يتحدث عديدون عن أن عودة التيار الصدري إلى العملية السياسية، باتت أقرب من أي وقت مضى، حيث يستعد أنصار زعيم التيار مقتدى الصدر إلى تحشيد قواعدهم الجماهيرية استعداداً للانتخابات المقبلة وبعث برسائل مهمة إلى خصومهم السياسيين تفيد بعودتهم المرتقبة إلى المشهد السياسي وتصدره من جديد، على الرغم من وجود أقول أخرى تشير إلى عدم تفكير الصدر بالعودة أصلاً.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن في منتصف حزيران 2022، الانسحاب من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين"، ليعتزل تماماً بعد "اشتباكات آب" على أبواب المنطقة الخضراء.
لكن كيف سيعود الصدر؟
في هذا السياق، يكشف الباحث في الشأن السياسي، رافد العطواني بأن المتتبع لطبيعة التيار الوطني الشيعي - وهو الاسم الجديد الذي اعتمده الصدر لتياره في نيسان الماضي - يدرك أنه "يأتي من مدرسة فلسفتها قريبة جداً من العمل السياسي وتتدخل في دقائق التفاصيل السياسية".
العطواني أضاف أنه "وبملاحظتنا لبعض الإشارات التي صدرت من زعيمه وكذلك التحركات الأخيرة المتمثلة بهيكلة أجزاء ومفاصل التيار الوطني الشيعي من الجُمع وخطباء المنابر، بوضع صورة علم التيار الوطني الشيعي الذي اختاره سماحة الصدر، كل هذه التغييرات تؤشر على أن موعد عودته بات قريباً".
وأشار إلى أنه "ما يزال نوع العودة غير مفهوم حتى هذه اللحظة، وهل سيعمل في حال خاض الانتخابات لتشكيل الحكومة؟ هل سيتزعم حكومة أم سيتزعم معارضة؟ هذه كلها أسئلة ما زالت مفتوحة ولم تحصل على إجابات".
واستطرد العطواني بالقول إنه "حتى لو ترك الصدر العمل السياسي في البرلمان أو لم يشارك بالحكومة، فإنه قد يلجأ إلى المعارضة الشعبية. سيوجه رسائل موجهة إلى السلطات تنفيذية والبرلمان ويضغط باتجاه تصحيح مسار العملية السياسي، لأنه من دعاة الإصلاح الاقتصادي والسياسي والإصلاح الاجتماعي كذلك"، مضيفاً أن "التيار، باعتقادي الشخصي، لم يغادر السياسة إنما أعطى فرصة للإطار التنسيقي لإدارة الدولة".
وما يزال التيار الصدري يملك رأياً مؤثراً في الشارع، بحسب وصف العطواني، "وقد تدخل في كثير من القرارات حتى أثناء انعزاله عن العملية السياسية، وقد تبين ذلك في تدخله في الإفراج عن أبناء التيار الوطني الشيعي المعتقلين، وكذلك في عطلة عيد الغدير الذي أقره البرلمان بدفع من الصدريين"، على حد قول الباحث بالشأن السياسي.
ويتابع: "بالإضافة إلى التظاهرات المليونية ضد الكيان الصهيوني والمطالبة بوقف إطلاق النار ورفض زيارة بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، كل هذا يعطينا مؤشراً بما لا يقبل الشك أن التيار الوطني الشيعي قد عاد إلى السياسة".
"إجازة مؤقتة"
وأوضح العطواني في حديثه لـ "الجبال"، أن التيار الوطني الشيعي "أعطى نفسه إجازة مؤقتة عن العمل السياسي داخل الحكومة العراقية التنفيذية وكذلك في السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان الذي خرج منه ولم يشترك في الانتخابات المحلية السابقة، لكنه من المرجح أن يعود في الانتخابات المقبلة إلا أن هذا الأمر ليس مؤكداً حتى اللحظة لأننا ما زلما بحاجة إلى معلومة مؤكدة بخصوص هذا الأمر".
وأشار إلى أنه "حتى هذه اللحظة لم يعطِ الضوء الأخضر للمفصل السياسي للتيار الوطني الشيعي، ولا يوجد تفصيلة تشير إلى فتح مكتبه السياسي، بل ما قام به هو تفعيل البنيان المرصوص وهو أحد أجنحته وأذرعه الاجتماعية".
واختتم العطواني حديثه بالقول إن"التيار عاد إلى السياسة لكن نوع العودة جاء عن طريق المعارضة الشعبية يريد تنفيذ بعض المطالب عن طريق استخدام جماهيره، كما تعطي البيانات التي صدرت عن الصدر، ومكتبه الخاص، وصفحة وزير القائد، إشارةً واضحة بالعودة. إلا أنه يبقى علينا أن نتأكد من أن عودته ستشمل الانتخابات المقبلة والوضع التشريعي وما هو نوع هذه العودة، هل هي للانخراط بالحكومة التنفيذية أم فقط التواجد داخل السلطة التشريعية وتشكيل معارضة؟".
التيار لم يغادر السياسة
في حين، يرى الاكاديمي والخبير السياسي والقانوني خالد العرداوي ، بأن التيار الصدري هو تيار عقائدي- جماهيري- سياسي وخروجه من بعض المناصب الحكومية التنفيذية ومن السلطة التشريعية لا يعني مغادرته العملية السياسية، بل كان محتجاً على وضع سياسي معين، وهو يتحين الفرص لتغيير هذا الوضع كلياً أو جزئياً، ومن ضمن هذه الفرص الانتخابات البرلمانية القادمة.
واضاف العرداوي في حديثه لـ "الجبال": "فكل خطوات قيادة التيار منذ الانسحاب من تشكيل الحكومة الى الوقت الحاضر تصب في هذا الاتجاه، لا سيما بعد تشكيل التيار الوطني الشيعي"، لافتاً إلى أن الظهور المتكرر لزعيمه مقتدى الصدر في وسط الجماهير "مؤشر على قرب عودة الصدريين إلى المشهد السياسي".
وعن سؤاله متى يمكن القول إن الصدريين عادوا إلى السياسة؟ أجاب العرداوي: "سيتضح ذلك خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذه السنة أو مع مطلع السنة القادمة في أعلى تقدير".