كشفت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، السبت 20 كانون الأول 2025، عن مسؤولين ومصادر مطلعة، حديثهم عن تلقي الحكومة العراقية وجهات فاعلة في العراق، رسالتي تحذير "غير اعتياديتين"، من دولة عربية وجهاز استخبارات غربي، تضمنتا "تهديد بتوجيه ضربات عسكرية واسعة في العراق"، بالإضافة إلى (ملف ضخم) لقوائم "إسرائيلية"، تتضمن معلومات مفصلة عن الفصائل العراقية المسلحة.
في السياق: أين سيوضع وما مستقبل "المقاومين"؟.. قراءات بشأن مصير سلاح الفصائل ومهمة سافايا في العراق
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر مطّلعة قولها إن "الحكومة العراقية وجهات سياسية فاعلة تلقت خلال الأسبوعين الماضيين رسالتي تحذير غير اعتياديتين من دولة عربية وجهاز استخبارات غربي تضمنتا معلومات جدية عن اقتراب تنفيذ ضربات عسكرية واسعة في العراق".
وأكد مسؤول عراقي، بحسب الصحيفة، أن "دولة صديقة، أبلغت بغداد بمضمون التهديد، قبل أن تسارع فصائل شيعية إلى تقديم تنازلات".
وقالت الصحيفة: "كان من المحتمل أن تشمل الضربات مؤسسات حكومية على صلة بالفصائل الشيعية والحشد الشعبي، وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري، ومواقع ومخازن طائرات مسيّرة وصواريخ ومعسكرات تدريب"، معتبرة أن "الرسالتين سرعتا من إعلانات سياسية متواترة من فصائل دعت أخيراً إلى حصر السلاح بيد الدولة، إلا أنها طلبت الوقت وحرية التصرف فيما سمته نطاقاً وطنياً لإنجاز عمليات تفكيك مفترضة لقدراتها العسكرية، وهي وجهة نظر محل خلاف داخلي بين قادة الإطار التنسيقي حتى الآن".
مصادر "الشرق الأوسط"، أشارت إلى أن "مستوى التهديد بدأ بالتصاعد أولاً مع رسالة وصلت من دولة عربية تحتفظ بعلاقات جيدة مع الأميركيين والإيرانيين، شدّدت على أن بغداد قريبة للغاية من التعرض لهجوم عسكري خاطف على غرار استهداف المكتب السياسي لحركة (حماس) في الدوحة في سبتمبر (أيلول) 2025".
وأبلغت الرسالة، بحسب الصحيفة، أطرافاً في الحكومة العراقية وسياسيين عراقيين أن "مستوى التهديد جدي للغاية، وأن إسرائيل باتت تتحدث عن حصولها على ضوء أخضر من الأميركيين للتصرف في مسرح العمليات العراقي".
ونقلت "الشرق الأوسط"، عن دبلوماسي غربي، قوله إن "الانطباع الذي كان الأميركيون يحصلون عليه من المسؤولين العراقيين أنهم لا يدركون تماماً حقيقة الأمر، وأن عليهم اتخاذ قرارات حاسمة تجنبهم المخاطر"، مضيفاً أنهم "في مرحلة ما بدأوا يشعرون بالحنق من ضعف الاستجابة العراقية".
وتابعت الصحيفة، "وأكد مسؤول في الحكومة العراقية وصول رسائل بشأن الجماعات المسلحة"، مشيراً إلى أن "التحذيرات وصلت من دول صديقة وسفارات دول غربية عاملة في بغداد".
وقالت مصادر الصحيفة، إن "مسؤولين في الحكومة تلقوا بعد أيام من وصول الرسالة العربية، (ملفاً ضخماً) من جهاز استخبارات غربي، تضمن قوائم أعدها جهاز أمني إسرائيلي تتضمن معلومات غزيرة ومفصلة عن الفصائل العراقية المسلحة".
ووفق المصادر، فإن "حجم المعلومات ودقتها وشموليتها أذهل المسؤولين العراقيين"، مضيفة أن "القوائم التي نقلها الجهاز الاستخباري الغربي تضمنت معلومات مفصلة عن مسؤولي فصائل وأشخاص سريين ينشطون في دوائرهم المقرّبة، فضلاً عن أشخاص يديرون مصالح مالية وتجارية على صلة بالفصائل، كما تضمنت مؤسسات حكومية تمثل واجهات لنفوذ الفصائل المسلحة".
وأوضحت المصادر، أن "الجهاز الغربي أبلغ العراقيين بأن إسرائيل على وشك تنفيذ عملية واسعة بعد انكشاف القدرات العملياتية والمالية للفصائل بما في ذلك الشبكة العميقة التي تشكل بنيتها العسكرية"، مشيرة إلى أن "سياسيين شيعة استحضروا مشهد تفجيرات أجهزة البيجر في لبنان بعد اطْلاعهم على جانب من ملف الجهاز الاستخباري".
من جانبه، قال قيادي في الإطار التنسيقي، إن "الرسالتين قلبتا الموازين، ودفعتا قادة أحزاب شيعية إلى الإسراع بخطوات تتعلق بسلاح الفصائل، ويحاول كثيرون منهم الإجابة عن سؤال: ما العمل الآن، لكن ثمة خلافات حول الطريقة والجهة الموثوق بها التي تنفذ المرحلة الانتقالية من حصر السلاح"، وفق الصحيفة.
وأكد القيادي للصحيفة، أن "المرحلة الأولى من عمليات حصر السلاح تقضي بتسليم الفصائل صواريخ باليستية ومسيّرات إلى جانب تفكيك وتسليم معسكرات استراتيجية شمال وجنوب العاصمة بغداد، في حين يزعم أن تبدأ المرحلة الثانية بإقالة مسؤولين فصائليين من هيئة الحشد الشعبي بانتظار تعامل الأميركيين مع هذه الخطوات".
في المقابل، نقلت الصحيفة معلومات عن "مسؤول في ائتلاف دولة القانون"، تفيد بوجود "اتفاق على نزع السلاح الثقيل"، حيث قال إن "اتفاقاً على نزع السلاح الثقيل كان مبرماً أساساً بين قادة الإطار التنسيقي حتى قبل تصاعد الضغوط الأميركية".
وتتركز الخلافات الآن، بحسب المصادر المطلعة، "حول الجهة الحكومية التي تتولى نزع القدرات العملياتية للفصائل وتسلُّم سلاحها وتقييده، بسبب انعدام الثقة الأميركي بمؤسسات أمنية حكومية تخضع لنفوذ الفصائل".
وأشارت الصحيفة، إلى أن "رسالة الجهاز الاستخباري الغربي، تزامنت مع وصول الكولونيل ستيفانا باغلي إلى العراق، وهي المديرة الجديدة لمكتب التعاون الأمني الأميركي، الذي سيتوقف تمويله على تنفيذ 3 شروط وردت في قانون موازنة الدفاع الأميركي".
وقالت مصادر دبلوماسية غربية للصحيفة، إن "باغلي يفترض أن تطلب من المسؤولين العراقيين جدولاً زمنياً واضحاً لتنفيذ هذه الخطوات بشكل حاسم، وبطريقة قابلة للتحقق والاستمرارية".
وكانت باغلي قد التقت رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول الركن عبد الأمير يار الله مرتين خلال أسبوع واحد، يومي 13 و20 أكتوبر 2025.
ونفت المصادر المطلعة علمها ما إذا كانت الكولونيل باغلي قد نقلت تحذيرات إلى المسؤولين العراقيين بشأن مصير الفصائل المسلحة، وفق الصحيفة.
ومن المفارقات أن تعود باغلي إلى العراق بعد 20 عاماً، تقول الصحيفة، التي أشارت إلى أن "باغلي كانت برتبة نقيب عندما خدمت في البلاد بين عامي 2005 و2006 ضمن الجيش الأميركي، وأسهمت في تنفيذ برامج لتطوير قدرات الشرطة. وغادرت لاحقاً في ظل تصاعد أعمال العنف، وما وصفته حينها بضعف ولاء والتزام عناصر الأمن داخل المؤسسات الرسمية".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول حكومي عراقي سابق، قوله: إن "الأميركيين كانوا قد أبلغوا الحكومة العراقية مرات عديدة أنهم بانتظار جدول زمني لتصفية نفوذ الميليشيات، لا سيما في عام 2026 الذي من المقرر أن يشهد استكمال اتفاق إنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة".
ومؤخراً، أكدت وزارة الخارجية الأميركية، أن "الولايات المتحدة ستواصل التأكيد على ضرورة نزع سلاح وتفكيك الميليشيات المدعومة من إيران التي تقوّض سيادة العراق، وتهدد الأميركيين والعراقيين، وتنهب موارد العراق لصالح إيران. يدرك القادة العراقيون جيداً ما يتوافق وما لا يتوافق مع شراكة أميركية عراقية قوية".
السوداني وفالح الفياض ورئيس أركان الحشد الشعبي أبو فدك (أرشيف)