بين التكتيك والجديّة.. متخصصون يفسّرون تداعيات إلغاء الاتفاق النفطي التاريخي بين بغداد وأنقرة

5 قراءة دقيقة
بين التكتيك والجديّة.. متخصصون يفسّرون تداعيات إلغاء الاتفاق النفطي التاريخي بين بغداد وأنقرة أحمد بولجا - مدير عمليات محطة جيهان النفطية يأخذ عينة من شحنة نفط خام عراقية – أضنة 1996 (أسوشيتد برس)

ما علاقة الغرامات التي فرضتها محكمة التحكيم الدولية على تركيا؟

أثار إلغاء تركيا، الاتفاق النفطي مع العراق، الذي مضى على سريانه 52 عاماً، ردود فعل وتوقعات مستقبلية مختلفة، فبين "القانوني و"غير القانوني"، يتراوح قرار الرئيس التركي الأخير المتمثّل بإلغاء اتفاق خط أنابيب النفط الخام المبرم مع العراق منذ عام 1973، والذي يصفه متخصصون بأنه "أساس الاستقرار المالي، وربط إقليم كوردستان والعراق بالأسواق العالمية"، فيما ترجّح تحليلات، أن خطوة أردوغان بإلغاء الاتفاقية، بمثابة "تكتيك تفاوضي"، يراد منه إعفاء تركيا من تسديد مبالغ الغرامات المالية التي فرضتها محكمة التحكيم الدولية عليها، بسبب تصدير النفط من إقليم كوردستان دون الرجوع إلى شركة (سومو).

 

وأفادت وسائل إعلام تركية، اليوم 21 تموز 2025، بأن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقّع قراراً رسمياً ينهي اتفاق خط أنابيب النفط الخام المبرم بين تركيا والعراق منذ عام 1973، مشيرة إلى أن "القرار نُشر في الجريدة الرسمية ويحمل توقيع الرئيس التركي شخصياً".

 

 استغراب من صمت الحكومة

وبين تلك التحليلات والتوقعات، أعربت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، عن "استغرابها" من الخطوة التركية المتمثّلة بإنهاء اتفاق خطّ أنابيب النفط الخام المبرم بين بغداد وأنقرة، وصمت الحكومة العراقية حيال ذلك، فيما تعهدت باستضافة الجهات المختصة لمناقشة الملف.

 

وقال عضو اللجنة حيدر السلامي، في تصريح لمنصّة "الجبال"، إن "إقدام أردوغان على إنهاء اتفاق نفطي (تاريخي) بين العراق وتركيا دون علم بغداد، أمر مستغرب، فيجب أن يكون هناك علم وموافقة للحكومة العراقية بتلك الخطوة قبل القيام بها، والمستغرب صمت الحكومة عن ذلك دون أن تصدر أي توضيح".

 

وتم توقيع الاتفاق بين البلدين عام 1973، بهدف تأمين تصدير النفط الخام من العراق إلى ميناء جيهان التركي. وقد جرى تعديل الاتفاق عدة مرات عبر السنوات، كان آخرها عام 2010، حين تم تمديده لمدة 15 سنة إضافية، وهي الفترة التي ستنتهي العام المقبل.

 

وبيّن السلامي، أن "مجلس النواب سيعمل على استضافة الجهات المختصة بهذا الملف لمناقشة ذلك ولمعرفة كيف تلغى هكذا اتفاقية من طرف واحد، وما هي تفاصيل الاتفاقية والشروط المفروضة على الطرفين. فلا يمكن إلغاء هكذا اتفاقية ما بين بلدين من قبل بلد معين دون علم وموافقة واتفاق الدولتين معاً".

 

"تكتيك تفاوضي" وعين على إلغاء غرامات التحكيم الدولية 

من جانبه، عدّ الخبير في السياسة التركية والمتخصص في العلاقات الدولية حسن أحمد مصطفى، أنبوب النفط العراقي – التركي، بـ"أساس الاستقرار المالي، وربط إقليم كوردستان والعراق بالأسواق العالمية"، واصفاً القرار التركي بـ"تكتيك تفاوضي".

 

وقال مصطفى، في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "أنبوب النفط العراقي - التركي، الذي يعمل منذ عام 1973، يمتلك مكانة حيوية في ديناميكية الطاقة بالمنطقة. ويوصل هذا الأنبوب الاحتياطي النفطي العراقي إلى الأسواق العالمية، مما يعزز دور تركيا كمركز مهم في توزيع الطاقة عالمياً".

 

وأوضح مصطفى، أن "هذا الأنبوب يمثل بالنسبة لبغداد وأربيل، ليس مجرد طريق لتصدير النفط، بل هو خط جيو سياسي، وجيو اقتصادي مهم، ويعد أساساً للاستقرار المالي وربط إقليم كوردستان والعراق بالأسواق العالمية. لذلك، فإن أي حديث عن قطع أو شكوك حول الاتفاقية أو تعديلها، تحديثها، أو إعادة صياغتها، يُعد مسألة بالغة الأهمية، خاصة وأن العراق يعتمد بشكل رئيس على الطاقة".

 

وفيما يتعلق بإشارة تركيا مؤخراً إلى تجديد الاتفاقية أو عدم التجديد، يرى مصطفى أن "هذا تكتيك تفاوضي، وليس رفضاً مباشراً. فأنقرة تدرك تماماً القيمة الاقتصادية والاستراتيجية لتصدير النفط العراقي، ولكنها تسعى لفرض شروط تضمن حماية مصالحها. ومن المتوقع أن تطالب تركيا العراق بإعفائها من تسديد مبلغ 1.6 مليار دولار من الغرامات المالية التي فرضتها محكمة التحكيم الدولية عليها، بسبب تصدير النفط من إقليم كوردستان دون الرجوع إلى شركة (سومو)".

 

وأشار الخبير إلى، أن "إحدى مواد اتفاقية عام 1973 بين بغداد وأنقرة، تنصّ على عدم تصدير النفط بأي شكل دون الرجوع إلى الدولة العراقية. ويبدو أن تركيا تحاول تعديل هذه المادة للتحرّر من أي التزام مستقبلي في حال تصدير النفط من إقليم كوردستان".

 

قرار مخالف للقوانين الدولية.. ولكن

في المقابل، رأى الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، أنه "لا يحق" لتركيا أو العراق، إلغاء الاتفاقية دون الرجوع إلى الطرف الآخر، فيما إذا كانت مودّعة لدى الأمم المتحدة".

 

وقال التميمي في حديث لمنصّة "الجبال"، إنه "إذا كانت الاتفاقية النفطية ما بين العراق وتركيا والتي وقّع أردوغان على إلغائها اتفاقية دولية مودّعة لدى الأمم المتحدة، فلا يمكن إلغاؤها من قبل طرف واحد إطلاقاً، وهذا يخالف كل القوانين الدولية، لكن إذا كانت هي اتفاقية ثنائية، فهنا يحق لأي طرف إلغاؤها دون الرجوع الى الطرف الآخر".

 

وأضاف، أنه "يجب الاطلاع على كامل تفاصيل الاتفاقية التي أُلغيت من قبل أردوغان، وبعد ذلك يمكن معرفة قانونية ما قام به الرئيس التركي، فإذا كانت الاتفاقية مودّعة في الأمم المتحدة فلا يمكن له التوقيع على إلغائها دون الاتفاق المسبق ما بين بغداد وأنقرة على ذلك، ويعتبر الإلغاء غير قانوني ويحق للعراق الاعتراض عليه أمام الجهات الدولية المختصة".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجبال

نُشرت في الاثنين 21 يوليو 2025 06:37 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.