى سنوات وجهود استثمارية ضخمة، في حين أن أي اتفاقات جديدة مع دول أخرى قد تصطدم بكلف مرتفعة أو تحديات لوجستية، لذلك يبقى العراق حالياً في وضع معقد، يتطلب موازنة دقيقة بين الضغوط الخارجية والاحتياجات الداخلية، مع ضرورة تسريع الخطوات الجدية في ملف الاستثمار بالغاز الوطني لتقليل الاعتماد على الخارج".

 

أصل المشكلة

كانت وكالة "رويترز"، قد كشفت عن اعتراضات ‏أمريكية على الاتفاق العراقي باستيراد الغاز من تركمانستان عبر إيران، أطاحت بالاتفاق، "ما ترك بغداد حائرة أمام بدائل أخرى لتوفير الكهرباء".

 

ويعاني العراق الغني بالنفط من صعوبة توفير الكهرباء ‏لمواطنيه منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ‏والذي أطاح بصدام حسين، مما أجبر كثيرين على الاعتماد ‏على مولدات خاصة باهظة الثمن، ما تسبب في ضائقة ‏اقتصادية وأثار قلاقل اجتماعية.‏

 

واعتمد العراق على واردات الغاز والكهرباء من إيران على ‏مدى السنوات العشر الماضية. ونقلت رويترز عن "مسؤول في قطاع ‏الطاقة العراقي"، دون كشف اسمه لحساسية الموضوع، قوله إن "‏الغاز الإيراني يغطي ما يقرب من ثلث توليد الكهرباء في ‏العراق"، وإن "واردات الغاز وصلت في 2024 إلى 9.5 ‏مليار متر مكعب".

 

وفي 2023، جرى اقتراح اتفاق لتصدير الغاز من ‏تركمانستان إلى العراق عبر إيران. ينص الاتفاق المقترح ‏على أن تتسلم إيران الغاز وتزود العراق به، لكن هذا من ‏شأنه انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وهو ‏ما يتطلب موافقة واشنطن.‏

 

ولم توافق واشنطن على الاتفاق، وشدّدت إدارة الرئيس ‏الأميركي دونالد ترامب سياسة "أقصى الضغوط" التي ‏تمارسها على طهران.

 

وتحدثت "رويترز" إلى أربعة مسؤولين عراقيين، ‏واطلعت على سبع وثائق رسمية، لمعرفة كيف سعت بغداد ‏على مدى أشهر للحصول على موافقة واشنطن للسماح لها ‏باستيراد ما يقرب من خمسة مليارات متر مكعب من الغاز ‏من تركمانستان عبر إيران.‏

 

وبحسب "رويترز"، فقد أظهرت مسودة عقد الاتفاق، أن ‏العراق سعى إلى استيراد 5.025 مليار متر مكعب من الغاز ‏من تركمانستان سنوياً بتسهيلات من شركة الغاز الوطنية ‏الإيرانية المملوكة للدولة.‏

 

وأشارت الوثيقة إلى أن "إيران لن تتلقى أي أموال، لكنها ستحصل ‏على قدر من الغاز لتلبية احتياجاتها بما لا يتجاوز 23 بالمئة ‏من إجمالي الكمية اليومية القادمة من تركمانستان". 

 

وبحسب الوثيقة نفسها، فإن "بغداد عرضت أيضاً السماح لجهة ‏رقابية دولية بمثابة طرف ثالث بمتابعة مدى امتثال الاتفاق ‏للعقوبات الأميركية وقواعد مكافحة غسل الأموال". 

 

"ولكن رغم أشهر من المساعي، أطاحت الاعتراضات ‏الأميركية بالاتفاق في نهاية المطاف مع تصاعد ضغوط ‏واشنطن على إيران بسبب طموحاتها النووية"، على ما أفادت رويترز "وهذا جعل بغداد تواجه مأزقاً متزايداً لتحقيق التوازن في ‏علاقتها مع حليفيها الرئيسيين واشنطن وطهران".

 

ونقلت الوكالة عن عادل كريم مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون ‏الكهرباء قوله: "إذا مضينا به (الاتفاق مع تركمانستان) ‏سوف تكون هناك نوع من العقوبات على البنوك والمؤسسات ‏المالية العراقية.. فتم توقيف العقد في الوقت الحالي".‏

 

في هذا السياق، أحجمت وزارة الخزانة الأميركية عن التعليق، لكن مصدراً ‏أميركياً مطلعاً قال إن "إدارة ترامب لن توافق على ترتيبات ‏ربما تفيد إيران، لكنها تعمل مع العراق لتلبية احتياجاته من ‏الطاقة".

 

والعراق هو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة ‏للبترول (أوبك)، لكنه يحرق معظم الغاز المصاحب للنفط ‏بسبب نقص الاستثمار ونقص البنية التحتية اللازمة ‏لاستخلاصه ومعالجته.‏

الجبال

نُشرت في الأحد 21 سبتمبر 2025 12:12 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.