قبل أيام دخلت مدينة السليمانية في أحداث مفاجئة وخطيرة، ولحسن الحظ فإن الأحداث حُسمت بسرعة وإلا فإنها كانت قد تؤدي إلى نتائج أكثر مأساوية على المستويات الاجتماعية و السياسية و الأمنية.
إحدى مميزات اقليم كوردستان عموماً - ومدينة السليمانية لم تكن خارجة عن هذا التعميم - هي استتاب الحالة الأمنية، ولكن هذه الأحداث جاءت لتضرب هذه النظرية ضرب الحائط وتجعل الحالة الأمنية في السليمانية تحت التساؤل. فالطرفان، الاتحاد الوطني، بقوته العسكرية، وجماعة شيخ لاهور، لم يأخذا بالحسبان النتائج الوخيمة التي يمكن أن ينتج عن أي احتدام عسكري بين الطرفين المسلحين.
وأساساً فإن وجود جماعة مسلحة داخل فندق مدني و سياحي ليس له أي مبرر وكان من المفترض أن تعالج هذه المسألة منذ زمن، ولكن تخبط السلطات في تفكيك خلية مسلحة وإرجاء الأمر إلى موعد لاحق، يثير أكثر من تساؤل و يشير إلى استخدام سياسي واضح لمسألة أمنية.
وكان على السلطات الأمنية في السليمانية أن تعالج موضوع وجود هذه المجموعة مسلحة داخل أحد أحياء المدينة، وهي مجموعة شيخ لاهور باسم (العقرب) المتمركزين في فندق (لاله زار) الواقع في منطقة سرجنار السياحية عن طريق القانون و التفاهم والتراضي وليس عن طريق الاشتباك العسكري الذي ربما كانت قد تخرج عن نطاق السيطرة بشكل لا تحمد عقباه. فالمكان الذي جرى فيه الاشتباكات مليئ بمنازل المواطنين، وأحياء قاطنة بالسكان وقد تضررت هذه الأحياء والمنازل بشكل كبير، ولو لا رحمة الله وفضله لكانت هناك خسائر بشرية بين صفوف المدنيين، ولكن والحمد لله لم يحدث هذا، ومجمل ضحايا الطرفين - غير المعروف عددهم حتى الآن- من العسكريين.
مما لاشك فيه أن أحداث نهار يوم الجمعة 22-آب-2025 قد أضرت بمكانة وسمعة مدينة السليمانية كمدينة سياحية آمنة، وعلى المسؤولين في إدارة السليمانية تدارك هذا الأمر وإرجاع السليمانية إلى مكانتها السابقة كمدينة آمنة وحاضنة للجميع ومدينة سياحية جاذبة للسياح من مختلف مدن العراق وإقليم كوردستان.
من جانب آخر، أحداث فندق (لاله زار) كانت وستكون لها أثر سلبي على المشاركة السياسية والحراك السياسي الحر في منطقة السليمانية التي لطالما كانت تتباهى بوجود حرية سياسية فيها، وستضر أيضاً بمبدأ التعددية الحزبية الموجودة في إقليم كوردستان منذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي والتي أقرها برلمان إقليم كوردستان في دورته الأولى وبموجبها تأسست الحياة الحزبية في الإقليم كبداية وأساس لتثبيت النظام الديمقراطي الحقيقي.
ولكن، ومع كل الأسف، فإن مثل هذه الممارسات سوف تعطل عجلة الديمقراطية وتضرب التعددية الحزبية والمشاركة السياسية في الصميم.
حكومة إقليم كوردستان نددت بما جرى في بيان رسمي واستنكرت الالتجاء إلى الخيار العسكري لحسم الصراعات السياسية.
الذي جرى في السليمانية قوبل برفض واستنكار شعبي ورسمي داخل وخارج إقليم كوردستان.
كما ونددت النخبة المثقفة في كوردستان بالحدث وأعربت هذه النخبة خاصة في السليمانية عن تخوفها من أن هذه الأحداث و مثل تلك القرارات الفردية و المجازفات غير المدروسة ربما تعيد إقليم كوردستان إلى دوامة الحرب الأهلية التي حرمها الزعيم مسعود البرزاني بعد انتهاء الاقتتال الداخلي في كوردستان والتصالح التاريخي الذي جرى برعاية خارجية أواخر التسعينات.
لذا على جميع الجهات و القوى والأحزاب العاملة في كوردستان خاصة الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي، والاتحاد الوطني) تحريم استخدام السلاح في الصراعات السياسية.
كما ويجب أن يكون لبرلمان كوردستان والكابينة الحكومية المقبلة دور محوري في هذه القضية. وبحسب معلوماتنا الموثقة فإن بعض الكتل النيابية في برلمان كوردستان وبتنسيق مع جهات حكومية تتجه صوب العمل على هذه الفكرة مع بداية فتح جلسات البرلمان والإعلان عن الكابينة الوزارية التي نقترب شيئاً فشيئاً عن الإعلان عن تشكيلتها.